أوقف مدير التربية والتعليم في منطقة جازان محمد بن مهدي الحارثي، ملفات مائتين من المتقدمين والمتقدمات للوظائف التعليمية في المنطقة، لحين البت في قضية فساد إداري أحيلت على جهات التحقيق المختصة للنظر فيها، تأسيساً على ما وصفه عدد من المتقدمين بالتلاعب و«الواسطة» التي طالت عملية التقديم من قِبل بعض المسؤولين والموظفين في الإدارة السابقة، رافعاً القضية إلى وزارة التربية والتعليم للتحقيق فيها. وعلمت «الشرق» أن تغييرات إدارية واكبت تلك القضية شملت إعفاءات لأبرز القيادات في الإدارات والأقسام الداخلية في إدارة التعليم. وتم إيقاف إجراءات التعيين على الوظائف الإدارية التي تحمل مسميات مراسلين ومراسلات وعمال وسائقين لحين البت فيما شابها من شكاوى طالب فيها المتضررون بتدخل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، للتحقق من «نزاهة» عملية قبول الملفات، ورأوا أن تفاوت تواريخ التقديم دلالة واضحة على «الواسطة». وألقوا باللائمة في هذه القضية على المديرين السابق والمكلف للتربية والتعليم في جازان. محمد الحارثي وتحفظ الحارثي في البت في هذه الوظائف لأسباب رفض الكشف عنها، عندما طلب منه المراجعون للقضية تحديد تلك الأسباب كتابياً على خطابات الشكوى المقدمة إليه، تاركاً الغموض سيداً للموقف أمام أصحابها الذين باتوا لا يعرفون مصيرهم مستقبلاً. كما لم تصل «الشرق» حتى الآن إلى مدير التربية والتعليم الجديد محمد الحارثي، الذي تجاهل اتصالاتها المتكررة لمعرفة تفاصيل هذا التلاعب في الوظائف الإدارية. كما لم يرد على الرسائل النصية المرسلة إليه طيلة الأيام الماضية. واكتفى مدير الإعلام التربوي محمد الرياني، بتوضيح دار حول شكوى تقدم بها أحد المواطنين إلى مدير التعليم يستفسر عن عدم قبول ابنته في إحدى الوظائف الإدارية رغم قبول غيرها من المتقدمات. حيث طالب المواطن بأن يتقدم بشكوى رسمية للإدارة للتحقق من ذلك وإرفاق المستندات اللازمة بها. وأشار الرياني إلى أن الإجراءات داخل الإدارة هي تكليفات داخلية تخص الإدارة وحدها، تاركاً تفاصيل القضية تمضي في مساراتها لدى الجهات المختصة وصولاً إلى إنصاف المظلومين ومعاقبة المتجاوزين للأنظمة المتلاعبين بالوظائف. وأفادت معلومات تلقتها «الشرق» من بعض المتضررين في قضية «الواسطة» بأن هناك كشوفات بأسماء مجموعة من المتقدمات على وظائف إدارية تؤكد أنهن تقدمن منذ فترة تجاوزت السنة والسنتين، ما أثار حالة من القلق بخصوص تلاعب محتمل في الملفات. وأشارت مصادر في الإدارة العامة للتربية والتعليم في جازان إلى أن مجموعة من المسؤولين والموظفين اختاروا بعض الملفات، وبخاصة الجديدة منها لتوظيف أصحابها، بدأت مع وجود المدير السابق والمدير المكلف للتعليم، وتم التحفظ على مائتي ملف منها مع استلام المدير الجديد لمهام إدارة التعليم بجازان. وأشارت المصادر إلى سحب شؤون الموظفين لقرارات التعيين من تلك الملفات رغم تأكد أصحابها من وجودها داخل ملفاتهم، ما أثار شكوك المدير الجديد، ومن ثم رفعت القضية للوزارة للتحقيق في ملابساتها. أحمد البهكلي وفي سياق متصل، عرضت «الشرق» القضية على المشرف العام على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أحمد بن يحيى البهكلي حيث أوضح أن حق العمل من أهم الحقوق الإنسانية التي تؤكد عليه الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية والدساتير المحلية، وحين تكون فرص العمل محدودة تنشأ الحاجة إلى المعايير المحكمة والضوابط الموضوعية التي تضمن العدالة ووصول الأكفاء المؤهلين بعيدا عن المحاباة والمجاملة. وأكد أن لدى جهات التوظيف الحكومية والأهلية لوائح وأنظمة جيدة لضمان حسن الاختيار من المتقدمين للعمل، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في التطبيق والالتزام بهذه الضوابط والأنظمة، مؤكداً وجوب تصدي الجهات الرقابية في الدولة لأي تجاوزات، فضلاً عن تصدي المجتمع بمؤسساته المؤثرة ومن أهمها الإعلام لها. وبيّن أن تلك المخالفات لو ثبتت بالأدلة ستحال على القضاء لمعاقبة مرتكبيها بالعقوبة الرادعة. نافياً علمه بالقضية أو تلقي الجمعية لأي مخاطبات بشأنها.