يسود الغليان قطاع الموظفين في السلطة الفلسطينية على اثر إعلان حكومة سلام فياض عن طرح مشروع قرار بإحالة 26.300 موظف إلى التقاعد المبكر، وإجراء تعديلات ضرائبية تفرض على الموظفين في جميع المجالات ضريبة بمعدل 5% من راتبه الإجمالي. «الشرق» تابعت هذا الموضوع وانعكاساته على الشارع الفلسطيني. ويتضمن مشروع القرار الذي جاء تحت عنوان خطة الحكومة التقشفية للعام 2012 التي حصلت عليها «الشرق» عدة بنود أهمها البند الأول الذي يقول «وفقاً لأحكام قانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959 لاسيما المادة رقم (15) منه فإن لمجلس الوزراء إحالة الموظف الخاضع لأحكامه إلى التقاعد المبكر إذا أكمل 15 سنة خدمة مقبولة لغايات التقاعد». وقال نائب رئيس المجلس التشريعي إن هذا المشروع لم يتم إقراره حتى الآن. وأضاف خريشة في تعقيب خاص ب»الشرق» يجب ألا يقر القانون إلا من خلال المؤسسة التشريعية، على اعتبار أنه يمنح الرئيس صلاحية إقرار قانون بمرسوم رئاسي عند الضرورة والحاجة. وأعرب خريشة عن أمله ألا يقوم الرئيس الفلسطيني بإقرار القانون، مشيراً إلى أنه لا يخضع لا للضرورة ولا للحاجة القصوى، وأن القانون يمس المجتمع الفلسطيني، وأن تقاعد هؤلاء سيضيف أعداداً كبيرة من المواطنين إلى خط الفقر، وسيدخلون في إطار قطاع البطالة التي يعيشها الشباب الفلسطيني لأن كل من أمضى 15 عاماً سيتقاضى %50 من راتبه الأساسي الذي لا يكفي لحياة كريمة في ظل الغلاء الفاحش. وأعرب خريشة عن اعتقاده بأن طرح القانون في هذه المرحلة الحساسة هو محاولة إلهاء المواطن في لقمة عيشه. وعدّه شكلاً جديداً من الفساد، وسلوكاً تعسفياً من السلطة، ولا يجب ترك الأمور تحت طائلة الأمزجة وأطالب الرئيس محمود عباس بألا يتدخل في هذا الموضوع وتركه للمجلس التشريعي. الحكومة طرحت المشروع دون استشارة أي جهة وفي السياق نفسه قال رئيس نقابة الموظفين الحكوميين بسام زكارنة إن هذا المشروع ما زال على طاولة الحكومة. ووصف زكارنة في حديث خاص ب»الشرق» مشروع القانون بالخطير، ويهدد مستقبل 26.300 موظف يعملون لدى السلطة الفلسطينية. وأضاف زكارنة أن الحكومة طرحت هذا المشروع دون استشارة أي من الجهات الفلسطينية سواء على الصعيد الحزبي أو النقابي وأن القانون يشمل الكادر المدني منذ 15 عاماً الذين خدموا في القطاع العسكري منذ عشرين عاماً. وأوضح زكارنة أن راتب الموظف بالأصل في حالة من التآكل نتيجة ارتفاع الأسعار والقروض المترتبة على الموظفين. وحذر زكارنة من غليان الشارع الفلسطيني احتجاجاً على قرارات حكومة فياض، معدّاً أن هذه القرارات تتعارض مع القانون الفلسطيني، وأن الحكومة لا تملك حق إصدار هذه القرارات. وكشف زكارنة عن أن نقابة العاملين في القطاع الحكومي ستمارس حقها بالإضراب والاعتصام والاحتجاج إذا ما تم إقرار التعديل الضريبي وقانون التقاعد الإجباري، مشيراً إلى أن النقابة ناشدت الرئيس «أبو مازن» بعدم المصادقة على هذه القوانين. وعلمت «الشرق» من مصادر موثوقة في مجلس الوزراء أن أحد الوزراء اتصل به وأخبره أنه تلقى تهديدات بحرق وزارته، وجميع الوزارات الأخرى إذا لم تتراجع الحكومة عن مشروع قرارها. واتهم زكارنة حكومة فياض بتوتير الساحة الفلسطينية، ودعا إلى تشكيل لجنة من النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والفصائل والحكومة والشخصيات المستقلة؛ لدراسة انعكاس هذه القوانين على الشعب والسلطة الفلسطينية. المواطن الفلسطيني يتعرض للنهب وقال الناشط الحقوقي محمد مناصرة إن الليبرالية الاقتصادية التي تقودها حكومة فياض مدمرة. وأضاف مناصرة الذي يدير مركزاً لحقوق الإنسان أن حكومة فياض أطلقت يد الشركات الخاصة لامتصاص دم المواطن الفلسطيني بدون رقابة. وأكد مناصرة أن المواطن الفلسطيني يتعرض «للتشليح» بهذه القوانين التي عدّها قوانين جباية وليست سياسة تقشف، مشيراً إلى إغلاق المصانع والمشاغل وتعرض المواطن للنهب من الشركات الخاصة. ونفى مناصرة أن تكون نسبة %5 التي سيفرضها تعديل القانون الضريبي على ودائع الشركات الخاصة في البنوك مضراً بالاستثمار ويهدد بمستقبل هذه الشركات، وأن هذه النسبة ستحصل عليها الشركات من المواطن الذي يتعرض للسرقة والنهب، على حد قوله. النقابات طالبت الحكومة بفتح حوار من جهتها أكدت نقابة العاملين في مؤسسات وشركات القطاع المالي في فلسطين، رفضها توجه الحكومة بتعديل الشرائح الضريبية بالشكل المقترح، ورفع ضريبة الدخل على رواتب العاملين لتصل إلى %30. داعية الجميع إلى الضغط بكل السبل لوقف إقرار القانون واتخاذ الإجراءات التي كفلها القانون في ذلك المجال.