إنهم منتشرون يروجون سمومهم على الصبية صغار السن، يدخلون في عالمهم كل وقت الكثير والجديد من السموم علانية، غير آبهين بخطرها وضررها، إنهم مندوبو شركات التبغ! مؤخراً استوقفني ذلك الموقف الذي شاهدته بعيني في أحد محلات بيع المواد الغذائية في ذلك الحي المكتظ بالسكان، وبالقرب منه مدرسة متوسطة وأخرى ثانوية، ولك أن تتصور عزيزي القارئ كم شخصاً سيدخل ذلك المحل كي يشتري منه ما يحتاجه، وهذا الأمر لا إشكال فيه، إنما الغريب في الأمر أن يتمركز ذلك المندوب بهندامه الأنيق في طرف منزوٍ بعيد نوعاً ما عن أنظار أولياء الأمور، ولا ننسى موافقة صاحب المحل لممارسة نشاطه، فهذا الأمر مخالف، واتخاذ هذا المندوب جزءاً صغيراً من مساحة ذلك السوبر ماركت كي يروج لنوع معين من علب السجائر، وهو لا يقبض ثمن تلك العلبة بل يمنحها مجاناً، ويكفيه أن تحضر له ورقه معينة لا أحبذ أن أذكرها كي لا يكون الأمر مساهمة مني في الترويج والدعاية، بقدر ما أود التحذير منه في موضوعي هذا. كل تلك الإغراءات المقدمة من أجل كسب مزيد من أعداد المدخنين، والإحصاءات الرسمية تذكر أن نسبة التدخين في المملكة من كلا الجنسين مرتفعة وأخذت في الازدياد، وملايين الريالات تهدر في الهواء، ناهيك عن أضراره الصحية. ماذا يريدون بعد هذه الأساليب القذرة التي ينتهجونها للزج بصغار السن للوقوع في آفة التدخين؟ فإن كان بإمكان كل شخص أن يحضر تلك الورقة ومن ثم يحصل على علبة من السجائر بالمجان، هل فكروا مثلاً بمساعدة مَن ميزانيته لا تتحمل شراء علبة سجائر، فأرادوا أن يمنحوه تلك العلبة بالمجان؟، أم إن جشعهم وحرصهم على استقطاب زبائن جدد يجرونهم بذلك الطعم السخيف الذي يزين لأبنائنا التدخين، ويجعلهم أسيري تلك العادة السيئة، هو المقصد والهدف؟. أتساءل أين وزارة التجارة؟ وأين المسؤولون من تلك الحملات التي تشنها كبرى شركات التبغ لإيقافها وردعها عن تلك التصرفات العجيبة؟ حمانا الله وإياكم، وهذه دعوة من خلال «الشرق» الموقرة موجهة لأولياء الأمور لمراقبة أبنائهم والحفاظ عليهم من الوقوع في التدخين.