الفرق ما بين شمال السودان وبين جنوبه كالفرق ما بين الحب والكره. أهلنا في السودان هم هم من نعرفهم هنا في السعودية أصحاب الدم الخفيف والابتسامة الدائمة، لا فرق بين أن يكونوا هنا أو هناك لأنهم يعيشون الحياة في أي مكان على السجية، وهم كما وصفتهم في الفيسبوك: «الحياة تقف أمام لطافة الأشقاء في السودان.. الكل يبتسم لك بخجل، بل يكاد يتوارى في كرسيه من الخجل.. حتى عاملة الكافتيريا التي تكثر الزنجبيل والحبهان على القهوة تتساءل في نفسها هل أعجبته قهوتي أم لا؟ وتخرج ابتسامة كبيرة عندما أقول إنها قهوة رائعة. ليست القهوة هي الطعم بل الوجوه التي تتمتع بالبهارات التي تقدم الذوق العالي لتدخل في القلوب». هكذا هو الشمال. بينما الجنوب: «مياهه غزيرة وأرضه فقيرة حتى في الابتسامة، وغنية بالصدامية لكل ما هو عربي، وهواؤه منعش ونيله يدهش، وأناسه بسطاء صغار ووحوشه كبار، يسيره الدولار ولا يعي كيف القرار». وتستطيع أن ترى عن بعد الوجوه المقطبة التي تطالعها والعيون التي تبحلق فيك حيث تتفرس فيك كأنها ستأكلك. الجميل أن أهل الشارع فيها يقاربون أهل الشمال إلا من قليل منهم.. ولكن أستطيع التأكيد أن الحياة صعبة في جوبا، وأن الذاهبين إليها لعمل رسمي هم ذاهبون إلى مغامرة خصوصاً من كان إعلامياً أو رجل أعمال.