انتقد الكاتب محمد زايد الألمعي سياسة تطوير التعليم في المملكة، موضحا أنه يعتمد على ضخ ذهنيات ذات منهج سلوكي عقائدي إلى بيئة التعليم، لتستبدل فلسفة التعليم ب «عقائدية معرفية». وقال الألمعي في مداخلة خلال محاضرة حملت عنوان «رؤى في تطوير التعليم» انعقدت في ختام مجلس ألمع الثقافي لموسم العام الجاري، وقدمها الباحث التربوي الدكتور يحيى آل عواض، إنّه لا يتكلّم عن الناحية الدينية تحديدا، ولكنه يعني «التوصيف العقائدي» في مجمله، مضيفا أنّ «المرجعية العقائدية هي نفسها، سواء أكانت حزبية غير مؤمنة، أم كانت مؤمنة، فهي مرجعية فائضة عن الذات المتعلمة التي تحيلها إلى أداة من أدواتها»، وعدّ مفهوم التكامل المعرفي في المملكة مشوهاً، لأنّه يقدم على شكل علاقة الدين بالرياضيات.. علاقة الدين بالجغرافيا.. علاقة الدين باللغة العربية.. ولا يقدم بمفهومه المعرفي والفلسفي الذي يدرسه المتعلمون في كل أرجاء العالم. من جهته، قال الباحث آل عواض، في المحاضرة التي قدم لها مريع سوادي، إن أحدث دراسة عن تطوير الرياضيات في المملكة، أشارت إلى أنّ جوانب القصور في التطوير تركزت في عدم وجود وثيقة للمنهج الحالي، وعدم تناسب زمن تنفيذ المنهج مع موضوعاته، وعدم توفر الإمكانيات لتطبيقه، وضعف التدريب المقدم للمعلمين، وعدم وجود أهداف مرحلية للمنهج، كما أظهرت الدراسة التي قام بها الدكتور بندر الغامدي في عام 1433ه صعوبات كبيرة لدى المعلمين في تطبيق المنهج الحالي. وأضاف آل عواض أنّ عدم معرفة المعلمين بآليات تنمية مهارات التفكير وتقاعس الإشراف التربوي عن تقديم دروس تطبيقية يسيرون عليها، وعشوائية التقويم، وعدم الفهم الواضح لمداخل النظرية البنائية وتطبيقاتها عوائق كبيرة في طريق التطوير، وأعاد الباحث آل عواض أسباب الضعف إلى أنّ عمليات التطوير تتم بشكل عشوائي ولا تبنى وفق منهجية علمية سليمة أو أسس صحيحة كالتخطيط ووضوح الهدف والتوافق مع خصائص أفراد المجتمع وحاجاتهم ومعتقداتهم، وأضاف أن التطوير لدينا لا يبنى على دراسات علمية ولا يشمل كل من له علاقة بالعملية التعليمية كما أنّه يفتقد إلى جهات إشرافية وخبراء في التطوير التربوي للمتابعة، لذلك يحدث أن يرفض المعلمون التغيير بحجة أنه لم يتم إشراكهم في هذا التطوير. وعن دواعي التطوير أشار الباحث إلى أنّ قصور المناهج الحالية، والتقدم العلمي والتكنولوجي، والتنبؤ باحتياجات الفرد والمجتمع المستقبلية، والاستفادة من التجارب العالمية في تطوير التعليم خصائص تجعل التطوير ضرورة ملحّة، ولعل تجربة اليابان الناجحة في التطوير تضعنا أمام الأمر الواقع، فالنجاح كان لأنّ اليابانيين يملكون التأهيل المعرفي والمهني كما أشار إلى ذلك أحد أشهر العلماء اليابانيين في الإدارة. وعن عوائق التطوير لدينا قال آل عواض كل المشاريع التطويرية التي أطلقت كانت بمعزل تام عن وثيقة سياسة التعليم التي تم بناؤها عام 1390ه، كما أنّ التطوير لم يتم وفق الأسس العلمية المتبعة، ولذلك حدث هذا الفشل والقصور، كما أنّه لا يوجد لدينا تكامل وترابط بين عمليات التطوير، فالتعليم منظومة واحدة متكاملة ولا يمكن أن تطور المنهج وتهمل المعلم أو البيئة. وختم آل عواض محاضرته بقوله: المعلم لدينا غير مدرب، ولكي ندربه بشكل جيد فنحن نحتاج إلى تدريب يقوم على التحفيز وتقديم برامج فاعلة تساعده على تطبيق استراتيجيات التدريس التي تتوافق مع البنائية، وكذلك أساليب التقويم، فكثير من المعلمين لدينا يعتمدون في التدريس على الحفظ في مادة كالعلوم، كما أنّ البيئة لدينا غير مناسبة وخاصة لمادتي العلوم والرياضيات ولا يمكن لمنهج تم بناؤه وفق النظرية البنائية أن ينجح إلا بوجود بيئة تتوافق مع المحتوى وتسمح للمعلم بتطبيق التعلم النشط. وفي نهاية المحاضرة كرّم مجلس ألمع الثقافي الأديب أحمد إبراهيم مطاعن بمنحه شخصية المجلس الثقافية لهذا العام، كما كرّم المجلس عدداً من الأدباء والمبدعين الذين ساهموا في تفعيل عمل المجلس في دورته الأولى.