في الوقت الذي تحتل فيه المملكة موقعاً جغرافياً متميزاً على الخارطة الدولية؛ حيث (نقطة الارتكاز) على الكرة الأرضية، وخدمة مواسم الحج والعمرة والزيارة، ومع الوفرة المادية والانتعاش الاقتصادي منذ عقود، وعلاقة جيدة مع دول العالم سياسياً واقتصادياً، وما يزيد على 10 ملايين وافد، واحتكار أوامر الإركاب الحكومية، ومحدودية المنافسة المحلية، وهو ما يتيح لخطوطنا الجوية والبرية والبحرية الاستفادة من خدمات المسافرين، ونقل البضائع محلياً وعالمياً، بما في ذلك الترانزيت، هذه جميعها عوامل تتيح عديداً من الخيارات للناقل الوطني، وتمنحه الأولوية وميزة نسبية تنافسية، تمكنه من قدرة التغلب على الصعاب، وصولاً للنجاح المأمول ومزيد من الأرباح، إلا أنه بكل أسف، لم تفلح خطوطنا في تحقيق الاستفادة المثلى من تلك المزايا، والتي تنفرد بها عن كثير من شركات النقل العالمية..؟ فقد ذكر الطيران المدني (أن المديونيات تعيق خصخصة الخطوط السعودية)؛ حيث تجاوزت 13 مليار ريال، وهو ما يكفي لإنشاء شركات طيران، أو إنشاء 40 مطاراً إقليمياً بأحدث طراز تصميماً وتنفيذاً وتشغيلاً، إذا أخذنا مطارات حديثة مثل ينبع، والعلا؛ حيث الكلفة لم تتجاوز 300 مليون ريال للواحد منها، وها هو الطيران المدني يستعجل إنشاء صالة خامسة في مطار الرياض، رغم مرور ثلاثين عاما على إنشاء الصالة الأولى دون تشغيل، (أموال تهدر دون فائدة تذكر)..؟ وفي الوقت الذي تقوم فيه الخطوط السعودية بحملة إعلانية للتعريف بحصولها على عضوية (sky time)، متزامناً مع وقف تجديد رخصة الصيانة من منظمة سلامة الطيران الأوروبية، إذ أتت ضمن أسوأ 6 خطوط طيران في العالم، ومع الأسف قد جمعت بين غلاء الأسعار، وقلة الرحلات، ونقص المحطات، وسوء الخدمات، وضعف الاهتمام بالعميل، وكمثال مواطن أعطى الأولية والأفضلية لخطوطنا الوطنية (السعودية) لرحلته من أمريكا إلى الرياض والعودة، يفاجأ بضعف السعر الذي وجده لدى خطوط أوربية، وآسيوية، وإفريقية، يتزامن ذلك مع إلغاء التخفيضات الخاصة بطلبة المدارس، وقيامها برفض توظيف الطيارين والفنيين السعوديين وإحلالهم محل الأجانب، وما ذاك إلا نتيجة الوضع المتردي إدارياً وفنياً؟! لقد تأسست شركات أجنبية بعد الخطوط السعودية بنصف قرن، ومع ذلك فقد تخطتها واحتلت مراتب متقدمة على الساحة الإقليمية والدولية، مع تراجع مخجل للسعودية، فهذه شركات: العربية، الاتحاد، العمانية، الإماراتية، القطرية، ناس الوطنية، وحتى السعيدة في اليمن الشقيق، نرجو الله أن يسعد أهلها وجيرانها بالاستقرار والنماء ورغد العيش، جميعها حققت أرباحاً مادية ونجاحاً معنوياً وانتشاراً جغرافياً، من خلال زيادة عدد المحطات والرحلات والمسافرين، ومستوى جيد من الانضباط والرضا الجماهيري، بل وأقدم بعضها على منافسة خطوطنا على أرضها وبين جمهورها، بعد أن أصبحت عاجزة عن ملاحقة التطورات وتحقيق الأرباح..؟ يأتى ذلك بعد أن مرت مطاراتنا وخدماتها بتجربة سما، وناس، وعرباسكو، بل وعدد من الشركات الأجنبية التي غادرت، بعد أن فضلت محطات مجاورة على مطاراتنا ورسومها وإيجاراتها العالية، وضعف خدماتها، التي تشكل عبئاً على كثير من الخدمات الأرضية، كمنصات تأجير السيارات، والمحلات التجارية، وصالات انتظار المغادرين، والمطاعم، والمقاهي، إلى إعطاء فرصة للأجنبي لمضايقة المواطنين أصحاب سيارات الأجرة العاملين بالمطارات. وحتى لا تتحول تلك (الإعاقة)، إلى مزمنة (مريض لا يرجى برؤه)، أو معدية لا قدر الله، قد تنتقل إلى مرافق وخدمات حكومية أخرى، فإنه يجب تدارك الأمر لعلاج قطاع النقل بوجه عام بخطوطه الجوية والبرية والحديدية، ومعها الطيران المدني، أخيراً نقول حمى الله البلاد والعباد من كل أشكال الإعاقة، وجنب جميع مؤسساتنا من حكومية وأهلية من أسباب التعرض لها.