كشفت وثيقة من داخل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، دُعِيَت ب «وثيقة الحكماء»، عن وجود إشكالية قد تعصف به بسبب حالة الانقسام التنظيمي والفكري والتبعية لحركة حماس «الإخوان المسلمون- فرع فلسطين» واتهامها باللعب بالساحة الأردنية. وقالت مصادر من داخل جماعة الإخوان المسلمين ل «الشرق» إن «إخوان الأردن» يوجد فيها تنظيم داخل التنظيم يقود الإخوان ويتبع حركة حماس ولا تعنيه القضايا الوطنية في الأردن. عبداللطيف عربيات وأشارت المصادر إلى أن رئيس مجلس الشورى السابق ل «إخوان الأردن»، عبداللطيف عربيات، والأمين العام السابق لحزب الجماعة جبهة العمل الاسلامي، الدكتور إسحاق الفرحان، ورئيس الدائرة السياسية السابق، الدكتور إرحيل غرايبة، والمراقب العام السابق للإخوان سالم الفلاحات وراء «وثيقة الحكماء». واتهمت المصادر نائب المراقب العام للجماعة، زكي بني إرشيد، بالمسؤولية عما وصلت إليه الجماعة بسبب سيطرته على مقاليد القرار فيها ويليه المراقب العام للجماعة همام سعيد والمسؤول الإعلامي للجماعة مراد العضايلة ورئيس مجلس الشورى علي أبو السكر. وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، الدكتور محمد أبو رمان، ل «الشرق» إن الوثيقة المسربة تكاد تتطابق مع وثيقة الحكماء التي نشرت داخل الجماعة. وتابع أبو رمان أن هذه الوثيقة الجديدة تعبر عن غضب تيار عريض في الجماعة من سيطرة تيار متشدد قريب من حماس على قرار إخوان الأردن. سالم الفلاحات وحول ما تطرقت له الوثيقة من حالة الإنقسام على أساس « أردني أردني- وأردني من أصل فلسطيني» لم ينف أبو رمان هذه الحقيقة التي اعتبرها داءً في جسم الحركة الإسلامية. وتتناول الوثيقة التي حصلت «الشرق» على نسخة منها الخلافات الداخلية المتعلقة باستخدام المال السياسي والانحياز لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وضعف الحراك الإخواني. وكان التنظيم الدولي لجماعة الإخوان «الإرشاد العالمي» تدخل في 14 اكتوبر الماضي لحل الخلاف داخل «إخوان الأردن»، حيث التقى نائب المرشد العام للجماعة، جمعة أمين، بقياديين من تياري الحمائم في إخوان الأردن برئاسة الدكتور عبداللطيف عربيات والصقور برئاسة زكي بني إرشيد في العاصمة اللبنانية بيروت وتم الاتفاق على إنهاء ملف المال السياسي داخل الجماعة بحل مكتبها التنفيذي وإعادة الانتخابات، إلا أن شيئا من هذا لم يحدث ما أدى لخروج هذه الوثيقة. وفيما يلي نص «وثيقة الحكماء»: تشخيص المشكلة أصل المرض يكمن في الانقسام الحاد والاصطفاف العميق في صفوف الجماعة، الذي تعدى الصف القيادي الأول إلى الصفوف الأخرى حتى وصل القاعدة العريضة في الجماعة. هذا الانقسام الذي بدأ منذ زمن بعيد، حيث نشأ في الجماعة تنظيم داخل التنظيم، له قيادة واجتماعات وقرارات وإجراءات سرية، تأخذ طريقها إلى مؤسسات الجماعة الرسمية، ونشأ هذا التنظيم بحجة تصحيح مسار الجماعة حيث كان هناك قناعة أن قيادة الجماعة آنذاك تمالئ النظام و تأتمر بأمره وتنفذ سياساته، حتى استطاع الوصول إلى دفة القيادة والإطاحة بالقيادة التقليدية. ومع مرور الزمن تعمق أسلوب الكولسة التنظيمية (العمل في الكواليس) وأصبح طريقة عمل وحياة لدى بعض أفراد التنظيم، وأصبح صفة ملازمة لمجموعة محددة لا تستطيع الاستغناء عنه. هذا المرض المزمن أدى إلى جملة من المشاكل المتوالية والمتسلسلة والآثار السلبية المتراكمة على جسم الجماعة ومؤسساتها، وانعكس على الأداء السياسي، ومجمل العلاقات مع المجتمع الخارجي، ومن هذه المشاكل و أخطرها ما يلي: مشكلة المال السياسي تتجلى مشكلة المال السياسي في دفع «التنظيم الداخلي» للاشتراكات المفروضة على منتسبي الجماعة من أجل ضمان نصاب النجاح لمرشحي التنظيم، كما يُستَثمر المال في شراء الذمم لنفر من أفراد الجماعة الفقراء، ومن الذين تراكمت عليهم الاشتراكات لسنوات عديدة، وهذا ما حصل بشكل يقيني ومؤكد في أغلب الشُعَب. الاغتيال التنظيمي تنشأ هذه المشكلة من خلال الجهوذ المبذولة من قيادة «التنظيم الداخلي» وأفراده من أجل إنجاح مرشح على حساب مرشح منافس، عن طريق وصفه بأنه من جماعة النظام أو من التيار المنبطح المسمى ب (الحمائم)، والعمد إلى نشر الإشاعات المختلفة أقلها أنه يتعامل مع المخابرات أو أنه عاق لوالديه أو أن عليه مشكلات مالية أو أخلاقية أحيانا، وهناك من يحاول جمع ملفات عن بعض الأشخاص تحوي مقالات وتحليلات صحفية ويجري التركيز عليها باللون الفسفوري وتداولها بين الأفراد والاستشهاد بها أثناء الزيارات المبرمجة. التعصب الإقليمي تطورت حملة التشويه لترفع «قميص حماس» بحيث يتم الإشاعة بأن المنافسين هم لا يؤيدون حماس، ولا يناصرون خط المقاومة والجهاد، مما يجعل الأمر بين العامة وقواعد التنظيم قائما في أغلبه على مسألة إقليمية باستثناء البعض، ولذلك يجب الاعتراف بأن مشكلة «صقور وحمائم» تحولت إلى مشكلة «فلسطيني وأردني»، ويعد هذا المظهر من أخطر آثار تطورات المشكلة مؤخرا. انهيار منظومة القيم أدى هذا الانقسام الجاري داخل الجماعة إلى انتشار العداوة و البغضاء بين أفراد التنظيم، وانتشار الإشاعات ومجالس الغيبة والنميمة والطعن والتشويه والاغتيال واستحلال المحرمات. كما أدى إلى اختلال كبير وواضح في معايير الفرز والاختيار للمناصب القيادية وتولي المسؤولية داخل الجماعة، وأصبح معيار الولاء ل «التنظيم الداخلي» هو الأساس، مما يؤذن بخراب كبير. كما أدى هذا الاصطفاف إلى اتباع أسلوب المحاصصة في مراكز القيادة و في تشكيل المحاكم، ما عطل القضاء داخل الجماعة عن القيام بدور إرساء العدالة وإعادة الحقوق إلى أصحابها وحفظ القيم. تعطيل الإصلاح الوطني أدى الانقسام الواضح داخل صفوف الجماعة إلى تعطيل دورها الدعوي، و بدد طاقاتها في التناحر الداخلي، وصرف الوقت الثمين في محاولة الإصلاح الداخلي، وجعل جهد الجماعة في التغيير والإصلاح قليلا ومحدودا و بلا تأثير حقيقي وضعيف الفاعلية، و يظهر ذلك جليا في ضعف انخراط قاعدة التنظيم في النشاطات الإصلاحية إذ لا تتعدى نسبة المشاركة الداخلية في أحسن أحوالها 20 %، مما جعل حراك الشارع الأردني ضعيفا وهزيلا إذا ما قورن بالحراك التونسي أو المصري أو الليبي أو اليمني أو حتى السوري على دمويته، و ما زال الحراك باهتا . و الأمر الأكثر خطورة أن انقسام الجماعة أدى إلى عدم القدرة على توحيد المجتمع الأردني المنقسم الذي عمل النظام على قسمته. التداخل التنظيمي من المشاكل المستعصية في تنظيم الأردن مسألة التداخل التنظيمي (بين الأردن وفلسطين) التي تحتاج إلى معالجة صريحة وجريئة، فتنظيم الأردن يتحمل مسؤولية الدعم والمساندة بكل ما يملك من جهد وطاقة، ولكن بطريقة تنظيمية صحيحة ومتفق عليها. وفي هذا المجال فإن كل مؤسسات التنظيم الفلسطيني العاملة على الساحة الأردنية ينبغي أن تكون مستقلة استقلالا تنظيميا كاملا، وكل من ينتدب للعمل فيها عليه أن يتفرغ لها تفرغا تاما سواء كانت إعلامية أو استثمارية، ويجب أن يتم فصل تبعيته التنظيمية للتنظيم الاردني. الحل المقترح الخطوة الأولى: إنهاء حالة الانقسام والاصطفاف داخل صفوف الجماعة وذلك بحل «التنظيم الداخلي» الذي يعمل داخلها وإعلان ذلك على كل قواعد التنظيم، وإعادة وحدة الجماعة، والإفصاح عن كوادره و أفراده والأموال التي تم إنفاقها، بعيدا عن سياسة الخضوع للأمر الواقع والمجاملة. الخطوة الثانية: ميثاق جديد يحرم الاصطفاف والمال السياسي والاغتيال التنظيمي وعملية نشر الإشاعات، وأن يتم التوقيع على هذا الميثاق من كل قيادات الجماعة ورموزها وتعميم ذلك على كل أفراد التنظيم. الخطوة الثالثة: نظام عقوبات يقضي بفصل كل من يخالف هذا الميثاق و يعمل على خلق الاصطفافات ويمارس الكولسة التنظيمية بأي طريقة غير مشروعة. الخطوة الرابعة: نظام أساسي جديد يشرع لوحدة الجماعة ويمنع المال السياسي عن طريق التأكيد على حق الانتخابات لكل عضو منتظم دون حاجة لشرط تسديد الاشتراكات الذي يؤدي إلى ضرر أعظم من النفع المادي المرجو، كما ينبغي إعادة بناء منظومة القيم التي تشكل مرجعية التنظيم. الخطوة الخامسة: منع التداخل التنظيمي ومعالجة آثار استقلال التنظيم الفلسطيني بحيث لا يلحق الضرر بكلا التنظيمين و تفريغ العاملين لمصلحة حماس بشكل كامل و مطلق. الخطوة السادسة: تنظيم الجهود العاملة في مختلف المؤسسات الدعوية والتطوعية بطريقة صحيحة ودقيقة، حتى لا يتم استثمار مواقع المسؤولية لأغراض انتخابية. الخطوة السابعة : إعادة بناء الحزب على أسس جديدة تحقق الانتشار الشعبي المأمول و تعطيه الاستقلال في العمل السياسي بعد أن يتم فرز مجموعة قيادات سياسية من الجماعة، وبعيدا عن الازدواجية التنظيمية مع الجماعة ، ماليا و إداريا و تنظيميا، وإطلاق يد الحزب في القرارات الكبيرة على المستوى السياسي.