فتح الناقد والباحث الدكتور محيي الدين محسب نقاشا «أكاديميا» حول قوة اللغة وعنفها، في محاضرة ألقاها في أسبوعية القحطاني الثقافية في جدة مساء أمس الأول، بدا فيها أنه يطرح الأسئلة أكثر مما كان يقدم إجابات عليها. واستهل محسب المحاضرة، التي حملت عنوان «اللغة تفعل»، بالحديث عن تاريخ «قوة اللغة، مقدما نظرة عامة في جملة من التعبيرات المتداولة التي تبين إدراك العرب لقوة اللغة، مدللا على ذلك بعبارات تشير إلى عنف اللغة، مثل «الكلمة أقوى من الرصاصة»، واللغة «سلاح ذو حدين». وحول عنوان المحاضرة، قال محسب في رده على إحدى المداخلات، إن «اللغة تفعل» فعلاً، وذلك بتأثيرها غير الملموس والنسبي الذي يختلف من شخص لآخر، موضحا أن «في السوق استعارات، أكثر مما في دواوين الشعراء». وفي رده على مداخلة أخرى، أوضح أن لكل مرحلة تاريخية استعاراتها التي تكشف عن علاقات القوى والتضامن السائدة، ولا نستطيع إلا أن نفكر إلا بطريقة استعارة مفهوم لكي يمثل مفهوما آخر. وكان محسب قد أشار في محاضرته إلى أن من الظواهر التي يربط الباحثون بينها وبين قوة اللغة ظاهرة «التعبير الخادش»، مفضلا أن يدير النقاش حول آليات قوة اللغة بدلا من النقاش حول ظواهر قوة اللغة، ليتحدث بعد ذلك حول تلك الآليات بالإشارة إلى بعض النظريات «الكبرى» في هذا السياق، ومنها: نظرية النسبية اللغوية التي ترى أن الشكل اللغوي هو الآلية التي تمارس بها اللغة قوتها في تشكيل التفكير، ونظرية علماء الإدراكيات الذين ذهبوا إلى أن «الاستعارات» هي الآلية القوية التي تشكل طريقة عمل التفكير البشري. وقال إن الاستعارة تصبح آلية من آليات التأثير والقوة حين يستخدمها الأقوياء لترسيخ إدراك معين حول مفهوم معين. واختتم محسب محاضرته بالحديث عن نظرية «التسريب الضمن»، بمقاربة تحليلية تطبيقية لإحدى القصص الواردة في كتاب «الأذكياء» لابن الجوزي.