المتقاعد (وهو موظف انتهت مدة خدمته، وخصص له بموجب أنظمة التقاعد معاش تقاعدي) يجد نفسه أمام عديد من مطبات الحياة، وحزمة من التعقيدات في الأنظمة والقوانين، بعد أن يقل راتبه ويذهب ثلثان منه، الأمر الذي يؤثر سلبا على معيشة أسرته، ويكدر صفو حياته المتبقية. فالموظف السابق الذي أنهى حياته العملية في خدمة وطنه ممنياً النفس بأن يكون التقاعد تكريماً له، وراحة من أعباء الحياة الوظيفية، يجد نفسه مضطراً للبحث عن عمل جديد -حسب ماسرد متقاعدون ل»الشرق»- حيث حكوا واقعاً مغايراً وقصصاً مأساوية كشفت معاناة عديد من المتقاعدين الذين ازدادت حياتهم صعوبة، وتكالبت عليهم الظروف، ولجوء للبحث عن فرص عمل قد تكون في طبيعتها أكثر إرهاقاً لهم مما كانوا يمارسونه من عمل سابق. فبعضهم تراكمت عليه الديون، ويسكنون في منازل مستأجرة ويعانون أوضاعا اجتماعية ومادية في غاية الصعوبة، وطالب المتقاعدون الذين التقتهم الشرق بتحسين رواتبهم التقاعدية ووضع حد أدنى لها، وتوفير تأمين طبي لهم ولأسرهم وتأمين سكن لمن لا يمتلك، وسداد مديونياتهم وإتاحة برنامج اقتراض يتناسب مع وضعهم المالي. مساعدات مقطوعة عوض المالكي أكد مدير مكتب الضمان الاجتماعى في منطقة الحدود الشمالية عوض المالكي إمكانية أن يستفيد المتقاعد من البرامج التي يقدمها الضمان شريطة أن يكون من مستفيدي الضمان. وأوضح أن المكتب يقدم برنامج مساعدات مالية مقطوعة يتم صرفها لمستفيدي الضمان الاجتماعي من المتقاعدين مرة كل عامين بما يتناسب مع دخل المتقاعد وعدد أفراد أسرته. ومن لم يكن من المستفيدين من الضمان وتنطبق عليه الشروط فنقوم بتسجيله في الضمان، وبالتالي يستفيد من البرامج التي يقدمها الضمان، وإذا كان لديه القدرة على عمل مشروع إنتاجي فأننا ندعمه في مشروعه. معاناة المتقاعدين نافل الرويلي وقال نائب رئيس جمعية المتقاعدين في منطقة الحدود الشمالية نافل بن جربوع الرويلي بأن الجمعية تناقش موضوع معاناة المتقاعدين، وتقوم بحصر جميع أعضائها الذين يرغبون الحصول على فرصة عمل حسب مالديه من خبرات ومؤهلات، وإعطاء من يرغب من الأعضاء بمشهد للجهة التي لديها توظيف بما لديه من خبرات، كما أن الجمعية تتواصل في كل عام مع الجهات الحكومية لتزويدها بأسماء من سيتم تقاعدهم وأعمالهم لإعداد بيانات خاصة عن خبراتهم ومؤهلاتهم. مبيناً أن الجمعية تعقد اجتماعاً كل يوم إثنين من كل أسبوع داعياً من لديه أية مقترحات من المتقاعدين إلى التواصل مع الجمعية. خدمات إلكترونية عايد مبارك وكشف مدير مكتب التأمينات الاجتماعية في منطقة الحدود الشمالية، عايد بن مبارك العنزي، عن أن عدد المشتركين 37,509 مشتركين، منهم 4,743 سعودياً، وعدد المستفيدين 2,728 مستفيداً، تُصرَف لهم مستحقات تبلغ حوالي 72 مليوناً سنوياً، مضيفاً أنَّ جميع خدمات نطاق المنطقة يتمُّ تقديمُها من خلال مقره بمدينة عرعر أو من خلال مندوبي المؤسسة بكلٍّ من محافظات طريف ورفحاء. وذكر أنَّ المكتب يقوم بنظام التأمينات الاجتماعية على العاملين في القطاع الخاص وعلى بند الأجور في القطاع الحكومي ليوفر لهم ولأسرهم حياةً كريمةً بعد تركهم العمل بسبب التقاعد أو العجز أو الوفاة، كما يقدم العناية الطبية للمصابين بإصابات عمل أو أمراض مهنية، والتعويضات النقدية عند حدوث عجز مهني أو وفاة. مبيناً أنَّ الفرع يتكفل بتقديم معاش التقاعد، ومعاش العجز غير المهني، ومعاش التقاعد المبكر، ومعاش الوفاة عند وفاة صاحب المعاش حيث يتمُّ إيداعها في الشهر التالي لوفاة الموظف بعد تقسيمه بين الورثة بالتساوي،وأكد العنزي أن هذه الخدمة تقدم للعملاء على شبكة الإنترنت من خلال موقع التأمينات الإلكتروني والسداد الآلي، والربط المباشر مع نظام التأمينات والرسائل القصيرة وهاتف التأمينات والخدمات الاستباقية. نقلة نوعية د. نجاة كرامي وقالت رئيسة اللجنة الإعلامية النسائية في الجمعية الوطنية للمتقاعدات في المدينةالمنورة الدكتورة نجاه كرامي إن مدخول المتقاعدين من الناحية المادية مبلغ لا يستهان به، أعتقد أن بنوكنا الوطنية قد تتنافس فيما بينهما لإيداع هذه المبالغ لديها واستثمارها، ومن عوائدها تقوم بتقديم الخدمات والأنديه الترفيهية، وكل مايليق ويحتاج المتقاعد على سبيل المثال: بطاقة متقاعد، تسري عليها تخفيضات في كل وسائل النقل والمستشفيات، وأن يكون لهم الأولوية في كل مايحتاج إلى انتظار مع تخصيص أماكن خاصة براحتهم. فقد أعطوا عندما كان المجتمع محتاجا لهم، والواجب على المجتمع أن يرد لهم عند حاجتهم الآن. فإن تعثر ذلك فعلى الأقل أن يتمتعوا بالعوائد المالية والأرباح لمستحقاتهم وهو أضعف الإيمان». وأضافت «أعتقد التأمينات أفضل بما سمعناه ولمسناه من الشركات كأرامكو وغيرها بما يقدمونه، حيث لا يغفلون عن احتياجات الفرد بعد تقاعده أو استقالته. وأتمنى على القائمين في مؤسسة التقاعد مواكبة التطور السريع في مجتمعنا. وعلى الأقل محاكاة المجتمعات الخليجية المجاورة لنا وما تقدمه لمنسوبيها من خدمات». قطان.. قادته الظروف للعمل دلاّلا في الخردة حينما يكون للكفاح عنوان، وللمعاناة شاهد، فلن نجد أفضل من قطان ليكون نموذجاً يستشهد به على تدهور حال المتقاعدين، وقسوة الحياة عليهم وصعوبة الظروف التي يواجهونها. قطان صاحب الشخصية المرحة التي لا تمل، يبلغ من العمر 63 عاماً أمضى 18 عاماً من عمره في خدمة الوطن من خلال عمله في حرس الحدود منها عشرة أعوام أمضاها في العمل في المراكز الحدودية. حينما تقاعد قطان كان يصرف له 1200 ريال في البداية، ويستقطع منها 600 ريال كونه استحصل على كافة حقوقه، وظل عامين متتالين على هذا الحال لا يتبقى له سوى 600 ريال، وما عساها أن تفعل وهو يسكن في منزل يدفع أجاره 1800 ريال، بعد أن حرم من الحصول على أحد المنازل الخيرية بحجة أنه حصل على أرض باعها قبل 27 عاماً. فلم يقبل أن ينظر لما في أيدي الناس، ولا أن يستجديهم فقرر البحث عن أية فرصة عمل فلما لم يجد قرر السفر إلى الرياض. وهناك حصل على وظيفة رجل أمن في إحدى الشركات الخاصة براتب 2300 ريال، وبقي عامين متتالين إلى أن أنهى استقطاع ماعليه لراتبه التقاعدي. وبعدها قرر العودة إلى عرعر حيث أصبح يتسلم 1725 ريالا، لا تكفى إيجار البيت.فبحث عن عمل، فأصبح دلالا على بيع البضائع في سوق الخردة التي باتت معيشته بما يستحصل عليه في كل يوم، والذي يتراوح مابين عشرين ريالا ولا يزيد في أحسن أحواله عن مائة ريال. قطان دائماً مايردد «كل ما ضاقت لازم تنفرج « وطالب المسؤولين بضرورة إعادة النظر في رواتب المتقاعدين، ووضع حد أدنى يتناسب مع صعوبة الحياة وارتفاع الأسعار. مثيب اللميع.. يعول أسرتين وراتبه لا يتجاوز 2300 ريال يعول مثيب اللميع أسرتين فهو متزوج من امرأتين تسكن كل واحدة منهما في منزل مستأجر بمبلغ ألف ريال تقاعد عام 1429ه وأصبح ما يتقاضاه من راتب تقاعدي لا يتجاوز 2300 ريال، بعد أن خدم عشرين عاماً في الدفاع المدني. أصيبت إحدى زوجتيه بسرطان الدم منذ خمس سنوات، ومنذ ذلك الوقت وهو يبحث لها عن العلاج، وأمام قلة ذات اليد لم يكن أمامه إلا أن يستدين للمصاريف التي ينفقها أثناء ذهابه لمراجعة المستشفيات، فأصبحت الديون تتراكم عليه حتى بلغت مائة ألف ريال، وأصبح مطارداً من قبل دائنيه. فقام بشراء سيارة مستعملة وتحويلها إلى «تاكسي أجرة» يعمل عليها، ولا يتجاوز ما يستحصله في أحسن حال الخمسين ريالا. حاول أن يستفيد مما يقدمه الضمان الاجتماعي من إعانات لكن تم رفضه بحجة أن عمره لم يبلغ ستين عاماً. يقسم مثيب بأنه تمر ليال كثيرة دون أن يجد ما يأكله هو وعائلته. البناقي.. يحتطب في الصحراء ليقيت أهله لدى حامد خلف سلامة البناقي أسرة مكونة من 13 شخصا، تمت إحالته للتقاعد بموجب تقرير طبي، وأصبح يتقاضى راتبا تقاعديا لا يتجاوز 2800 ريال يدفع منه 1200 ريال قيمة إجار المنزل الذي يسكن فيه، ولا يبقى له سوى 1600 ريال. ولشدة الحاجة، وكونه لا يحمل من المؤهلات ما يتيح له فرصة عمل أخرى، يستطيع من خلال ممارسته تعويض العجز الذي لحق براتبه عقب تقاعده، سوى اللجوء إلى مهنة موسمية لا تؤتي أؤكلها، ولا يجني من ثمارها، وهي الاحتطاب من مناطق صحراوية، فأصبح يجمع الحطب في أكياس من الخيش ليحتطب من منطقة تبعد 300 كم في منطقة صحراوية يتدنى فيها مستوى درجة الحرارة عن خمس تحت الصفر، لجأ إلى جلب الحطب بسيارته الخاصة «سوبربان» موديل عام ثمانين من منطقة الإيدية في النفود التي تبعد عن عرعر قرابة 300 كم حيث يمكث هناك ثلاثة أيام متعرضاً للأمطار وللأخطار وأعطال السيارة والبناشر وانعدام شبكة الجوال. يحتطب شهرياً مرتين إلى ثلاث مرات، وكل رحلة تتكلف مصاريفها مائتي ريال، وبعد أن يحضره يقوم بتقسيمه في أكياس دقيق لا تتجاوز عشرين كيساً فارغا لبيعه بقيمة تصل في أحسن أحوالها 25 ريالا، ولا يتجاوز إجمالي ما يبيعه 500 ريال. وبعد جلبه إلى السوق يبقى منتظراً مالا يقل عن أربعة أيام ليتم بيعه. الحازمي.. أضطر إلى رهن أرضه لتوفير سيارة تقاعد خلف الحازمي تقاعدا طبياً من الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة الحدود الشمالية بعد أن أمضى أكثر من سبع سنوات يعمل حارسا لإحدى المدارس، وهو مسؤول عن أسرة مكونة من عشرة أشخاص يسكنون في منزل مستأجر بقيمة 1800 ريال في أحد أحياء عرعر، بينما راتبه التقاعدي 1700 ريال. واضطر إلى رهن الأرض التي كان يمتلكها مقابل قيمة سيارة استدانها لتنقله وعائلته، ما أجبر زوجته على تحمل مسؤولية هذه الأسرة والإنفاق عليهم من خلال ما تتقاضاه من راتبها التقاعدي. العنزي.. خمسيني يعمل سائق «حافلة» للطالبات والمعلمات أحيل فهد قريبان العنزي للتقاعد بعد أن أمضى 15 عاماً من الخدمة العسكرية في حرس الحدود بمحافظة طريف، التي لايزال يفتخر بها، ويعدها من أجمل مراحل حياته، وأصبح الآن لا يتقاضى سوى 1900 ريال. هو العائل لأسرة تتكون من 15 فرداً، لم يحصل أحد منهم على فرص وظيفية.. وفي وقت كان من المفترض أن يرتاح فيه ذهب ليبحث عن فرصة عمل ليس بحثاً عن رغد العيش، وإنما بحثاً عن توفير لقمة العيش الكريمة، ولم يجد فهد الرجل الخمسيني إلا أن يشتري «حافلة صغيرة» بالتقسيط بقيمة تجاوزت ثمانين ألف ريال؛ ليقوم بالعمل عليها سائق مشاوير يقوم بإيصال الطالبات والمعلمات. وعن أمانيه وأحلامه البسيطة بساطة شخصيته فهي لا تتجاوز إلا سداد ماعليه من دين، والمساعدة في توظيف أبنائه، وتأمين مسكن يؤويه وعائلته. اللميع أمام مكتب النقل الجماعي ينتظر الركاب حامد البناقي يبيع الحطب (الشرق) المشكلات التي يواجهها المتقاعد المسن