بيّن الدكتور خالد الحليبي، في جوابه على سؤال ل"الشرق"، أن ديننا الإسلامي هو دين الكلمة، بدلالة قول الإمام علي -رضي الله عنه- “وإنَّا لَأُمَرَاءُ الكلام، وعلينا تَهَدَّلَتْ غُصونُه"، في حين أنّ الديانة المسيحية هي ديانة الصورة، لذا طالما احتفت أسرنا العربية بالأدب وتغنّت به، قبل ثورة التكنولوجيا وسيادة الفكر الغربي، الذي أدّى لسيادة الصورة. وعن الكيفية التي نستطيع بها إعادة الكلمة إلى سيرتها الأولى، قال “إنّ ميل العرب للكلام، والغرب للصورة، أمر صحيح، وهو ليس وليد الطفرة التكنولوجية، بل يمتدّ هذا الميل إلى زمن الحضارة اليونانيّة. وعمر أبو ريشة يقول عن أبي تمام والبحتري: إن خيالهما كسيح، وإنّ الخيال الحقيقي عند بودلير وموليير الفرنسيين. مع هذا، ليس علينا إعادة عصر الكلمة، والصورة باتت واقعاً مفروضاً، وإنما المزاوجة بينهما بإدخال الصورة للشعر وللأدب وإدماجهما معاً". وأضاف: “إن الأدب في محنة"، مستشهدًا بدولة ماليزيا التي كان مسافراً إليها، والتقى بأحد مفكريها هناك، فكشف له عن قلقه من التطوّر في دولتهم، إذ تسبب بجعل أجهزة التكنولوجيا بين أيدي الصغار طيلة الأوقات. جاء ذلك في محاضرة للحليبي، مساء أمس الأول، عن دور الأسرة في التكوين الأدبي، في نادي المنطقة الشرقية الأدبي. واعتبر الحليبي الفنّان كائناً اجتماعياً مستجيباً لمؤثرات البيئة، مؤكداً على دور الأسرة في التأثير أدبياً، مفرّقاً بين أسر تُنتج فنانين، وأسر لا تنتج، ومرجعاً الأسباب إلى اهتمام الأسرة بعقد المجالس الأدبية، وتحفيز أبنائها، وتحفيظهم النصوص الإبداعية، وتوفير مكتبة منزليّة، ومنحهم فرصاً للتجريب، والتعبير، وتربيتهم على الإحساس بالجمال وتقديره، والعمل على إنتاجه. وذكر نماذج من المبدعين ممّن تأثروا بالجماليات المحيطة بهم، من مثل: عبدالله بن أبي ربيعة، ونزار قباني، مستعرضاً دور الوالدين في التنشئة الإبداعية، ومبيّناً أن ما قرأه من تجارب المبدعين، عالميّاً، يثبت تفوق دور الأم. وحذّر الحليبي من إجبار الطفل غير الموهوب أدبياً، ودفعه بالقوة للأدب. كما تناول الخطوات التي تتبعها الأسرة تجاه أبنائها ليكونوا مبدعين، وهي: الرواية، وحث الولد على التأدب، مع حفظ القرآن الكريم وتدبّر معانيه، وما صحّ من السنة النبوية، وحفظ أجود الشعر العربي، وروائع النثر العربي، ودراسة علم العروض، وعلوم الآلة، والدربة، وإقامة مجالس أدبية للشباب، وطبع نتاج الناشئة من الكتّاب. ووضع الحليبي على النوادي الأدبية مسؤولية إعداد برامج تدريبية في الكتابة الإبداعية، مشيداً بتجربة نادي الأحساء الأدبي، وداعياً الأندية الأخرى لاقتفاء أثر تلك التجربة.