في السابق كانت محاكمات الإرهابيين مثل متاهة شائكة تضم نحو 15 رقماً تتداخل فيما بينها فلا يعرف قارئ الخبر أي معلومة ذات قيمة، إلا أننا اليوم نشهد الصحف تنشر محاكمة عبدالله الحامد ومحمد القحطاني بالأسماء، وبعضها ينشر المداولات مفصلة رغم أنه لم يصدر حكم بعد، لأن هذه القضايا ليس فيها مساس بخصوصيات أشخاص أو إضرار بهم بل هي شأن عام لا يجوز كتمه أو التستر عليه حتى إن انتهت المحاكمات إلى براءة. محاكمات سيول جدة لم تتحرر من السرية وكان الوضع مقبولاً، إلى حد ما أثناء المحاكمات، استناداً إلى أن التهم تطعن في أخلاقيات وذمم وأمانة المتهمين، أما وقد صدرت أحكام تقطع بالرشوة واستغلال السلطة والتزوير فإن إخفاء الأسماء حماية للمدانين دون مسوغ ظاهر فضلاً عن تداول أسماء معينة في مواقع التواصل الاجتماعي مما يندرج ضمن تشويه السمعة والإساءة إن كان الأشخاص المذكورين أبرياء. اشتركت الأخبار في صيغ غرائبية مثل “طلب المتهم الأول والرئيسي رشوة من المتهم الخامس عن طريق وساطة من المتهم السادس” فأي معلومة في هذا الخبر سوى فتح باب التخرصات وتوزيع الاتهامات إلا إن كان القصد توفير وسيلة تسلية للقراء حتى ينشغلوا بحل هذه الكلمات المتقاطعة إن استطاعوا؟ لقد استغرقت هذه المحاكمات وقتاً طويلاً وها هي تضع نهايات مشجعة وتعاقب المسؤولين بالسجن والغرامة فلماذا تتحفظ على أسمائهم؟ ولماذا تنشر أسماء المحكومين بالقصاص مع أن الضرر قد يتعدى إلى أهاليهم أما هؤلاء فيتم الستر عليهم؟ كيف سيعرف المتابع إن كان أحد المدانين خرج من السجن مبكراً وهو لا يعرف هويته؟ كيف يكونون سبيلاً لكشف آخرين وهم يتمتعون بحماية تشجعهم على المعاودة أو على الأقل تفتح لهم باباً سريا للنجاة؟