جدّدت المملكة العربية السعودية تمسكها باختيار السلام بوصفه خياراً استراتيجياً أمام الغطرسة الإسرائيلية والتحدي الذي يقف عائقاً أمام فرص السلام ، وتؤكد المملكة مطالبة مجلس الأمن بالتحرك لحماية الأسرى الفلسطينيين وتدعو مجلس حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية إلى العمل على تفقّد أوضاع الأسرى وإبراز مايتعرضون له من انتهاكات لحقوقهم السياسية والإنسانية والجسدية . وأكّدت المملكة في كلمتها التي ألقاها مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأممالمتحدة معالي السفير عبد الله بن يحيى المعلمي أمام مجلس الأمن في المناقشة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط التي عقدت في نيويورك اليوم أن التحدي والعناد الإسرائيلي يقفان في طريق تحقيق السلام في الشرق الأوسط ، لافتاً إلى أن إسرائيل تواصل توسيع المستوطنات وإن معاملتها للأسرى الفلسطينيين تعبير عن /التحدي والاستخفاف بالمجتمع الدولي/. وفيما يلي نص الكلمة .. ” أود أن أشكركم على الدعوة إلى عقد هذه المناقشة المفتوحة بشأن الحالة في الشرق الأوسط ، كما أود أن أؤكد تأييد بلادي لما ورد أو سيرد في كلمات المتحدثين باسم جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز . مازال البحث عن السلام والحل العادل المنصف للقضية الفلسطينية يبدو سراباً مخيباً للآمال ، ومازالت إسرائيل تعبر عن استهتارها واستخفافها بإرادة المجتمع الدولي ، وتتمادى في التوسع في إنشاء المستوطنات أو الإعلان عن العزم عن ذلك ، وتستخف بأرواح الأسرى الفلسطينيين في سجونها وتعرضهم للموت جوعاً وقهراً مثلما مات الشهيد ميسرة أبو حمدية هذا الشهر وقبل ذلك الشهيد عرفات جرادات ، كما يستمر المستوطنون في الاعتداء على أبناء الشعب الفلسطيني مثل الاعتداء الوحشي الذي تعرض له الطفل مالك عادل الشاعر البالغ من العمر تسع سنوات ، حيث قامت سيارة بعض المستوطنين بدهسه يوم التاسع من مارس 2013م. إن المملكة العربية السعودية تطالب مجلسكم الموقر بالتحرك لحماية الأسرى وتدعو مجلس حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية إلى العمل على تفقد أوضاع الأسرى الفلسطينيين وإبراز مايتعرضون له من انتهاكات لحقوقهم السياسية والإنسانية والجسدية ومايقابلون به من إهمال يصل إلى حد الإجرام ، كما نطالب المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل باحترام حقوق الأطفال ونلفت الانتباه إلى تقرير منظمة اليونيسيف الصادر في فبراير 2013 م الذي أشار صراحة إلى العقوبات الوحشية غير الإنسانية التي تفرضها إسرائيل وجنود الاحتلال على الأطفال الفلسطينيين المحتجزين في سجون إسرائيل. مازالت المملكة العربية السعودية والدول العربية جمعاء تتمسك باختيار السلام بوصفه خياراً استراتيجياً ، ولقد أثبتت المملكة العربية السعودية والدول العربية حسن نواياها عندما تقدمت بمبادرة السلام العربية في عام 2002م ، إلا أن ممارسات اسرائيل العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وتهديداتها المتواصلة للحرم القدسي الشريف وانتهاكها لحرمته ، كل ذلك يؤدي إلى تضاؤل آمال السلام وتقلص فرصة حل الدولتين الذي تعارف عليه العالم وبموجبه تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على أراضي فلسطين التي احتلتها اسرائيل في يونيو 1967م ووفقاً لخطوط الرابع منه. لقد آن الأوان لأن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي لأراضي فلسطين وللجولان العربي السوري وللأراضي اللبنانية المحتلة ، وآن الأوان لأن يعيش الشرق الأوسط إشراقة سلام عادل شامل منصف ، وآن الأوان للاجئين الفلسطينيين أن يعودوا من الشتات وأن تتحقق آمالهم وتطلعاتهم وفقاً لقرار الجمعية العامة ذي الرقم 194 ، وآن الأوان لأن يقطف أبناء المنطقة ثمار السلام وأن يعيش أبناؤهم في كنف الأمن والاستقرار وان تتحقق لمجتمعاتهم التنمية والرخاء ورغد العيش الذي يستحقونه ويصبون إليه .. كفى للعدوان .. وكفى للاستيطان .. وكفى للاحتلال. يتدهور الوضع في سوريا يوما بعد يوم ، حيث قتل حتى الآن أكثر من سبعين ألف شخص كما ورد في البيان المشترك للوكالات الإنسانية للأمم المتحدة الصادر هذا الشهر ، كما أن المفوض السامي لشؤون اللاجئين قد قدم في الأسبوع الماضي أرقاماً مفزعة عن اللاجئين السوريين حيث توقع أن يصل عددهم إلى أكثر من ثلاثة ملايين إنسان ، ولقد أصبحت هذه المشكلة تمثل عبئاً اقتصادياً لدول الجوار به ، بل أصبحت تمثل تهديداً خطيراً لأمنها واستقرارها . لقد أدان العالم عبر قراراته الصادرة عن الجمعية العامة النظام السوري الذي مازال يسعى جاهداً إلى الحفاظ على سلطته فوق أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب من أبناء الشعب السوري ، كما أكدت جامعة الدول العربية التي تعبر عن ضمير الأمة العربية عن ضرورة التوصل إلى حل منصف عبر تمكين الشعب السوري من الدفاع عن نفسه ، والحفاظ على حقوقه وكرامته ، وتحقيق تطلعاته نحو الحرية ، ولقد شهدنا مؤخراً الخطوات الجريئة التي اتخذتها قوى المعارضة السورية نحو توحيد صفوفها وتشكيل الائتلاف الوطني السوري واعتراف أكثر من مائة دولة في العالم به ممثلاً للشعب السوري ، ومبادرة الجامعة العربية إلى دعوته لشغل مقعد سوريا في الجامعة ، ولقد حان الوقت لكي يتولى الشعب السوري موقعه الملائم في المنظمات والهيئات الدولية. لقد قال الشعب السوري كلمته ، بل أطلقها صرخة مدوية حينما أكد ضرورة رحيل هذا النظام الذي فقد شرعيته عندما تطاول على أرواح مواطنيه ، وإن البحث عن حل منصف في سوريا يجب أن يبدأ بإتاحة الفرصة للشعب السوري لكي يفتح صفحة جديدة تشرق معها عليه شمس الحرية ويمارس بها حقه في اختيار قيادته وممثليه بعيداً عن سلطة هذا النظام وجبروته. نيويورك | واس