يبدو أن باب «البدلات» سيفتح على مصراعيه، وسيعطى قائد الطائرة بدل قيادة، وركاب الطائرة بدل مطبات هوائية، وبدل بلع للوجبات التي يصعب بلعها أثناء الرحلات، الملاحون كذلك -لا ننساهم- فهم يستحقون بدل ملاحة، وبدل إزعاج وطلبات متكررة لا تنتهي من ضيف واحد غير مؤدب! على الأرض هناك كابتن الفريق في كرة القدم -الذي يتقاضى في خطوة واحدة ما لا يتقاضاه موظف عادي يجري طوال العام- أرى كذلك استحقاقه لبدل قيادة؛ فهو يشقى في توجيه زملائه بإصبعه السبابة، ويتكلم مع الحكم، ويؤشر للجماهير بعدم التوقف عن التشجيع والصراخ! لا ننسى كذلك رئيس التحرير في صحف العالم الثالث، لابد أن يحصل على «بدل قيادة صحفية» أو لنقل «بدل خطر»؛ فهو معرض للاختفاء المفاجئ من الهيكل التنظيمي للصحيفة في أي لحظة طيش من رسام كاريكاتير، أو مزاج عابر من كاتب مشاغب، أو حتى كلمات بين السطور لم يتمكن المدققون من رؤيتها! تذكرت كل ذلك عندما قرأت أن هناك توجهاً جاداً لمنح مديري المدارس بدلاً للقيادة. وأنا هنا لست معترضاً؛ ولكني جئت متسائلاً متفكراً؛ فمدير المدرسة بمثابة القائد، والإدارة والقيادة وجهان لعملة واحدة؛ والبدلات تكون غالباً للأعمال والأعباء الإضافية.. إذن كيف نعطي المدير بدلاً على صميم عمله؟ لماذا نسينا المعلم، وهو المعروف بكثرة الأعمال والأثقال والأعباء الإضافية، التي نحتاج للحديث عنها إلى ملحق خاص يصدر يومياً. على سبيل المثال -لا الحصر- يستحق المعلم بدل ضغط متواصل في العمل، وبدل هواء نقي، وبدل انحشار مع الصغار في الفصول المكتظة، وبدل عدوى فيروسات الأنفلونزا والحساسية، وبدل حبال صوتية، وبدل سكر وضغط وقولون، وبدل طمأنينة تفتقدها الأجواء المدرسية غير الساكنة، وبدل تقدير من المجتمع، وبدل تعامل غير لبق من المدير ذاته (صاحب بدل القيادة)!