بيروت – الشرق العقيد «و.س» كان شريكاً في مخزن سلاح أبي سمراء. «الحاج جهاد» أسس مجموعة «فهود طريق الجديدة» العقيد «ع.ح.» تسلم ملف أنصار تيار المستقبل. عسكريون متقاعدون يسعون لتشكيل خط دفاعي في الشمال. في مايو 2008، بلغ الانقسام السياسي في لبنان ذروتَه، أُثيرَت قضية شبكة اتصالات «حزب الله» السلكية الممتدَّة في بيروت، فثارت ثائرة قيادات الحزب. أُتبِعَت الحادثة بما أثاره النائب وليد جنبلاط عن وجود كاميرات مراقبة موجَّهة على مدرج المطار، فأُضيف إلى الطين بلَّة، واعتبر الحزبُ أنَّ سلاح الإشارة لديه بات في دائرة الاستهداف. إزاء ذلك، تحرّك مُسلَّحون من الطرفين لتسقط بيروت خلال ساعات قليلة في قبضة «حزب الله» والموالين له، بقيت طريق الجديدة والمناطق المحيطة بها، بوصفها معقل تيار المستقبل، صمدت عدة أيام لكنَّ المسلَّحِينَ فيها لم يلبثوا أن ألقوا السلاح. آنذاك، وقفت القوى الأمنيَّةُ عاجزةً، لم تُحرِّك ساكناً، وكذلك فعل الجيش اللبناني الذي لم يتدخَّل في الأحداث الجارية حرصاً على وحدته، لم تُرِد القيادة العسكرية العليا تكرارَ تجربة الحرب الأهلية بتجديد انشقاق الجيش وتفككه باعتباره مقسَّماً طائفياً. تذمر عسكري هكذا كانت الصورة شكلاً، أما في المضمون، فأعرب عددٌ من الضباط عن استيائهم من وقوف الجيش على الحياد، تقدَّمَ آنذاك 120 ضابطاً بطلب استقالاتهم التي ضمَّت العبارة الآتية: «أتقدم باستقالتي لشعوري بالمهانة من أداء الجيش أثناء اجتياح الميليشيات لبيروت». كان بين هؤلاء العقيد المتقاعد «ع. ح.»، الذي شغل لفترة منصب المستشار الأمني للرئيس سعد الحريري، إضافةً إلى ضباط آخرين ينشطون اليوم في تسليح المعارضة السوريَّة المنتشرة على الأراضي اللبنانية. خلال أحد اللقاءات مع العقيد المتقاعد «ع.ح.»، يستعيدُ الأحداثَ التي دفعت به إلى الابتعاد عن الجيش، يُخبر كيف حاول قائد الجيش جان قهوجي ثنيَه عن قراره، لكنه بقي مصرًّا، ويُشير إلى أنَّ بعض الضباط تراجعوا عن الاستقالة. ينطلق «ع.ح.» في مشواره خارج المؤسسة العسكرية التي أدمن احترامها بالحديث عن «تجمُّع أنصار المستقبل الذي يتفرَّع منه أفواج المستقبل»، يكشف أنَّ الرئيس سعد الحريري أرسل وراءَه عارضاً عليه استلام ملف أنصار المستقبل، يقول إنه اعتذر في البداية، باعتباره لم يكن قد ثبَّت قدميه بعد، لاسيَّما أنَّ أعدادَهم كانت تصل إلى 15 ألف شخص. سبب الهزيمة لم يكترث الحريري لتبريراته، فقدَّم إليه ملفهم طالباً إليه تقديم اقتراح خلال ثلاثة أسابيع، يذكر «ع.ح.» أنَّه أعدَّ دراسة شاملة حول المنتسبين، كاشفاً أنه استعان بضبَّاط استخبارات، ويروي كيف زار الحريري بعد انقضاء المهلة ليقدِّمَ اقتراحَه قائلاً: «هؤلاء هم سبب هزيمتك في أيار (مايو)». يخبر أنه اكتشف أنَّ جميع الأجهزة والأحزاب اللبنانية لها في أنصار المستقبل أكثر من تيار المستقبل نفسه، ولمَّا سأله الحريري عمَّا يجب فعله، نصحه بإغلاق الملف للبدء من جديد في بناء تنظيم منظَّم ومتماسك. اللعبة السورية حال الضابط المذكور لا ينسحب على باقي الضباط الذين تركوا السلك العسكري، ورغم أنَّ الوقائع لا تسلط الضوء على ظاهرة ضباط يتركون الجيش ويعملون في التهريب، إلا أنَّ التقارير الأمنية تكشف انخراط هؤلاء في اللعبة الأمنية السورية، وتتحدث عن التزام 4 ضباط أُحيلوا على التقاعد منذ مدة بإعادة تنظيم صفوف مقاتلين سوريين قَدِموا إلى لبنان من سوريا. وتشير المعلومات إلى أنَّ هؤلاء يسعون إلى إقامة خط دفاعي في حال لو قرَّر الجيش السوري إعادة اقتحام الشمال، كما فعل في العام 1985. وضمن هؤلاء، يحتلُّ المسؤول الأمني لتيار المستقبل العقيد المتقاعد من الجيش اللبناني «ع.ح» المرتبة الأولى، علماً أنَّ المعلومات الأمنية تُشير إلى أنه افتتح منذ فترة مكتباً لتوزيع الأسلحة وتسليح الشبَّان وتجنيدهم للقتال في الشمال، وإرسال بعضهم إلى سوريا، وتقول المعلومات إنَّ هؤلاء يشاركون في كل الاشتباكات التي تشهدُها طرابلس، فضلاً عن الدور المحوري الذي تنقل مصادر في المعارضة السورية أنه أدَّاه في استحضار سفينة «لطف الله 2» ثم فضحها لأسباب لم تُبيِّنها تحقيقات استخبارات الجيش اللبناني، وقد ضُبط داخل تلك السفينة أسلحة تصل قيمتها إلى عدة ملايين من الدولارات. إضافةً إلى الضابط «ع.ح.» يبرز اسم العقيد المتقاعد «و.س.» الذي كان شريكاً أساسياً في مخزن السلاح الذي انفجر في منطقة أبي سمراء في طرابلس. وتشير المعلومات إلى أنَّ الأخيرَ امتهن تهريب السلاح بغرض الكسب التجاري لا بقصد الإيمان بقضية أحقيَّة الثورة السورية، كما فعل رفيق السلاح «ع.ح.». «الحاج جهاد» وبعيداً عن الشمال، ينشط في بيروت ضابطٌ آخر خرج من الخدمة العسكرية في التوقيت نفسه، ولهذا الضابط اسمٌ حركي، فهو يُدعى «الحاج جهاد»، اسمٌ بقيَ معروفاً به لفترة قبلَ أن يُكشَف النقاب عن هوَّيتِه الحقيقيَّة. وتُشير المعلومات إلى أنَّ الأخير ضابط برتبة عميد يُدعى «م.ج.» تولَّى إعادة هيكلة مجموعة مسلَّحة شبيهة بأفواج طرابلس، عُرفت تحت اسم «فهود طريق الجديدة». ولم يُسجَّل ضد الضباط المذكورين أعلاه شائبة في سلوكهم خلال خدمتهم العسكرية، يتحدث عارفوهم عن حماسة زائدة غذَّتها حمية دينية دفعت بهم إلى الانخراط في مشروع الطائفة والتخلِّي عن الوطن. ويُبرر هؤلاء لزملائهم، أنَّ الاعتبار الذي يعذرهم، كون لبنان مبنيًّا على مجموعة من الطوائف تتقاسم ما تبقَّى من هذا الوطن. رئيس وزراء لبنان السابق، سعد الحريري، يخاطب أنصاره في الذكرى الثامنة لاغتيال والده، 14 فبراير كل عام (إ ب أ) جانب من أحداث أيار 2008 في بيروت (الشرق)