تجمع النخبة السياسية والمثقفون والحقوقيون في تونس على أن البلاد تعيش على وقع أزمة حقيقية سواء على مستوى الشارع أو على مستوى الحكم. وتقف حركة النهضة ضد مبادرة رئيس الوزراء حمادي الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط، كما حزب المؤتمر من أجل الجمهورية شريك النهضة في الحكم، التي وجد فيها الجبالي تحدياً من الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي وصل إلى درجة تنذر بالخطر وإمكانية انزلاق البلاد إلى أتون الفوضى والفراغ. وبعد أن قرر حزب المؤتمر، وحزب رئيس الدولة منصف المرزوقي، سحب وزرائه من الحكومة، تراجع الحزب عن قراره خلال أربع وعشرين ساعة معلناً تجميده القرار لأسبوع آخر في انتظار ما ستُسفر عنه التطورات والمشاورات الجارية. جاء ذلك خلال ندوة صحفية عقدها الحزب أمس. وقال فيها أمين عام المؤتمر محمد عبو «لقد قررنا تجميد قرارنا بسحب وزرائنا من الحكومة، لكن في حال لم نشهد أي تغيير خلال أسبوع فسننسحب من الحكومة بشكل نهائي». وأوضح عبو ل»الشرق» أن الحزب سينسحب من الحكومة في حال لم يتم الاتفاق على برنامج عمل وإجراء تعديل وزاري يشمل على وجه الخصوص وزارتي العدل والخارجية. وأضاف «اتصلت بنا قيادات حركة النهضة مساء أمس وأبلغتنا بتلبية جميع مطالبنا». كما أعرب عبو عن رفضه حكومة التكنوقراط التي اقترحها رئيس الحكومة حمادي الجبالي، وقال إن «حكومة التكنوقراط ليست حلاً سحرياً للأزمة في تونس»، مضيفاً «نحن نعارض حكومة تكنوقراط لأن ذلك سيتيح عودة شخصيات من النظام السابق». وأكد عبو على ضرورة أن تفتح الحكومة ملفات الفساد، وأن تعمل على تطوير أجهزة الرقابة وفرض سلطة القانون على الجميع دون استثناء. من جهته، أعلن رئيس حزب النهضة الإسلامي راشد الغنوشي، أمس، أن الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية لحل الأزمة السياسية المتصاعدة التي أعقبت اغتيال سياسي معارض بات وشيكاً. وقال الغنوشي إن المشاورات جارية مع جميع الأحزاب السياسية، وإنه من المتوقع الإعلان عن الحكومة الجديدة في غضون يومين أو ثلاثة. وأضاف الغنوشي «نحن بصدد الوصول إلى تفاهم في أعقاب المناقشات المكثفة التي عُقدت الأحد مع الأحزاب السياسية والكتل الموجودة داخل المجلس التأسيسي، التي لاتزال مستمرة.. نحن نتّجه صوب تشكيل حكومة وحدة وطنية». وترفع حركة النهضة شعار الدفاع عن الشرعية الانتخابية من أجل تبرير رفضها تشكيل حكومة تكنوقراط، التي وإن تمت فستخرج النهضة من الحكم، وهو ما ترفضه قيادات الحركة وعلى رأسهم رئيسها راشد الغنوشي. يُذكر أن تشكيل حكومة كفاءات يعدّ من أهم مطالب المعارضة في الفترة الأخيرة، إضافة إلى تحييد الإدارة ووضع برنامج توافقي للمرحلة المقبلة. وفي السياق نفسه، قال فتحي العيادي، رئيس مجلس الشورى، حركة النهضة، في تصريح إذاعي، إن المكتب التنفيذي لحركة النهضة اجتمع أمس الأول وأكد موقفه السابق بدعم حكومة ائتلاف تقوم على التوافق.