فتحت صفقة المملكة القابضة بشراء حصة من تويتر شهية السعوديين لتعليقات وافرة دار معظمها عن هوية الموقع بعد تشربه بالسعودة. وجاءت تعليقات المتوترين الساخرة إسقاطاً على الحال الاجتماعي مثل ظهورأقسام للعزاب وأخرى للعوائل، وإغلاق الموقع وقت الصلاة، وفرض الرقابة، وتغيير مصطلحات تويتر إلى مفردات محلية وزيادة عدد الكلمات ليكون مجلساً شعبيا تتداخل فيه الأصوات ولاتحدد فيه عدد الكلمات. تلك المشاركات اللماحة تكشف، عميقاً، الروح الساخرة لدى السعوديين مبرئة إياهم من تهم التهجم والجدية المبالغ بها، وتبين أن ذائقتهم للنكتة ليست أصيلة فقط بل إبداعية وتتسم بالذكاء وطرافة التوظيف والقدرة على ربط التفاصيل في صيغة ساخرة أقرب إلى أن تكون تنفيسية. في السابق كانت النكتة السعودية استعارية تستند، أساسأ، إلى تحوير متعسف للنكتة المصرية عبر استبدال الأسماء والأماكن، ثم ظهرت أول محاولة لافتة في النصف الأول من التسعينات حين انتشرت، حينها، مجموعة أوراق مجهولة المصدر تضم مئات النكت معظمها محور إلا أنها كانت فاكهة المجالس وحديث الناس. وتفجرت الطاقة الساخرة لدى السعوديين مع ظهور “البلاك بيري” فكانت السخرية طازجة وفورية ولا لبس في هويتها، ثم بلغت مداها الأقصى مع تويتر الذي تحتل فيه النكتة السعودية مكاناً مرموقاً، ويندر أن يشارك السعوديون في أي “هاشتاق” دون أن يجعلوا السمة هي المظهر الطاغي عليه. النكتة عامل تنفيس لحالات الإحباط والتذمر إن كان اقتصاديا أو اجتماعياً إلا أن طريقة طرحها ونوعية إسقاطاتها هي الثراء الحقيقي لها خصوصاً إن جاوزت التوظيف التقليدي والساذج للأسماء والأماكن. ويستطيع أي مراقب أن يرصد من خلال “تويتر” تحديداً مكامن غيظ السعوديين وما القضايا التي تؤرقهم، كما أن بإمكانه الاستنتاج أن هذه الروح الشابة، حتى أن تلبستها الكوميديا السوداء، تمتلئ تفاؤلا وتبرز مايتوافر عليه السعوديون من انفتاح فريد، وذكاء في دمج الثقافات التي خالطوها في مسار نكتتهم. ربما كان انطواء السعوديين في السابق بسبب الظروف العازلة والقيود الرقابية، أما اليوم فهم يحلقون بتغريداتهم في فضاء مفتوح لهم فيه نصيب السيادة والحضور القوي.