مما لا شك فيه أن اللغة الإنجليزية هي لغة العلم والتكنولوجيا في هذا العصر؛ عطفاً على التطور العلمي والتقني الهائل الذي تُصدِّره البلدان الناطقة بها، ولكونها قد أصبحت اللغة العالمية الأوسع انتشاراً، حتى غدت لغةً عالمية ووسيطاً للتواصل بين الشعوب والحضارات المختلفة، ونافذةً على المعرفة بشتى مجالاتها وصورها، في ظل النمو والازدهار الذي تعيشه هذه اللغة الحية منذ بدايات الثورة الصناعية الأولى وصولاً إلى عصرنا الحالي، كحالةٍ خاصة لم تشهدها أي لغةٍ أخرى في العالم. لكن الواقع المؤلم أن مخرجات تعليمنا العام والجامعي فيما يخص اللغة الإنجليزية في غاية الضعف والهشاشة، لأسبابٍ واعتباراتٍ متعددة لا يتسع المجال لذكرها، ومع ذلك فإنّ معظم جامعاتنا الموقرة وعلى صعيد الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراة؛ جعلت مستوى إتقان الطالب للغة الإنجليزية معياراً رئيساً للقبول، واشترطت الحصول على درجةٍ محددة في أحد الاختبارات المعيارية لتقييم الكفاءة في اللغة الإنجليزية كاختبار (التوفلTOEFL) و(الآيلتس (IELTS) و(ستيب STEP)، ومن لا يحصل على تلك الدرجة يتم حرمانه من القبول نهائياً حتى وإن نجح في اجتياز المحكّات (الأساسية) كالمعدل الجامعي والاختبارات التحريرية والمقابلات الشخصية؛ بحجة أنّ اللغة الإنجليزية هي لغة المراجع والدراسات العلمية، ولا غنى لطالب الدراسات العليا عنها ليكون باحثاً جيداً في مجال دراسته الجامعية. وبكل صدق؛ فالمبررات السابقة في غاية المنطق والموضوعية فيما لو كانت الإنجليزية لغة التدريس في جامعاتنا العزيزة، أما أن تكون (اللغة العربية) هي اللغة المعتمدة للتدريس في جميع مقررات الدراسات العليا، بالإضافة إلى وجود من لا يتقن اللغة الإنجليزية من ضمن أعضاء هيئة التدريس في أغلب الجامعات، فإنّ جعل شرط اللغة (محكاً للاستبعاد) يُعدّ نوعاً من التعنت والتعسف، وخصوصاً أنّ جميع المتقدمين هم من مخرجات تلك الجامعات ولم يأتوا من كوكبٍ آخر، وقد يكون من واجب التعليم الجامعي أن يعيد تأهيلهم ويساهم في رفع كفاءتهم اللغوية مع إتاحة الفرصة لهم لإكمال دراساتهم العليا بدلاً عن (طردهم) ووضع العراقيل في طريقهم، وكأنهم المسؤولون الوحيدون عن نتائج القصور في تعليم اللغة طوال مراحل التعليم المختلفة..! ختاماً؛ كم نتمنى أن يصبح مستوى الطالب في اللغة الإنجليزية (متطلباً) من المتطلبات الدراسية، وليس (شرطاً أو معياراً) للقبول في مرحلة الدراسات العليا، كما نأمل من الجامعات أن تكون أكثر مرونةً وإيجابية باتخاذ خطواتٍ عملية في سبيل تحقيق الغاية من تعلم اللغة، ولن تنقصها الخيارات ولا الإمكانيات متى ما أرادت ذلك، لتكسب (كلتا الحسنين)؛ قبول المتميزين ورفع مستوى كفاءتهم اللغوية، وخصوصاً أنً جامعاتنا (كأرضنا) (بتتكلم عربي) حتى الآن..!