جولة: ناعم الشهري نجحت جامعة تبوك في وضع اللبنات الأولى للكليات الجامعية في محافظات حقل وتيماء وأملج وضباء والبدع. المنطقة غنية بالمناطق السياحية والآثار التاريخية ولايزال الاستثمار الاقتصادي غائباً عنها. ناعم الشهري حينما حاولنا أن نبدأ رصد المسيرة الحضارية والتنموية لمنطقة تبوك، من خلال ما ضمته من منجزات مختلفة، كان لابد أن نعرف سر الحب المتبادل بين سكانها وأهلها، وأمير المنطقة الأمير فهد بن سلطان، هذا الإنسان الذي تتنافس كلمات الوفاء والحب والإخلاص لتصف العلاقة التي تربطه بالمنطقة وأهلها، كما يصفه كبار السن من أهالي المنطقة بقولهم «فهد بن سلطان عرّاب تبوك وسر نهضتها»، وبغض النظر عن مشاريع التنمية المختلفة، والصروح العصرية المتنوعة، فإن المُعايش لتاريخ منطقة تبوك عموماً، ولمدينة تبوك خصوصاً، يرصد مدى التغير الذي عايشته خلال الفترة الأخيرة، التي وُصفت بأنها الأكثر والأكبر على مختلف الأصعدة الخدمية والاقتصادية والتعليمية. أنشئت مدينة تبوك في عام 1344ه إبان تأسيس المملكة العربية السعودية، وتتبع وزارة الداخلية السعودية، وتقع في الشمال الغربي للمملكة على حدودها مع دولة الأردن، فيما تحدّها من جهة الشرق منطقتا الجوف وحائل، ومن الجنوب المدينةالمنورة، ومن الغرب خليج العقبة والبحر الأحمر. يرصد الزائر لمدينة تبوك، التي تعيش مرحلة ذهبية، أنها أصبحت ورشة عمل مفتوحة وشاملة، حيث تنتشر المشاريع المختلفة والمتنوعة في كل ناحية منها، يرصدها في مختلف الشوارع والميادين، سواء أكانت مشاريع بلدية أم تعليمية أم اقتصادية، إلى درجة يشعر معها أنه أمام رسم جديد لصورة «تبوك الورد»، التي يتفاخر باسمها كل أبناء المنطقة، من خلال ارتباط مدينتهم بالورد، هذا المنتج الذي تتميز تبوك بإنتاجه وتصديره، وأصبحت تنافس عالمياً على هذا المنتج الذي تميز بإنتاجه عدد من المزارع في المنطقة، منها مزارع إسترا التي باتت اسماً لمنتج عالمي، وأقيمت من خلاله عديد من المشاريع الصناعية القائمة على الورد، ومنها أتيحت عديد من الفرص الاستثمارية وكذلك فرص العمل، ومنها قيام عدد من الوظائف النسائية. منتجات عالمية كما شهدت المنطقة عديداً من المشاريع الزراعية والتصنيعية المرتبطة بالزراعة في مختلف الجوانب الزراعية، التي يقوم بها عدد من المشاريع والشركات الزراعية المتميزة، ومنها شركة تبوك للتنمية الزراعية، وعدد من المزارع ذات الطابع العالمي في المنطقة، وفي نفس القياس تشهد الثروة السمكية والبحرية بروزاً كبيراً من خلال عدد من الصناعات والمنتجات المختلفة، مما أعطى للطابع الزراعي في المنطقة بُعداً كبيراً، حيث يقول علي عواد الحمودي، أحد أشهر مزارعي المنطقة وصاحب عدد من المزارع المتنوعة، «إن من أكبر هذه الدواعم التي أسهمت في نجاح الزراعة هو الدعم الكبير من قِبل أمير منطقة تبوك، من خلال عدد من البرامج أهمها جائزة سموه للمزرعة وللمُزارع النموذج، التي امتدت لأكثر من عشرين سنة شملت تدرجاً وتخطيطاً واسعاً لهذه الجائزة انعكس على الواقع الزراعي في المنطقة بما جعلها صورة رائعة لتواكب الفكر والعمل المتميز لقطاع أصبح صناعة متميزة». ورشة عمل مفتوحة عندما تحاول أن ترصد ملامح تطور أي مدينة فإنك تلجأ إلى البحث عن البدايات، التي كثيراً ما تكون مرتبطة بالخدمات البلدية، أما في تبوك فإنك تشاهد أنك وسط ورش عمل مفتوحة في مختلف الأصعدة والميادين، والتخطيط البلدي فيها متنوع ما بين الأحياء المختلفة في المدينة، من خلال مشاريع كبيرة تحاول رسم ملامح جديدة لمدينة تبوك، التي يتم تنفذها وتشرف عليها أمانة المنطقة، أبرزها إعادة تأهيل الأحياء الجنوبية، التي كانت تشكل هاجساً كبيراً للمنطقة لعدة أسباب، أهمها انتشار العشوائيات، وعدم اكتمال الخدمات الأساسية. كما أن خدمات الأمانة لم تتجاهل الأحياء الحديثة، حيث شملتها بعدد من مشاريع السفلتة والترصيف، إلى جانب عدد من المشاريع الأخرى التي يترقبها أهالي المنطقة بشكل عام، وإن كانت أهمها المشاريع التطويرية والتجميلية التي بدت واضحة في حرص أمانة تبوك على تنفيذها بعد اكتمال الخدمات الأساسية. 800 مليون ريال ومن أهم المشاريع التجميلية التي بدأت أمانة تبوك في تنفيذها مشروع كورنيش تبوك، وتنفيذ الحدائق والمتنزهات ذات الطابع المتميز، التي كانت قد افتقدتها المنطقة في فترة سابقة، حيث يؤكد أمين منطقة تبوك المهندس محمد بن عبدالهادي العمري، أن إجمالي ما تم اعتماده في ميزانية العام المنصرم لأمانة منطقة تبوك والبلديات التابعة لها بلغ 800 مليون ريال، فيما بلغت اعتمادات المشاريع الجديدة لأمانة منطقة تبوك والبلديات التابعة لها 650 مليون ريال تقريباً، تشتمل على عديد من المشاريع، ومنها مشاريع جسور وسفلتة وأرصفة وإنارة ودرء أخطار السيول وتحسين المداخل وإنشاء ساحات بلدية متعددة، وتطوير الحدائق القائمة وتشجير الشوارع والميادين، وكذلك استبدال أعمدة الإنارة القديمة وردم وتسوية المخططات، كما تم اعتماد مبلغ مائة مليون ريال لزيادة تكاليف عديد من المشاريع الجاري تنفيذها للأمانة والبلديات التابعة. وقال العمري إن هذه المشاريع من شأنها أن تُسهم في تحسين البنية التحتية والمرافق العامة في المنطقة، مؤكداً أن المتابع «يدرك أن أبناء هذا الوطن قد عاشوا منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، طفرة في الإصلاحات الاقتصادية التي تستهدف مصلحة المواطن وتُسهم في رفع مستوى معيشته وتدعم عجلة مسيرة الاقتصاد الوطني، نظراً لما تحمله من مؤشرات إيجابية لهذه الإصلاحات تمثلت في تنفيذ مشاريع تنموية عملاقة خُصص لها الدعم المالي الكبير، حيث سيجني المواطن ثمار هذه المشاريع في القريب العاجل». نهضة تعليمية لم تقتصر النهضة التي تعيشها مدينة تبوك على المستوى البلدي فقط، بل امتدت إلى استثمر العقول ومشاريع التعليم، سواء من خلال التعليم العام أو التعليم العالي الذي شهدته منطقة تبوك عموماً، حيث يقول مدير جامعة تبوك الدكتور عبدالعزيز بن سعود العنزي، إن التعليم في المنطقة تجاوز مراحل كثيرة إذا قيس بالفترة الزمنية التي عاشتها المنطقة، ونحن من خلال جامعة تبوك نشاهد النهضة الكبيرة من خلال المشاريع التي تحت التنفيذ في المدينة الجامعية، والتي قطعت شوطاً كبيراً في التنفيذ، وسوف تكون صرحاً حضارياً وعلمياً في المنطقة من خلال ما تضمه من مشاريع متميزة من الصرح التعليمي والكليات المختلفة والمستشفى الجامعي والمدينة السكنية، بالإضافة إلى المشاريع المساندة، كما أن الجامعة نجحت الآن في تغطية جميع محافظات المنطقة من خلال وضع اللبنات الأولى للكليات الجامعية المختلفة في محافظات حقل وتيماء وأملج وضباء والبدع، التي تنوعت فيها الكليات الجديدة أو الكليات التعليمية المختلفة. جائزة التفوق العلمي وأضاف العنزي أن التعليم غطى جميع أرجاء المنطقة، وذلك بفضل الدعم الكبير من قِبل أمير المنطقة، الذي قدم ورسم الخطوط الرئيسة للنهضة التعليمية من خلال الدعم الكبير الذي لمسه جميع المواطنين في المنطقة، سواء من خلال الحرص على دعم التعليم بمختلف قطاعاته، أو من خلال تبنيه عدداً من المشاريع الفكرية المتفردة في المنطقة، التي من أهمها تبنيه تكريم المتفوقين من خلال جائزة سموه للتفوق العلمي، التي سيتم الاحتفال قريباً بربع قرن من انطلاقتها وتميزها الكمي والكيفي. تناغم اجتماعي أما على الجانب الاجتماعي، فإن تبوك تشهد تناسقاً وتناغماً كبيراً في مختلف المجالات، خصوصاً في ظل العدد كبير من القادمين للمنطقة للبحث عن العمل أو التعليم أو الحياة المستقرة، سواء للقادمين من البادية المحيطة بالمدينة، التي تتنوع في عاداتها وتقاليدها، أو من خلال القادمين من المناطق الأخرى في المملكة للبحث عن فرص العمل، لاسيما أن تبوك تتميز بوجود فرص عمل عسكرية كبيرة من خلال وجود أفرع متعددة للقوات المسلحة، ولكن مع هذا التزاحم السكاني والبشري والعادات والتقاليد المختلفة، إلا أنك تشعر في تبوك بذلك التقارب الاجتماعي. الاستثمار الاقتصادي يعتقد بعض أهالي تبوك أن من أهم ما تحتاجه المنطقة الآن من المشاريع أو الجوانب المختلفة التي يبحث عنها الجميع هو الاستثمار الاقتصادي في المنطقة، الذي مازال غائباً بما يبحث عنه الجميع أو طموحات القائمين على المنطقة، على الرغم من تلك المشاريع الفردية في المنطقة، التي تتوزع في بعض المحافظات مثل ضباء أو تيماء، ولكن عديداً من أبناء المنطقة مازالوا يبحثون عن استثمار أكثر خصوصاً في الصناعات الكبرى، التي مازالت تفتقدها المنطقة، وهو ما يقاس على الاستثمار السياحي والتسويق للمنطقة سياحياً واستثمارياً، خصوصاً وهي تضم مناطق من أجمل المناطق السياحية أو التضاريسية أو التعدينية في المملكة بشواطئ تمتد على مسافة تقارب ال700 كيلومتر مروراً بمحافظات حقل وضباء والبدع والوجه وأملج، أو كذلك بمواقع تاريخية وأثرية تتوزع في المنطقة مروراً بمحافظة تيماء تلك الإرث التاريخي الكبير في المنطقة، أو البدع بمدائن صالح، أو عديد من المواقع التاريخية والأثرية في المنطقة من قلعة تبوك أو قلعة الملك عبدالعزيز في ضباء أو غيرها من المكونات التاريخية أو الأثرية أو الفكرية في المنطقة. أحد الميادين العامة وسط المدينة