يعاني المحتاجون الأمَرّين: ما بين فقرِهم وعَوَزهم، وبين حاجاتهم للمعونة، فلا سبيل لهم سوى التوجه للجمعيات الخيرية التي تمدهم بالمساعدة، وتقطعها عنهم أحياناً، تقول (أم ريناد): ” لا أتلقى من الجمعيات الخيرية سوى الأرز والسكر، وسمعت أن الصدقات تذهب بالواسطة لعوائل هم في غنى عن الصدقة، مبينة أنها وطفلتها الصغيرة يفترشن مساحةً أمام أحد المجمعات التجارية، وتعاني حرارة الإسفلت ونظرات الشفقة من المارين. وذكر بندر فهد (أحد المترددين على الجمعيات الخيرية) “أن العمل في الجمعيات أصبح مهنة من لا مهنة له، فالظهور بمظهر الورع هي الطريقة المثلى للحصول على منصب فيها بغض النظر عن الكفاءة والأمانة. محض افتراء من جهتها، قالت رئيسة جمعية جود الخيرية بالدمام نورة الحربي:”إن كل ما يذكر من استغلال ومحسوبية في توزيع الصدقات وأموال الزكاة، وكل ما يرِدُ إلى الجمعيات الخيرية من تبرعات هو محض افتراء، حيث تقوم الجمعية بعمل بحث مسبق عن العوائل المتقدمة للجمعية، والتأكد من أنهم يندرجون تحت الفئات المحتاجة وذلك قبل أن تتم عملية انتسابهم للجمعية. وتضيف:” يوجد لدينا موظفات في الجمعية هم شرعاً ضمن المستحقين للصدقة، وتأكيداً لنزاهاتنا كجمعية خيرية؛ لا نَصرِف إلا للأسر المحتاجة فقط. وأكّدت الحربي: “أن عدم تخصيص جمعيات خيرية بالأحياء، إضافة إلى تعيين جمعيات أخرى ترعى كل منها جهة معينة مثل جمعية خاصة بالأيتام وجمعية أخرى للأرامل؛ ساهم ذلك في انتشار الفقر وكثرة الأسر المحتاجة”. وطالبت الشؤون الاجتماعية بتخصيص جمعيات داخل الأحياء للفئات المحتاجة كل على حدة. محاسبون قانونيون وأوضح المتحدث الإعلامي لجمعية (حركية) للمعاقين مجاهد الأميري:” أن كل من يعمل في الجمعيات الخيرية هم أهل للثقة، كما أنّ أرقام حسابات الجمعيات الخيرية تتم مراجعتها من قبل محاسبين قانونيين مصرّح لهم من قِبل وزارة الشؤون الاجتماعية، كما أننا نسمح لبعض المتبرعين بالنظر لحالة المُتبَرَّع له، والتواصل معه مباشرة لمزيد من التأكد. غياب المنظومة ويرى الدكتور عبدالعزيز العصيمي (دكتوراة في فقه الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) أن غياب المنظومة الاجتماعية، والإقصاء الكامل للفرد من قبل بعض الجهات يضع الأشخاص الذين يريدون المساعدة في دوامة من الشك، متسائلاً: أين تذهب أموال الجمعيات الخيرية طالما أن الفقر لا يزال موجودا؟ وأكد العصيمي أن الصدقات من أفضل الأعمال وأجلِّها عند الله، فيها إظهار لجمال الدين الإسلامي وعظمته، يقدمها الغني للفقير بلا منّة أو فخر وهي إحدى أسباب دفع البلاء عن العبد، وسبب في تلاحم الأمة ودرء الفقر. يُذكر أن عدد الجمعيات الخيرية المرخصة في المنطقة الشرقية بلغ 66 جمعية، بالإضافة إلى 610 جمعيات في كافة مناطق المملكة حسب إحصائية وزارة الشؤون الاجتماعية الأخيرة.