بيروت – الشرق المفتي قبَّاني: المراد إدخال البلاد في حريق المنطقة ونحن مازلنا في بدايته دخل لبنانُ النفقَ المظلمَ مجدداً، أطلَّت الفتنة برأسها منبِّئةً بإحراق لبنان مساء أمس، بعد الاعتداء الذي تعرض له الشيخان من دار الفتوى أحمد فخران ومازن حريري في منطقة الخندق الغميق في العاصمة اللبنانية بيروت. وتبعهما التعرض للشيخين عدنان أمامة، وحسن عبدالرحمن في منطقة الشياح، من قِبَل بعض الشبان الذين قيل إنَّهم يتعاطون المخدرات، وأعقب ذلك موجةُ توتراتٍ أسفرت عن قطع طرق العاصمة اللبنانية. كما اشتعلت جبهة طرابلس، فأُلقي عدد من القنابل ونشطت عمليات القنص بين جبل محسن وباب التبانة. ونام اللبنانيون على أصوات قرع طبول الحرب بين السُّنَّة والشيعة، لاسيَّما أنَّ الشبان المعتدين الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية حلقوا لحية أحد المشايخ إمعاناً في إهانته. واستيقظ لبنان أمس على تظاهرات جالت شوارعَ في جنوبه وشماله وسط استنكارات من قِبَل علماء دار الفتوى وعلماء الشيعة بأنَّ هذا العمل يهدف إلى جرِّ البلاد نحو فتنة لن تُبقي ولن تُذر. وطالب الرئيس ميشال سليمان بإنزال العقوبات الصارمة بحق المعتدين حفاظاً على السلم الأهلي. وحذَّر الرئيس سعد الحريري من جر البلاد إلى الفتنة، بقوله «مهما تباينت المواقف السياسية يجب علينا سحب الغطاء عن هؤلاء المعتدين». في موازاة ذلك، قطع محتجُّون شوارع صيدا وسط استنكار أمني وشعبي. وقطع شبَّانٌ غاضبون عديداً من الطرقات في بيروت والمناطق بالإطارات المشتعلة، وسارع الجيش اللبناني إلى ضبط الشارع وتوقيف خمسة متورطين في الاعتداءين. وسارعت كل الأطراف السياسية الى إدانة الاعتداء، وكان في طليعتها «حركة أمل» و»حزب الله» اللذان استنكرا بشدة التعرض للمشايخ، ووضعا الاعتداء في خانة السعي إلى إثارة الفتنة، علماً أنهما ساهما في المساعدة على اعتقال الفاعلين الخمسة، فيما ندَّدَ مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بالاعتداء، وناشد الجميع ضبط النفس والتزام الهدوء، في حين حمَّل كلَّ القيادات اللبنانية مسؤولية ما حصل قائلاً: «المراد إدخال لبنان في الحريق الذي دخل إلى المنطقة، ونحن مازلنا في بداية الحريق، لا يظنَّنَ أحدٌ منكم أنَّ هذا الحريقَ بعيدٌ عنه، سوف يشتعل لبنان بأيدي الداخل وأيدي الخارج». ودعا الطائفة الشيعية بكل قياداتها السياسية والعسكرية إلى رفع غطائها عنهم، قائلاً: «نحن أمة لا نقبل أن يُهَانَ فيها علماؤُنا». ووصف الشبان ب «السفهاء وبأنَّ السفيه لا دينَ ولا طائفة له». وطالب النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت «وقف التجييش ووقف كل هذه الهجمات والاتهامات من قِبَل القيادات والأحزاب تجاه بعضها البعض». وطالب الدولة بأن تأخذ دورها المباشر في بسط سلطتها بعيداً عن الأمن بالتراضي حتى لو كلف هذا المواجهاتِ مع مَن يرفضون منطق الدولة، وحل جميع أوجه الأحزاب وإزالة جميع الشعارات والدخول إلى كافة المناطق وبسط سلطتها». بدوره، استنكر الشيخ محمد كاظم عياد، إمام مسجد الإمام علي في الخندق الغميق، الحادثة قائلاً: «إن المعتدون تعرَّضُوا لي أكثر من مرة». كما وصفهم ب «الحشاشين الذين لا دين لهم». إزاءَ كل ذلك، يبقى السؤال: «هل ثمة أيادٍ سوداءُ تعبث لإثارة الفتنة والفوض». ما حصل يقرع ناقوس الخطر ويؤشر إلى تداعيات خطيرة تعصف بالمناخ الداخلي وسط خطاب سياسي ومذهبي مشحون في لبنان.