أثارت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة حول منظمة التحرير الفلسطينية، جدلا بين الفصائل الفلسطينية، بعد أن رفضتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، وذلك قبل يومين فقط من لقاء الفصائل في القاهرة لبحث آليات توسيع عضوية المنظمة وإعادة هيكلتها. وكان عباس قد قال في تصريحات لشبكة «يورو نيوز» إن «المنظمة لها ميثاق، ولها اتفاقيات، ولها التزامات، وكل طرف يريد الانضمام إليها ينبغي أن يكون موافقا»، وذلك في تلميح لاتفاقيات «أوسلو» وهو ما أثار شكوك بعض الفصائل الفلسطينية حول إمكانية نجاح اللقاء المرتقب ومدى الجدية في التعاطي مع هذا الملف الحساس الذي يتوقف عليه جزء كبير من إتمام عملية المصالحة الفلسطينية. وعلق القيادي في حركة حماس، صلاح البردويل ل «الشرق» على تصريحات عباس بقوله «المنظمة ليست دكانا، بل هي ملك للشعب الفلسطيني، الذي يدفع %5 من مرتباته في الخارج لصالحها، ولا يستطيع أحد أن يفرض على الآخرين شروطه، بل يجب أن تتم الأمور بالتوافق بين جميع الأطراف». وأضاف: «سبق أن تم شطب بنود من ميثاق المنظمة بشكل عشوائي ودون الرجوع إلى أحد، وأي تغيير في بنود الميثاق يجب أن يخضع للإطار القيادي المؤقت الذي ستفرزه الحوارات». ويرى البردويل أن عباس يستخدم هذه التصريحات لتسويق نفسه في أوروبا، مؤكدا أنه لم يتم الاتفاق على أن يبقى الميثاق والاتفاقات والالتزامات كما هي «بل يجب إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أساس من الشراكة الوطنية الفلسطينية». بدورها وضعت حركة الجهاد الإسلامي إخضاع كل اتفاقيات والتزامات منظمة التحرير للحوار وإعادة التوافق عليها كشرط أساسي لدخولها المنظمة. ويقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش ل «الشرق»: «نحن سنلتزم في نهاية الطريق بما يتم الاتفاق عليه حول طاولة النقاش والحوار بشأن المنظمة»، مشددا على أنه لابد من إجراء حوار حول برنامجها وهيكلياتها وأهدافها ويضيف «إذا توافقنا على ذلك فسنلتزم به، وإذا لم نتوافق على شيء فسنكون بالتأكيد خارج المنظمة». ويشير البطش إلى أن هذه المنظمة إذا أريد لها أن تكون ذات شأن وأن تكون قائدة العمل النضالي الفلسطيني فينبغي أن يكون هناك برنامج وطني متفق عليه لإدارة الصراع مع إسرائيل وإدارة العلاقات الوطنية الداخلية، مؤكدا أن الجهاد الإسلامي لن تقبل إطلاقا أي اتفاق مع إسرائيل. ويرى المحلل السياسي إبراهيم أبراش في تصريح ل «الشرق» أنه لا يمكن النظر إلى أن ما تحدّث به الرئيس على أنه أمر ثابت لا يمكن تغييره، ويقول «عادة كل طرف يرفع سقف مطالبه، لكن عندما يتم البحث فيها تقدم تنازلات من الطرفين». ويلفت أبراش إلى أن الإشكاليات العالقة في مسألة إعادة هيكلة بناء منظمة التحرير وما يتعلق بميثاقها والتزاماتها يمكن أن تحل ويقول «إذا وافقت حماس على الدخول في المنظمة ضمن برنامجها الحالي فهذا لا يعني أنه في حال دخولها لا يمكن تغيير كل هذا الالتزامات». وأوضح أن بعض القضايا ما زالت عالقة، خصوصا فيما يتعلق بالمراهنات الخارجية، «فما زالت حماس تعتقد أن التغيرات العربية ستزيد من قوتها، والسلطة وحركة فتح تراهنان أن حركة حماس ستدخل في أزمة وبالتالي سيتم تجديد المفاوضات، وبالتالي تقديم تنازلات» ويضيف «في جميع الحالات، فإن العمل على التوافق حول المنظمة مقدم على أية قضايا أخرى مثل الحكومة ورئيسها وبرنامجها، لأن برنامج الحكومة ورئيسها وتشكيلتها في الضفة وغزة مرتبطة بإرادة إسرائيل والمجتمع الدولي، لكن منظمة التحرير إرادة فلسطينية خالصة يمكن العمل عليها ومن ثم الالتفات إلى قضايا أخرى، لذلك فإن اللقاءات في القاهرة تعطي أملا في تحقيق تقدم».