توقع مختصان في المحاسبة والاقتصاد أن تكون ميزانية السعودية للعام المقبل قياسية على مستوى الإيرادات والإنفاق، وأن يتخطى حجم الإيرادات التريليون ريال، وأن يقترب حجم الإنفاق من 700 مليار ريال، لكون كثير من المشروعات التي أُقرت في العام الماضي لم تستكمل حتى الآن. وبنى المختصان توقعاتهما على اعتبار أن أسعار النفط سجلت معدلات متقاربة لمعدلات العام الماضي (مائة دولار للبرميل). وأكد المختصان أن قطاعات الخدمات والتعليم والصحة والبنية التحتية ستستحوذ على نصيب الأسد من الميزانية في ظل استكمال المشروعات التي أقرتها الدولة لهذه القطاعات في الأعوام السابقة. وحول أبرز التحديات التي تواجه المملكة في مجال تنويع مصادر الدخل، أوضح الأستاذ المساعد في قسم المحاسبة ونظم المعلومات الإدارية في جامعة البترول والمعادن الدكتور عمرو كردي أنه “سيظل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل في الدولة أمراً مثيراً للقلق، خصوصاً على المدى الطويل وفي ظل تنامي حجم الاستهلاك المحلي للطاقة”، لافتين إلى أن “العوائق كثيرة، ولكنها تتمحور حول ضعف عام للمناخ الاستثماري في السعودية، خصوصاً الاستثمارات الأجنبية، بسبب الضعف المستمر في البنية التحتية والنظام التجاري، كما يتوجب تمهيد العوائق التي تواجه المستثمر المحلي في جميع القطاعات للمنشآت المتوسطة والكبيرة، الذي يساهم بدوره في التحفيز على الاستثمار وانخفاض نسبة البطالة المرتفعة تدريجياً، كما يتوجب النظر إلى إنشاء صناديق استثمار سيادية للسعودية، تمكنها من الحصول على عائد جيد لاستثمار الفائض من الميزانية”. من جهته بيّن المستشار الاقتصادي فادي العجاجي أن “تقديرات الإيرادات العام الماضي البالغة 1.1 تريليون ريال، بنيت على توقع أن يكون متوسط سعر النفط سبعين دولاراً خلال عام 2012م، وهي تقديرات متحفظة تُجنب الاقتصاد الوطني مخاطر الانخفاضات الحادة في أسعار النفط في الأسواق العالمية”. ورجح العجاجي أن يزيد إجمالي الإيرادات العامة للدولة على تريليون ريال نظراً لتماسك سعر برميل النفط الخام فوق مائة دولار خلال عام 2012م واستقرار كميات إنتاج المملكة من النفط الخام. لذا فمن المرجح أن يواصل الاقتصاد الوطني تحقيق مؤشرات إيجابية وقياسية على المستوى الكلي. وعن توقعاته بشأن معدلات التضخم وأسبابها الرئيسة، قال العجاجي إن “معدلات التضخم بدأت في الانحسار التدريجي خلال الأشهر الأولى من عام 2012م، حيث انخفض معدل التضخم إلى 3,2% في شهر أكتوبر الماضي (لسنة الأساس 2007م). وأهم أسباب انخفاض المعدل يعود إلى انخفاض الضغوط التضخمية في مجموعة السكن وتوابعه نتيجة الركود في السوق العقارية”. وأشاد العجاجي بنجاح خطة إطفاء الدين العام، حيث أوضح أن الدين العام انخفض بنهاية العام 2011م إلى 135.5 مليار ريال تمثل 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي. وتجدر الإشارة إلى أن الدين العام سجل أعلى مستوى له في تاريخه عند 685.2 مليار ريال في نهاية عام 2002م تمثل 96.9%. وبذا تكون الحكومة قد نجحت في تخفيض الدين العام بنسبة 80.2% وتجنيب الاقتصاد الوطني مخاطر القروض السيادية.