قد يكون العنوان غريباً، لا سيما أن المقارنة تتم بين أكثر الأعضاء تعقيداً في هذا الكون (الدماغ البشري) ومخ كائن صغير لا يعي (دماغ الفأر). ما يجدر قوله هنا هو أن العلم قد أعلن مؤخراً قدرته على السيطرة الفعلية على دماغ الفأر والتحكم بأفعاله! هذه التقنية الجديدة التي بدأت كتجارب في أدمغة الحيوانات سوف تنتهي مستقبلاً بالتحكم في الخلايا العصبية في دماغ الإنسان؛ مما يعني أن أدمغتنا ستصبح تحت تهديد الاحتلال في حال تمكن أعداؤنا من امتلاك هذا السلاح الشرير مستقبلاً! وعللّ البروفيسور Boyden مدير ومبتكر التقنية أن هذه الخطوة التكنولوجية ستزيد من احتمالية علاج المشكلات الدماغية والعصبية التي يتعرض لها الإنسان، وستطور عمليات التخدير في مواضع محددّة في جسده، عن طريق التحكم في الأعصاب المسؤولة عن الإحساس. النجاح الكامل لهذه التقنية يعني وصول العلم للإجابة الشافية عن السؤال الأكثر تعقيداً في علم الأعصاب: هل يملك النشاط الكهربائي القدرة الكافية على التحكم في الأفكار والمشاعر والسلوك؟ وهل سيتمكن المهندسون من بناء دوائر إلكترونية قادرة على أن تتفاعل بشكل إيجابي مع دماغ الفأر في الوقت الراهن ودماغ الإنسان مستقبلاً؟هذه الأسئلة المثيرة ستجعلنا نفكر في عدة محاور مهمة، تستحق التأمل في حال نجاح التجربة على المخ البشري: – قدرة الغرب المتميزة على الإنتاج البحثي المبدع، وهذا ليس بغريب لكل مطلّع على الساحة العلمية، واهتمامهم بهذا النوع من البحوث سيجعل من الأمور الخيالية واقعاً خلال بضع سنوات؛ إذ تبلغ معدلات الإنفاق الحكومي على البحوث في إسرائيل حوالي %30 من الميزانية، وهو الأعلى في العالم، بينما يصرف القطاع الخاص بها حول %52 لتطوير البحوث بين العلماء. أين نحن من هذه الأرقام؟. – احتواء الغرب لجميع مبدعيهم منذ نعومة أظفارهم، فقد تلقّى البروفيسور Boyden اهتماماً كاملاً منذ أن كان في السادسة عشرة، وقد تخصصّ بدراسة أنظمة التحكم بالحاسوب في ذلك العمر؛ وهذا ما جعله قادراً على خلق نظام للسيطرة على سلوك الفأر عصبياً. هذا الاحتواء الإبداعي بعيد كل البعد عن مدارسنا حتى وقتنا الحاضر، فالطالب يدرس المواد العامة حتى يصل للعشرين من عمره، وبعد ذلك يبدأ بالتخصص في أحد المجالات (هذا في حال اختياره دون إجباره على تخصص غير مطلوب) لمدة تتراوح ما بين سنتين – أربع سنوات، ومن المرجحّ أن تكون وظيفته في غير تخصصه، وهذا وارد بنسبة كبيرة. – مدى قوة هذه التقنية إن تمّ تطويرها لغسيل أدمغة البشر والسيطرة على سلوكياتهم وأحاسيسهم، فالتحكم بالسلوك الإنساني قد يصنف من ضمن الحروب الباردة التي تهدف إلى تفتيت المجتمعات الأخرى دون أيّ ضجيجٍ يذكر، هذا لو افترضنا بأنها قد تستخدم لأغراض غير سلمية في يومٍ ما. هل سنشكر دماغ الفأر أم نذمه بعد مساعداته العلمية السابقة؟