الله وحده يعلم ماذا سيحدث في مصر يوم 25 يناير القادم، فاليوم الذي من المفترض أن يحتفل فيه المصريون بثورتهم التي أطاحت بنظام حسني مبارك، قد تتصاعد فيه الأحداث، وتزداد حدة التوتر فتنسف بهدوء كاذب تعيشه القاهرة في الوقت الحالي.الثوار الذين امتلأت بهم الشوارع والميادين سيخرجون في هذا اليوم ليواصلوا رحلة بدأت منذ عام أملاً في أن تشعل روح يناير الجموع، فتأتي بملايين تؤكد أن الثورة ما زالت مستمرة.. أما تحذيرات المجلس العسكري وإعلانه عن مخطط لإحراق البلاد في هذا اليوم، فإنه يعكس بصورة لافتة تخوفه من اندلاع ثورة جديدة تهدد بعزله وتحويله إلى المحاكمة. وبوصفه الرابح من الثورة سيجنب التيار الإسلامي نفسه من الدخول في المعركة، ليتحول إلى مراقب ينتظر نتيجة واضحة لما سيحدث، ليقرر بعدها الانحياز إلى طرف دون آخر. سيناريوهات كثيرة يمكنك أن تجيزها لتخيل أحداث هذا اليوم، بينما تكنيكات ثوار لا يعتمدون على شكل تنظيمي واحد، ويحكم تصرفاتهم ما يجري حولهم على الأرض، تجعلك تعيد النظر.وإذا كان الذهاب إلى ميدان التحرير هو أمر طبيعي، فإن البقاء في الميدان والدخول في اعتصام مفتوح – حتى تحقيق مطالب الثوار وفي مقدمتها القصاص العاجل من قتلة الشهداء – سيواجه بحزم خاصة بعد إضافة المجلس العسكري إلى القائمة الدموية.إن 25 يناير القادم هو مأزق حقيقي يضع العسكر في المقصلة، ويقدم أسئلة تنتظر إجابات فورية من الإخوان المسلمين بوصفهم أصحاب السلطة التشريعية في البلاد. تباطؤهم، وتعاملهم كمتفرج مع الموقف (قد) يضعهم في موقف ضعف أمام شعب منحهم حق الأكثرية في البرلمان، وأمام العالم خاصة الغربي الذي ينتظر مشاهدة معالجتهم للمواقف الخطرة ليحدد معالم مَنْ سيجلسون على عرش مصر. ولأن الثورة لا تعترف بلعبة المفاوضات التي يجيدها الساسة، فإن صدام قادم بين العسكر والثوار أتمنى من الله ألا يحدث سيكون هو الأعنف، ومن الممكن أن يستغله التيار الإسلامي ليتخلى عن وقوفه في صف المجلس العسكري، وبالتالي يجد الأخير نفسه في موقف قاسٍ، وقد قرر الإسلاميون إزاحته من المنصة بطريقة درامتيكية، ليعلنوا تفوقهم وانفرادهم بالحكم. الطريق ممهد أمام الإخوان لمصالحة الثوار، بينما سياسة الالتفاف التي تتبناها الجماعة، فضلاً عن النظرة المتأنية في اتخاذ القرارات ستضعنا أمام وضع متجمد يهدد باستنزاف المزيد من دماء الشهداء، وملاحقة النشطاء، وفتح أبواب المعتقلات للشباب، وهو ما يجعل من مسألة خروج آمن يطمح العسكر في الوصول إليه من خلال عقد صفقة مع الإخوان أمراً مستحيلاً. جدول الضرب الذي انتهجه الجنرالات مع الثوار منذ تخلي مبارك عن السلطة وصل للحد الذي لا يمكن قبول حصص إضافية منه، خاصة في يوم يرصد فيه العالم كل صغيرة وكبيرة تجري على الأراضي المصرية، فإذا أخذنا في الاعتبار انقلاب العسكر على البيت الأبيض الذي يضيق الخناق على العسكر، يمكننا أن نلمح اليد الأمريكية تستعد لمصافحة الإخوان وتهنئتهم بالوصول إلى الحكم، وهو ما يحتم عليهم السرعة هذه المرة في اتخاذ القرار.