في تعريف الوطن تبدو الصورة مختلفة ما بين شخص وآخر، البعض يراه مابين تلك الجهات الأربع من حدود على خارطة رُسمت في زمن معيَّن، والبعض يرى أنه مكون أساسي من حكومة وشعب، وتذهب فئة ثالثة إلى وصفه بالمكان الذي يستوطن فيه الإنسان باعتباره مكاناً وجد فيه الأمن والعيش الكريم والحرية في اختيار ما يريد. يُضَحِّي الشخص من أجل أمور محددة في الحياة، وطن ودين وعرض ومال ، ولا يمكن أن تجد أماناً في دينك أو عرضك أو مالك مالم تجد أن هناك وطناً يحميها ويستحق من أجله أن تُضَحِّي . اعتقادي الشخصي، وأكرر هو اعتقاد، أن الوطن يحمل في نسيجه كل التعريفات السابقة، فهو المحدَّد بين الجهات الأربع، والمؤلف من حكومة وشعب، وتتوافر فيه شروط الفئة الثالثة الثلاثة، ومن ارتضى بوطنه وفق ماسبق فعليه أن يضع في اعتباره أن حُب الوطن كلُ لا يتجزأ، ولايمكن أن يكون وطنياً من خان الوطن بكل مكوناته، فمن تنازل عن قطعةٍ أوأفشى سراً ، أو دلس على الشعب، أو أخَلَّ بالأمن بهدف التنغيص على هذا الشعب، فهو خائن لا محالة، ومتى ماثبتت في حقه تلك الخيانة فيجب أن ينال الجزاء الرادع. هنا تحدثنا عمَّن قام بالفعل، فما حُكم من تعاطف أو حاول أوندَّد بضبط الخائن ؟ هو في الواقع أمام خيارين لاثالث لهما، إما أنه شريك في الفعل ومتستر على أفعال هؤلاء، وإما أنه «براجماتي» يبحث عن مصالحه مادامت تضرب في قلب وحدة الوطن، وهذا أشد شراً فهو يقدم مصلحته على كل مصلحة، ومثل هذه النوعية، كثير من الناس الذين تجدهم عادة في البيانات المزخرفة – ليس كلهم طبعاً- والتي تنادي بكل شيء. مع تأكيدي هنا على أن التحقيق العادل والمحاكمة العادلة حق للجميع، ولكن ماذا سيكون رد فعل هؤلاء « البياناتية «إذا أثبتت التهم وصدر فيهم حُكم شرعي سواء بالإدانة أو البراءة ، وماذا لو أظهرت الدولة كل الوثائق والتسجيلات التي تملكها على هؤلاء ؟ فهل سيصمت أصحاب البيانات أم يعتذرون، لا أظن أن من العيب الاعتذار، ولكن هذه الثقافة غائبة عن تلك الفئة . إضاءة : إلا وطني