تشهد سوريا أحداثا خطيرة وثورة شعبية منذ عشرة أشهر، وتدخلا إيرانيا في المشهد السياسي وبشكل مخيف من خلال الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة لحزب الله اللبناني، اللذين يساهمان إلى جانب النظام في قمع الشعب السوري المنتفض الأعزل الذي أكد على سلمية تحركه وتظاهراته وحقه في الحرية، في ظل هذه الظروف وسقوط آلاف الضحايا والمئات من النساء والأطفال برصاص القتلة.التقت «الشرق» مدير المنظمة الديمقراطية السورية «ريبال الأسد» ابن رفعت الأسد، وابن عم الرئيس بشار الأسد، وكان معه الحوار التالي: * - هل وصل النظام السوري لمرحلة اللاعودة، وقرر الاستمرار في قمع الجماهير المنتفضة واستبعاد الحوار؟ - كما سمعنا وصلت حصيلة الحملة القمعية التي ينتهجها النظام ضد المتظاهرين في سوريا إلى أكثر من خمسة آلاف شهيد وعشرات آلاف الجرحى وعشرات آلاف المعتقلين، وبالتالي بات الحديث عن الإصلاح اليوم يعني فيما يعنيه تقديم المتورطين بعمليات القمع هذه إلى العدالة بالإضافة للفاسدين الذين يتهمهم الشعب بالفساد، ولهذا فإن هؤلاء المتورطين لن يسمحوا للعجلة أن تدور للخلف، ولن يسمحوا للحوار أن يأخذ مجراه، بل على العكس إنهم يعملون على عرقلة وإجهاض أي حوار وأي إجراء آخر يؤدي إلى الإصلاح. وبالعودة للحوار المطروح سمعنا أنهم يقولون إن المحتجين هم مندسون فمع من إذن يريدون التحاور؟ عموماً أنا أعتقد أن الحوار يبدأ بإجراءات عملية على الأرض تتمثل في وقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين ودعوة جميع أطراف المعارضة إلى طاولة مستديرة، والبدء بإجراء حوار وطني شامل تمهيداً لتشكيل حكومة وحدة وطنية تباشر عملها فوراً في نقل البلد إلى نظام ديمقراطي يكفل حقوق جميع مكونات الشعب السوري. * - هل تعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد، لا يزال ممسكا بزمام السلطة وخيوط النظام؟ - لا، لا أعتقد أنه ممسك بزمام السلطة. هو ورث نظاماً فيه كثير من الفاسدين، الذين أورثوا بدَورهم الفساد لأبنائهم، وهؤلاء هم من يمنعوه من إجراء أي تغيير أو إصلاح لأن الإصلاح يضر بمصالحهم. * - رامي مخلوف وحافظ مخلوف وعاطف نجيب، هل صحيح أنهم هم من يسيطر على الحكم وبدعم من المحاربين القدامى وبمعزل عن الرئيس بشار؟ - نعم هم هؤلاء بالإضافة إلى بعض رجال الأمن المعروفين بالفساد، وليس المحاربين القدماء، لاسيما أن من تسمّيهم محاربين قدماء هم في منازلهم منذ سنوات طويلة، أما الآن فيوجد في سوريا مفسدون وأولاد مفسدين قدماء وقام هؤلاء ببناء نظام متكامل قائم على الفساد وهذا النظام هو الذي يتحكم بمجريات الأمور. * - حذرت من أن المستفيدين من الأوضاع الجارية في سوريا سيقودون البلاد لحرب أهلية، هل ما زلت ترى هذا الأمر يمكن أن يتحقق في سوريا؟ - نعم هذا صحيح، إن المستفيدين الذين كنا نتحدث عنهم قبل قليل من رجال النظام، لن يتورعوا عن سلوك أي طريق للقضاء على الاحتجاجات الشعبية حتى لو قاد هذا الطريق إلى حرب أهلية، المهم بالنسبة لهم هو البقاء في مناصبهم والحفاظ على مكاسبهم. المخابرات السورية والإيرانية يدفعون بكامل قواهم في هذا الاتجاه، مع فارق أن رجال المخابرات السورية هم أصحاب نظرة ضيقة تخص مصالحهم أما المخابرات الإيرانية فهم أصحاب المصلحة الكبرى بأي حرب أهلية في سوريا والمنطقة العربية عموماً كون ذلك يشكل لهم ذريعة للتدخل بحجة حماية الشيعة العرب رغم معرفتنا أن آخر ما يهم إيران الفارسية، هو أن يحموا العرب إن كانوا شيعة أم غير شيعة. أعتقد أن على العرب جميعاً التحلي بالوعي والوقوف صفاً واحداً بكل أطيافهم ومذاهبهم في وجه المطامع الإيرانية. * - ماهو دوركم تحديدا في ظل الأوضاع السائدة في العمق السوري، خاصة وأن هناك من يقول بأنكم تحرضون الشارع السوري على الانتفاضة؟ -هذا ما قاله أبواق النظام في لبنان ولكننا لم نحرض أحدا إلا إذا تم اعتبار النصيحة والدفع باتجاه الإصلاح تحريضاً. الوالد منذ السبعينات كان ينصحهم ويدفعهم باتجاه الإصلاح، و كان يرى مالا يريدون رؤيته، كان يقول لهم إنهم سيصلون إلى هنا إذا استمروا بنفس الطريقة وها هم وصلوا إلى ما كنا نخشاه. نحن نحب وطننا ونحب شعبنا ونحب عائلاتنا فكيف يمكن لنا أن نترجم هذا الحب إذا لم نقدم النصيحة الصادقة والمخلصة للوطن والشعب والعائلة؟ وبالمناسبة قمت مؤخراً برفع دعوى على أبواق النظام في لبنان، وقريباً جداً ستظهر الحقائق وسأربح الدعوى بإذن الله و سيتعرف الشعب السوري على الكاذبين، وسينال هؤلاء الكاذبون جزاء افتراءاتهم وأكاذيبهم. * - عبدالحليم خدام، الذي كان في خصومة دائمة مع رفعت الأسد يقال إنه بعد أن خرج من لعبة الفساد والإفساد التي ضربت المشهد السوري وبعد هروبه من سوريا، أصبح على علاقة وثيقة مع والدكم باعتبار أن الغربة جمعتكم كيف تعلقون على ذلك؟ - أشير هنا إلى أن التاريخ يعيد نفسه في سوريا دائماً، إذا ألقيت نظرة على ما يجري في سوريا الآن فستجد أن رجال النظام يتهمون كل من يقدم النصح ويطالب بالإصلاح والديمقراطية بالخيانة مع فارق أنهم عاجزون اليوم عن تسويق ما كانوا قادرين على تسويقه بالأمس عندما كانوا يسيطرون على الإعلام، من هنا أقول إنه لا يوجد خصومة بين والدي و عبدالحليم خدام، ولكن الذي يوجد هو تلك العلاقة الموجودة اليوم بين الناصحين وبين من يتهمونهم بالخيانة. كان والدي يقف في وجه الفساد ويطالب بالديمقراطية والحرية، وكان عبدالحليم خدام من أولئك الذين يتهمون والدي بالخيانة. وفي المقابل لم يكن هناك ما يجمع بين والدي وبين خدام، والدي كان ضد الفساد وهو كان مع الفساد، والدي غادر السلطة اعتراضاً على الفساد، وهو غادر البلد بعد إنهاء خدمته من قبل النظام، والدي كان ضد التوريث وكان ينادي بالديمقراطية منذ أربعين عاماً، بينما خدام كان مع التوريث وهو الذي قام بإجراءات نقل السلطة، والدي كان ضد التبعية للاتحاد السوفيتي وخدام كان مع هذه التبعية، والدي كان ضد العلاقات مع إيران على حساب العلاقات مع العرب بينما كان خدام يشجع هذه العلاقة على حساب العلاقات العربية، والدي كان مع الانفتاح على الغرب بينما خدام كان ضد هذه الانفتاح، والدي كان ضد الدخول إلى لبنان وضد التدخل في شؤون لبنان، بينما خدام كان مع الوصاية على لبنان فكيف يمكن أن يجتمع رفعت الأسد بعبد الحليم خدام؟ أعود وأركز على أنه لو كان والدي فاسداً لما ترك السلطة، بل لما تركوه يخرج من السلطة، هل سمعت بفاسد ترك السلطة في سوريا؟ وأؤكد أنهم لو لم يقوموا بإنهاء خدمات خدام لاستمر في السلطة إلى يومنا هذا، ولكان واحداً من أولئك الذين يظهرون على الفضائيات السورية اليوم للدفاع عن الإجراءات المتبعة بقمع الشعب (المندسين)!. * - هل أنتم مع تطبيق الحظر الدولي على سوريا؟ - لا أعرف ماذا تقصد بالحظر الدولي، بالتأكيد لا أحد مع إجراء أي حظر على بلده، ولكن إذا كنت تقصد العقوبات على بعض المسؤولين السوريين فأنا أعتقد أن هذا الإجراء كان منتظراً وحذرنا منه. والمجتمع الدولي اليوم لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي تجاه ما يجري الآن في سوريا خاصة في ظل تكنولوجيا الاتصالات و الفضائيات والأنترنت التي أتاحت لكل شعوب العالم أن ترصد عن قرب كل عمليات القمع والقتل الوحشي. وكان يتوجب على النظام في سوريا أن يأخذ العبرة مما حدث في تونس ومصر. فإذا كان الغرب أذعن لضغط شعبه ووقف مع الشعبين التونسي والمصري ضد الحليفين بن علي ومبارك، ألا يقف هذا الغرب مع الشعب السوري؟ من هنا أقول إننا نعيش في القرن 21 الذي يمثل عصر الديمقراطية والعدل والسلام والحرية ولهذا لا يمكن المجتمع الدولي أن يغض الطرف عن اضطهاد الشعوب في أي مكان على وجه الأرض. * - ماهي خيارات النظام السوري الآن؟ -كانت الإجابة على هذا السؤال منذ اشهر أخف وطأة من الآن حيث كانت الخيارات أكثر من تلك المتاحة اليوم أما الآن فللأسف لم يبقَ لرأس النظام السوري سوى خيار واحد وألخصه في الآتي: الإسراع ببناء جسر ثقة، مهما كان هذا الجسر ضيقاً، بينه وبين الشعب السوري، نحن الآن نقف إزاء شعب غاضب وثائر ضد رموز فساد أضروا بسوريا وبكل أبناء الشعب السوري، ولهذا فمن البديهي أن يعمل رأس النظام على الوقوف مع الشعب لأن الشعب هو الذي يبقى. عليه فوراً إنهاء العنف وإطلاق سراح كافة المعتقلين وهو لن يتمكن من القيام بهذا إلا بعد اعتقال رموز القتل والفساد وإيداعهم السجن تمهيداً لمحاكمتهم أمام الشعب. الأمر يتطلب شجاعة وجرأة ويتوجب عليه أن يمتلك هذه الشجاعة اليوم، عليه أن يعلن أنه يقف مع الشعب وعندها فقط سيقف الشعب والجيش معه و سيمنحه مهلة محددة لقيادة التحول إلى نظام ديمقراطي يمنح الشعب حريته الكاملة باختيار ممثليه، وكل ما أرجوه هو أن يستمعوا للنصيحة لمرة واحدة في حياتهم. وعلى رأس النظام أن لا ينسى أنه، بحكم الدستور وحكم كونه قائداً للحزب والجيش، فإنه سيكون سهلاً على من يرتكب الأخطاء اليوم أنه يحمله مسؤوليتها غداً. * - تورط إيران وحزب الله اللبناني في قمع المنتفضين، ألا يدخل ضمنا فيما يسمى غياب السيادة السورية، التي كما يقال أصبحت تدار من طهران؟ -هذا الكلام سمعناه من بعض المصادر الإعلامية، لكن لا يوجد أدلة موثقة عليه. طبعاً هذا لا يعني أن إيران لن تتدخل، ولكني أعتقد أن الوقت لم يحن بعد لإجراء هذا التدخل. – طالبتَ بشار الأسد إعلان براءته من رجال السلطة من المحاربين القدامى ومصاصي الدماء أمثال رامي مخلوف وأتباعه هل تتوقع أن يسمع الرئيس ذلك؟ – نعم نحن منذ زمن بعيد نطالبهم بإبعاد الفاسدين، أما موضوع الاستجابة فهذا يعود لهم وكما قلت قبل قليل لم يعد لدى رأس النظام سوى هذا الخيار.