نادت تظاهرات بسقوطه قبل عامين، خطابات له تستجدي شعبه، ملايين تزحف نحو قصره، خطاب مقتضب لنائبه يعلن تنحيه عن الحكم، سقوط نظامه، القبض على رجاله، إيداعه قفص الاتهام، الحكم عليه بالمؤبد، شائعات متكررة لوفاته، نقله للمستشفيات العسكرية……. امرأة تهتف بحرقة لعودته قرب تظاهرة للإسلاميين قبل أسبوعين. تلك المشاهد القصيرة تلخص ما يدور في عقول مئات الآلاف من المصريين الذين يعيشون حياة مضطربة وغير مستقرة بشكل مبالغ فيه منذ نحو عامين انفجرت بشكل درامي وعنيف قبل نحو شهر تخللها عناد رئاسي ادخل البلاد في موجة من قتال الشوارع خلَّف قتلى وجرحى في مدن مصرية عدة. وفيما كانت الاشتباكات على أشدها بين أبناء الوطن المنقسم من أنصار التيار المدني والتيار الإسلامي قرب مسجد القائد إبراهيم في مدينة الإسكندرية، وقفت سيدة تتوشح السواد تهتف مع ثلاثة من مرافقيها “الشعب يريد عودة مبارك"، وهو ما لم يتفاعل معه أحد من المارة سلباً أو إيجاباً. الأمر الذي قد يفسر على أنه موافقة حزينة صامتة من المواطنين على صحة الهتاف بعد عامين من رحيل مبارك عن سدة حكم مصر. وقالت السيدة التي رفضت ذكر اسمها ل “الشرق": “عمري60عاماً ولم أر أبداً المصريين يتقاتلون بهذا الشكل العنيف". وبعيداً عن سيدة الإسكندرية، وعلى مقربة من ميدان التحرير المغلقة مداخله منذ نحو شهر، قال علي عبدالرحمن، سائق تاكسي، 45 عاماً ل “الشرق": “أتمنى عودة مبارك… على الأقل هو ورغم كل مساوئه رحل حتى لا يقتتل الشعب ويسيل الدم أنهاراً".ويتناقل مصريون حالياً تصريحات لمبارك حذر فيها من سقوط حكمه لأنه سيفضي حتماً إلى الفوضى، كما قال إن الإخوان سيستولون على الحكم ولن يتركوه، وهو ما نشرته صحيفة الأهرام المملوكة للدولة قبل أسبوع من سقوط مبارك. ويعود مبارك، الذي يموت إعلامياً من فترة لأخرى، لصدارة المشهد المجتمعي للمصريين كلما ساءت الأحوال اقتصادياً أو أمنياً أو زاد رعب الحديث عن “الحرب الأهلية" تحت وطأة اشتباكات القوى السياسية المدوية في الشارع. وتزايدت الإشارة بكثرة مؤخراً لمبارك، الذي حكم مصر لنحو 30 عاماً، بعدما تدهور الاقتصاد المصري لأسوأ حالاته بشكل طرح أحاديث إعلامية عن إفلاس مصر بشكل جدي وهو ما بث الرعب في نفوس ملايين المصريين. وعكس حالها المتدهور حالياً، شهد عصر مبارك ازدهاراً كبيراً للسياحة التي كانت تنعش الاقتصاد المصري بما يزيد على 14 مليار دولار أمريكي سنوياً.وقالت نجوى سالم، ربة منزل، بينما تتابع برنامجاً تلفزيونياً ينقل أخباراً اقتصادية سيئة، “لم نكن نسمع كل ذلك أثناء حكم مبارك".وأضافت نجوى التي شارك أبناؤها الثلاثة في التظاهرات التي أسقطت مبارك “لا أتمنى عودته.. لكن يبدو أنه كان يدير البلاد بشكل صحيح"، متابعة بحسرة “نحن نعيش أياماً سوداء".