بمساحة تجاوزت 138 ألف كيلو متراً مربعاً في الجزء الشمالي الغربي من المملكة تقع منطقة تبوك الساحلية حيث البحر الأحمر من جهة وخليج العقبة بطول 600 كليو متر, فهي بوابة المملكة من الشمال بوصفها نافذتها المطلة على بلاد الشام وتركيا ومصر وشمال أفريقيا . وتحاذي تبوك داخلياً من الشرق حائل والجوف حيث المنطقة الصحراوية وجنوباً الحدود الشمالية لمنطقة المدينةالمنورة وتتخللها جبال شاهقة يكسوها الثلج شتاءً . وقسم بعض الجغرافيين طبوغرافية أرض تبوك إلى خمسة أقسام هي : تهامة ( السهل الساحلي ) وسلسلة جبال الحجاز وهضبة حسمي والحوض والهضبة الداخلية وصحراء النفود الكبير ومال آخرون إلى تصنيفات شبيهة لا تختلف كثيراً وتتناسب أيضا مع الخصائص والسمات الجغرافية السائدة في كل جزء منها وهي المرتفعات والهضاب والسهول والأودية والحرات والساحل والصحراء. وتشكل الهضاب الجزء الشرقي من سلسلة جبال الحجاز وتتباين في تكويناتها الجيولوجية وتختلف عن الجبال وهذا مؤشر جغرافي يبين أن تربتها قابلة لما يطرأ عليها من تغيرات فقد تحولها إلى تربة صالحة لإستنبات شجيرات وحشائش صالحة للرعي ولزراعة بعض المنتجات الزراعية وأعلاف الحيوانات وأهم هضبتين في المنطقة هما: حسمي والحجاز وتقع الأولى شرق مرتفعات الحجاز وتتوسطها مدينة تبوك أما الثانية إلى الجنوب الشرقي منها وتمتد حتى تلامس صحراء النفود الكبرى وتحدها من الجنوب حرة خيبر ومن الغرب حرتا الرحا والعويرض وتتشكل صخورها من تكوينات رملية. وتتوزع السهول داخل المنطقة بين الجبال والهضاب وحواف الصحارى وتمتد مع ساحل البحر الأحمر لتشكل فاصلاً بينه وبين سلسلة جبال السروات الموازية له وقد كشفت المسوحات والدراسات الجغرافية أن هذه السهول تضيق احياناً وتتسع أحيانا أخرى بحسب قرب المرتفعات الجبلية من البحر أو بعدها عنه وتغلب على السهول الساحلية التربة الرملية وهي منخفضة مما يجعلها مهيأة لتكون المستنقعات والبرك المائية وتحفها جزر مرجانية صغيرة كما أنها تحتضن مع بعض الأودية والشعاب أكثر محافظات المنطقة كضباء والوجه وأملج وحقل وبعض المراكز التابعة لها كمركز المويلح والخريبه ومقنا وشرما أما السهول الداخلية فهي غنية بالنباتات العشبية والمراعي واستغلت على نحو استثماري وتسابقت إلى استثمارها شركات زراعية كبرى وبعض رجال الأعمال وأقيمت فيها منشآت ومبانٍ حديثة واستخدمت فيها آخر التقنيات الزراعية وصاحب ذلك قيام صناعات زراعية متنوعة للعديد من المنتجات الجاهزة للتوزيع الداخلي والتصدير إلى الدول العربية المجاورة وأوروبا كما عولت الجهات المعنية في المنطقة على استصلاح أراضي السهول بما فيها السهول الصحراوية الشاسعة وإعدادها بصورة علمية لإنتاج محاصيل زراعية وفيرة بجانب كثير من الخضروات المتنوعة التي تتناسب مع مناخ المنطقة. ويعلو في المنطقة الصحراوية جبل شروري المعروف من أيام الجاهلية وجبل غنيم في تيماء وحومل والدويخلات في هضبة الطبيق , وتتكون جيولوجيتها من مجموعة صخرية رملية وتحتوي كميات هائلة من المياه الجوفية في حوض العلا تبوك وأكثر جبال المنطقة شهرة جبال الزيته وجبل اللوز وجبل شار والدبغ والجو وجبال مدين في الشمال وجبال شرورة في الشمال الشرقي وجبل رغامه في الجنوب. وتنحدر مجموعة من الأودية باتجاه الغرب لتصب في البحر الأحمر بينما تعاكسها أخرى فتجري باتجاه الشرق وينحدر عدد منها باتجاه الشمال ويغور ماء بعضها في غير مواسم الأمطار وتدخر مجموعة منها جزءاً من مائها طوال أيام العام وتعد هذه الأودية رافداً مهماً وأساسيا لخزانات المياه الجوفية التي يمكن استغلالها في المشروعات الزراعية الكبرى التي تتطلب رياً دائماً عبر المضخات الرافعة من بطون الآبار. وتضم قائمة أهم الأودية بالمنطقة وادي الحمض ووادي فجر ووادي نيال ووادي الأخضر ووادي الازلم ووادي دامة ووادي ضم ووادي السر ووادي أبا القزاز ووادي عفال ووادي مبرك ووادي دبل ووادي البقار ووادي املج ووادي عينونة، وذلك إضافة إلى كثير من الأودية التي يصب بعضها في البحر الأحمر وبعضها الآخر في الأحواض الداخلية للمنطقة والمناطق التي تجاورها. وقد شهدت عدة مواقع بساحل البحر الأحمر في المنطقة آثار سكانية منذ القدم وتشير المسوحات الأثرية إلى وجود مدنيات متطورة فيها خاصة الموانئ والمرافئ التي كانت تشهد حركة نشيطة للسفن العابرة إلى المحيط الهندي باتجاه الخليج العربي ودول شرق آسيا وتفيد بعض المراجع أن أهل المنطقة شاركوا في حركة النقل البحري والنشاط التجاري بين الحجاز ومناطق أخرى من العالم وتمت الاستعاضة عن الموانئ والمراسي القديمة بميناء ضباء الذي شهد تطوراً ملحوظاً قفز به إلى مصاف الموانئ الحديثة في المملكة وأسهم بدوره في إنعاش المنطقة وتنميتها اقتصادياً. ومناخ المنطقة بارد شتاءً وحار جاف صيفاً ويميل إلى الاعتدال ربيعاً وخريفاً والأمطار عموماً قليلة ويقتصر هطولها على فصل الشتاء وتتدنى درجة الحرارة إلى ما يقارب الصفر المئوي وتشكل الثلوج رافداً مهماً وأساسيا في تغذية مخزون المياه الجوفية أما في فصل الصيف فترتفع الحرارة إلى مستوى يتعدى الأربعين درجة أحيانا . وتمثل غزوة تبوك / أو غزوة العسرة / منعطفاً تاريخياً مهماً للدولة الإسلامية الوليدة بل شكلت الجانب الأكثر اشراقاً وضياءً في تاريخ المنطقة الإسلامي ويذهب باحثون كثر إلى أن تاريخ المنطقة بدأ معها وتحقق وجودها الكامل بعد أن دخلها المسلمون واتخذتها طلائع الفتح معبراً ومقراً للإستراحة والاستعداد فقد كانت البداية بغزوة تبوك التي انطلقت في الخامس من شهر رجب في السنة التاسعة من الهجرة النبوية الشريفة وهي أول حملة عسكرية إسلامية متكاملة بقيادة الرسول / صلى الله عليه وسلم / وخرجت لدرء خطر الامبراطورية الرومانية التي كانت تتربص بالدولة الإسلامية الفتية وتخطط للانقضاض عليها قبل أن تقوى شوكتها ويزداد نفوذها وتحقق للمسلمين النصر في تلك الغزوة للتحول تبوك بعد ذلك إلى مركز إسلامي منيع. وتعد مدينة تبوك المقر الإداري لإمارة المنطقة وهي مدينة الأزهار والورود وسلة غذاء المملكة وهي من المدن العريقة الموغلة في القدم تناولها أكثر المؤرخين والجغرافيين . ويتبع منطقة تبوك خمس محافظات رئيسية هي محافظات أملج وتيماء وحقل وضباء والوجه بالإضافة إلى مركز البدع ومركز حالة عمار ومئات المراكز المنتشرة في المنطقة. ومن أثار مدينة تبوك التي تتمركز في وادي ضم والأخضر، والبقار على مشارف مدينة تبوك، وقيل إن قلعة تبوك من أقدم الآثار في المنطقة إذ عمرت قبل 3500 قبل الميلاد وتكرر تجديد بنائها عبر الحقب التاريخية وأغلب الظن أن هذه القلعة ارتبطت بعين تبوك التي جعلت من تبوك قرية باقية عبر العصور وتسمى الآن (عين السكر ) ولغزارة مائها فقد كانت تروي الحرث والنسل وكانت مورداً للعرب في الجاهلية واستمرت العناية بها عبر العصور الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث أمر بطي مائها بالحجر المسمسم والجبس وقد وجدت كتابات فيها. وتقع مدينة تبوك على ملتقى طرق عديدة فهناك طريق يمر بها قادماً من منفذ حالة عمار وأخر قادماً من منفذ الدرة بحقل بالإضافة إلى الطريق القادم من ضباء الذي يعبر معه القادمون عبر ميناء ضباء كما يوجد في مدينة تبوك مطار تحط فيه وتغادر يومياً عشرات الطائرات المحملة بالركاب التي تحمل شحونات منتوجات زراعية في مقدمتها زهور تبوك التي تسد ما يقارب حاجة 60% من استهلاك الزهور في المملكة. ومن أبرز المظاهر الحضارية في تبوك قصر أمارة منطقة تبوك الذي صمم على الطراز الإسلامي يعكس مكانة المنطقة التاريخية ومركز الأمير سلطان الحضاري ويعد مجمعاً ثقافياً يضم صالة عرض كبيرة بمساحة 1200م2 ومسرح مغلق يتسع لأكثر من 2600 شخص ومسرح مكشوف يتسع لأكثر من 5000 شخص بالإضافة إلى الساحات الخارجية والمواقف والخدمات ويطل عليه برج مياه تبوك الذي يجري تنفيذه حالياً . ويأتي مركز الأمير فهد بن سلطان الاجتماعي الذي أقيم على نفقة سموه واحدا من المراكز الحضارية بالمنطقة وتبلغ مساحته الإجمالية 11 ألف متر مربع وهو من المعالم البارزة في مدينة تبوك شكلاً ومضموناً وتتلخص أهم أهدافه في تهيئة جو المشاركة في العلاقات الاجتماعية بين الأعضاء وتقديم النصائح الصحية والوقائية وتنمية قدراتهم على التكيف مع متغيرات الحياة عبر العمل الجماعي المشترك ,وتعميق قيم ومفاهيم الوفاء بالاحتياجات الاجتماعية الأساسية في نفوسهم من خلال بذل المشورة والمعلومات المفيدة والنافعة وقد ضم هذا المركز تحت مظلة جمعية برنامج الأمير فهد بن سلطان الإجتماعي . ويأتي جامع الأمير سلطان بتبوك الذي بلغت تكلفة إنشائه 13 مليون ريال أحد أبرز الجوامع في المنطقة ويقع على مساحة 25400 متر مربع مع وجود كافة الخدمات والمرافق. وتشهد منطقة تبوك مشاريع مختلفة في جميع محافظاتها فهناك مشاريع منها مشايع للتعليم العالي ممثلة في جامعة تبوك بتكلفة أكثر من ألف وسبعمائة مليون ريال وصحية ممثلة في تنفيذ مدينة طبية متكاملة بدأت نواتها بمشروع مستشفى الملك فهد التخصصي ومستشفى الولادة والأطفال ومستشفى الصحة النفسية إضافة إلى أنه جاري تنفيذ ثلاثة مستشفيات في كل من ضباء وأملج وتيماء بسعة 100 سرير لكل مستشفى وأيضاً تنفيذ أكثر من 40 مركزاً صحياً بتكلفة ألف مليون ريال ومشاريع مياه ممثلة في مشروع مياه تبوك الشامل تتجاوز تكلفته بكافة مراحله أكثر من ألف وسبعمائة مليون ريال ومشاريع مياه الشرب والتحلية والصرف الصحي بقيمة تتجاوز الألفين مليون ريال ومشاريع الطرق المزدوجة ومن أبرزها طريق تبوكالمدينةالمنورة السريع وطريق شرما بالإضافة إلى الطرق المزدوجة بين المحافظات والمدن والطرق الفرعية والرئيسية تتجاوز قيمتها أكثر من ألفين وخمسمائة مليون ريال ومشاريع للأمانة والبلديات التابعة ومشاريع إستثمارية وسياحية بالمنطقة مع وجود جامعة الأمير فهد بن سلطان الأهلية ومشاريع خيرية مميزة تخدم شريحة من المجتمع . وتشير الدراسات والبحوث التي أجرتها وزارة البترول والثروة المعدنية إلى أن منطقة تبوك من المناطق التي تتوفر فيها مقومات صناعية كبيرة كالحديد لتوفير خام الحديد والسيلكا لصناعة أنقى أنواع الزجاج وكذلك الرخام وغيرها من المواد الأولية إضافة إلى أن تبوك تضم اليوم مصنعاً للأسمنت وآخر للأودية ولذا فإن مستقبل المنطقة الصناعية يبشر برافداً صناعياً إلى جانب النهضة الزراعية. وتمتلك منطقة تبوك العديد من المقومات التي حباها الله إياها والتي جعلتها مؤهلة لقيام نهضة حضارية شاملة فيها ومن ذلك التربة الصالحة للزراعة والمياه الجيدة كماً ونوعاً والمناخ المناسب لزراعة العديد من المحاصيل الزراعية فقامت المشاريع الزراعية المتخصصة بطاقة إنتاجية عالية لإنتاج القمح والشعير والأعلاف والفواكه والألبان والدواجن واللحوم إضافة إلى المزارع النموذجية التي تستخدم التقنيات الحديثة ويعتبر الزيتون من أهم المحاصيل الناجحة في المنطقة ويجد اقبالاً كبيراً من المزارعين . أما محصول العنب فقد ثبت نجاحه بشكل كبير ونقلت كميات كبيرة من هذه المنتجات إلى الأسواق العربية والعالمية بالإضافة إلى انتاج المنطقة الوفير من الفواكه والخضروات وأيضاً إنتاجها للورود بكميات كبيرة. إن المتتبع لمسيرة التطور والبناء التي بدأت في منطقة تبوك منذ أكثر من عقدين بفضل الله ثم بدعم القيادة الرشيدة يلمس بجلاء حجم العمل الذي يقوده صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك ومتابعة سموه الدؤوبة ميدانياً والوقوف على تنفيذ واستكمال العديد من المشاريع في كل عام حتى أصبحت تبوك اليوم واحدة من أهم مناطق بلادنا الغالية كما ينتظرها إن شاء الله وبفضله ثم يما تحقق لها من بنية تحتية ومشاريع تنموية مستقبل واعد زاهر بدعم واهتمام القيادة الرشيدة .