شكلت لحظةٌ شاهدتْ فيها كاتبةُ قصص الأطفال باللغة الإنجليزية لانا سلطان رجلاً يلتقط علباً بلاستيكية، ويضعها في سلة مخصصة لإعادة تدوير النفايات، منعطفاً في حياتها، وتقول «كنتُ أقف مع ابني في أحد شوارع مدينة (فانكوفر) في كندا قبل بضع سنوات، حيث كنا نمضي إجازة الصيف هناك، وشد انتباهنا رجل يرتدي بدلة أنيقة وينحني ليلتقط قارورة ملقاة على الأرض، ثم يمشي ليرميها في السلة الخاصة بإعادة تدوير المواد، فما كان من ابني إلا أن بحث عن قارورة أخرى وكرر الفعل ذاته، بعد هذه الحادثة أصبحت مهتمة، وقررت أن أتحول إلى مدافعة عن البيئة، وأحسست بالذنب لافتقارنا إلى هذه القيم في ثقافتنا، رغم أن ديننا يوصي بالحفاظ على موارد الطبيعة». تغيير الذات وتضيف سلطان «ليس من السهل أن يغير الإنسان مجتمعه كاملاً؛ لذا قمت بداية بخطوات بسيطة طبقتها أولاً على نفسي وأسرتي، وثقفت نفسي بيئياً، فقرأت كماً هائلاً من الكتب المتخصصة في البيئة»، مؤكدة توقفها عن استخدام الأكياس البلاستيكية، واستبدالها بأكياس القماش التي تحملها معها أثناء ذهابها للبقالة أو لمراكز التسوق، كما توقفت عن شراء الماء المعبأ في قوارير بلاستيكية، واستعاضت عنه بتعبئة الماء لها ولزوجها وابنها قبل خروجهم من المنزل في قوارير (الستان ستيل). ولم تكتف بذلك، بل فكرت في أن تغيير المجتمع يجب أن ينطلق من الأطفال؛ لأنهم سيتولون القيادة وصنع القرار مستقبلاً، فكتبت سلسلة قصص جعلت بطلها طفلاً أسمتها «the amazing adventure of ECO boy»؛ أي «المغامرة المذهلة لفتى البيئة»، وتهدف إلى غرس قيم حب البيئة فيهم بطريقة محببة، كما اهتمت بكون الشكل الخارجي للقصة جذاباً ويضاهي إخراج القصص الأمريكية والأوروبية، كما استخدمت سلطان في طباعة القصص ورقاً معاداً تدويره، وبذلت جهداً كبيراً حتى تمكنت من العثور عليه، ورغم بحثها الطويل عن حبر الصويا الصديق للبيئة لاستخدامه في طباعة قصصها، إلّا أنها لم تجده. سماد ومنظفات وترى لانا أن الإنسان لا يؤثر في الآخرين ما لم يبدأ في تطبيق قناعاته على نفسه أولاً، وتذكر أنها انتقلت إلى مرحلة متقدمة من العناية بالبيئة، فوضعت أربع حاويات لإعادة تدوير الورق والبلاستيك والزجاج والألومنيوم، وجعلت مكان حاوية الورق في غرفة ابنها. إلا أنها بدأت بتصنيع سماد الحديقة، عبر تخصيص حاوية خارج المنزل تجمع فيها مخلفات الفواكه والخضار وقشر البيض ولحاء النباتات وأكياس الشاي، مع إضافة أوراق الشجر الخضراء، وتترك حتى تتحلل وتستخدم كسماد». وتنوه إلى أنها لا تشتري المنظفات المنزلية، بل تصنع معظمها بنفسها، فتنظف الأسطح الزجاجية بالخل والماء، الذي يقتل %99 من الميكروبات، بينما تلمع الأسطح الخشبية بزيت الزيتون، وتضيف بيكربونات الصوديوم إلى خلطات أخرى، وتؤكد عدم تناولها إلا الطعام العضوي؛ لذا تشتري الفواكه والخضار من مزارعين لا يستخدمون المبيدات الحشرية، فهي لا تزول دائماً مع الغسل كما في الفراولة، وتضيف لانا أنها تصنع عباءتها بنفسها، باستخدام أقمشة ملابس استغنت عنها، وتطبق إعادة تدوير المواد على ملابسها. نادي البيئة لم تبدأ سلطان الكتابة إلا مؤخراً، غير أن شغفها بقراءة الكتب ظهر باكراً، فكانت فرحتها بامتلاك قصة جديدة عندما تصحبها والدتها للمكتبة توازي حصولها على أجمل لعبة، وتشجع الأطفال باستمرار على حب القراءة والكتابة، التي لا تحدد بعمر يعيق الكتابة. وتؤكد لانا مشاركتها في عدة أنشطة بيئية، منها دعوتها للمشاركة في يوم الأرض العالمي في مدينة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في جدة. مشيرة إلى أنها أنشأت «نادي البيئة» في مدرسة ابنها، كعمل تطوعي لتعريف الأطفال بما حولهم.