سراج علي أبو السعود لسنا نبارك للاتحاد بطولة الوطن الكبرى لكرة القدم فقط، ولسنا هنا لنقول إنَّ طريقاً مفروشاً بالشوك قد اجتازه الاتحاد ليثبت عزيمةً وإصراراً ليس يحده شيء فقط، ولسنا أيضاً نُصر على أنَّ اللاعب الأول للاتحاد هو جمهوره العريق الذي آزرَ وشجع وكان بعد الله السند الأول لنيل هذه البطولة فقط، ما نود أن نبارك ونهنئ به أنفسنا كرياضيين سعوديين متنوعي الانتماءات والأهواء أنَّ إدارةً واعيةً شجاعةً امتلكت القوة في منح شعار النادي لمَنْ يستحق أن يرتديه من اللاعبين دون مزيد إصرار على تقديس أسماءٍ وإن استحقت في وقتٍ ما الثناء والتحية والإكبار إلا أنَّ الزمن فرض سنته عليهم وكان لا بد من قرارٍ شجاعٍ لغربلة الفريق وزج الأسماء القادرة على العطاء، إن إدارةً كذلك هي بحد ذاتها الإنجاز الحقيقي للوطن ورياضييه. القرار الشجاع من رئيس النادي المهندس محمد الفايز وإدارته بغربلة الفريق وزج الأسماء الشابة لم يكن يستحق الثناء والتقدير لأنَّه جُوبه بمعارضة شديدة وقاسية من محيطين ومحبين للنادي، واستطاع رغم ذلك الانتصار، بل لأنَّ ثقافة رياضيةً صُنعت لفترة طويلة لدى الرياضيين السعوديين عموماً أسهمت الصحافة بكل ثقلها في ترسيخها في الأذهان، استطاع الفايز ورفاقه أن يضعوا حداً لها، ويثبتوا أنَّ مشكلة الرياضة السعودية وتحديداً كرة القدم لم تكن في جزءٍ كبيرٍ منها إلا في إدارات الأندية التي كان يصر بعضها على عدم منح الشباب فرصة الانخراط في الفريق الأول الأمر الذي يُسهم بالنتيجة في وأد مواهب قبل بدايتها الحقيقية ودون أن تلقى فرصة حقيقية لإثبات نفسها. قبل بداية كل موسم رياضي تتسابق الأندية في تطعيم فرقها بأفضل اللاعبين المحترفين الأجانب والسعوديين، وتصرف في هذا الباب نفقات فلكية ومخيفة، شخصياً أعتقد أنَّ هكذا نادٍ سيكون أفضل بكثير لو أتى برئيس محترف يملك القدرة والقوة لاستصدار قرارات صارمة لا يجرؤ كثيرون من محبي النادي المقربين على اتخاذها. إن التفكير بعيد المدى وعدم استعجال النتائج هو جزئية مفقودة لدى نسبة ربما ليست قليلة من الرياضيين، الأمر الذي يقف حجر عثرة دائماً في التصحيح، تفكير التغيير الشجاع المدروس هو ما نحتاج إليه في بناء بنى تحتية تستطيع أن تكوِّن مستقبلاً أكثر إشراقاً للرياضة السعودية، ولا بد لنا حين الحديث عن ذلك أن نذكر أمير الشباب الراحل فيصل بن فهد – يرحمه الله – الذي استطاع صناعة رياضة سعودية متفوقة من عناصر شابة شكلت حينها النواة الحقيقية لكرة القدم التي اتت فيما بعد، استطاعت هذه الفرقة الشابة في بداية مشوارها انتزاع إعجاب العالم بأسره حينما فازت بكأس العالم للناشئين على منتخب إسكتلندا عام 1989 بكل جدارة واستحقاق، وواصل ذات الفريق إنجازاته عندما حقق كأس آسيا والتأهل المتتالي لكأس العالم. اليوم وقبل أن نهنئ نادي الاتحاد ممثلاً في إدارته وجمهوره وكل محبيه، نُهنئ أنفسنا كرياضيين على هذا الدرس المجاني لنا جميعاً من أجل تفكير أكثر منطقية وواقعية، ما أتمناه وما أدعو إليه كل الأندية السعودية لا سيما الأندية الكبيرة هو الاحتذاء بنموذج نادي الاتحاد ممثلاً في شخص رئيسه الشجاع الأستاذ محمد الفايز في إعادة صناعة فرقها الرياضية صناعة جديدة تعتمد على القدرة على العطاء داخل المستطيل الأخضر لا على تاريخ لم يكن يوماً كافياً لمنح أصحابه الحق في انتزاع البطولات والإنجازات. كل التبريك والتهنئة والتحيات لهذا الرئيس الشجاع المحنك الذي يستحق بكل جدارة واستحقاق لقب الرئيس الأول لكل أندية الوطن، والتهنئة موصولة لإدارته التي شاركته المعاناة وحلاوة الإنجاز.