قيل إنّ السيّد الممكن والسيّد المستحيل تقابلا مصادفةً ذات مرّة، فسأل الممكنُ المستحيل: أين تعيش، فقال: أعيش في أحلام العاجز، أمّا الممكن فأجاب بأنّه يعيش في أحلام المتفائل. ومن المتفائلين الذين أوصدوا الباب أمام المستحيل، وتعايشوا مع الممكن هو ذاك الرجل الهمام، عاشق الإعلام، البطل المثابر عمار بوقس، فقد صنع للأجيال قصة كفاحٍ من طرازٍ نادر. مَنْ قرأ قصته، أو شاهد الفيلم المختصر لحياته، يدرك عظيم قدرة الخالق سبحانه، ويرى الهمّة العالية والطموح الخارق يتجليان في ملامح ذاك البطل. أعجبني صموده في وجه الإعاقة، وأسعدني تفاؤله ورضاه بما كتب الله له، فقد أذهل الجميع بإرادته عندما استطاع أن يصنع لنفسه رقماً إيجابياً في هذه الحياة بعدما ظن العاجزون أنّه ولد صفراً وسيموت صفراً، وما علموا أنّ عمّار خُلِق وفي جوفه همة شامخة كشموخ الجبال. وقد لا يخفى على أحد ما يواجهه ذوو الإعاقة في مجتمعاتنا من تقزيم، وسخرية لآمالهم وطموحاتهم، مما يجعلهم لا يواصلون كفاحهم، ويقنعون بتقييم البشر لهم، فتندثر أحلامهم، وتفتر قواهم، إلا إنّ عمّار كان حالة استثنائية استطاع أن يواجه هذه الحرب، متوكلاً على الله سبحانه ومستعيناً به حتى حقق النصر لذاته، ورسم صورة جميلة للإنسان المعاق، وقدم رسالة واضحة إلى المثبطين وهادمي الأحلام بأنّة لا مستحيلَ مع الإرادة القوية. شكراً عمّار على هذه المغامرة الجريئة ذات الدروس والعبر المفيدة، شكراً لمَن احتوى عمّار وساعده على تحقيق بعض مبتغاه، وبئس القوم الذين نظروا لعمّار نظرة ازدراء وسخرية حتى كادوا أن يطمسوا أحلامه. نفحة: عندما أشاهد عمّار بوقس أتذكر بيت المتنبي الذي يقول فيه: إذا كانت النفوسُ كبارا…تعبت في مرادها الأجسامُ.