وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – كلمة إلى حجاج بيت الله الحرام لموسم حج هذا العام 1433ه فيما يلي نصها : بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمدُ لله القائل في محكم كتابه: ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلعَالَمِينَ* فِيهِ آياتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ) [آل عمران: 96-97] والصَّلاة والسَّلام على خاتَم الأنبياء والمرسلين، مَنْ بعثه الله رحمة للعالمين، نبيِّنا محمد القائل: “مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ”. أيّها الإخوة والأخوات حجّاج بيت الله الحرام أيّها الإخوة والأخوات أبناء أمّتنا الإسلاميّة في كلّ مكان السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته مِنَ المشاعرِ المقدَّسةِ.. مِنْ مَشْعَرِ مِنًى الطَّاهِرِ، وإلى جِوَارِ صَعِيدِ عرفات الطَّيِّبِ، ومِنْ هذه السَّاحاتِ التي تَضُوعُ تَلْبِيَةً وتكبيرًا وتهليلًا، ومِنْ جِوَارِ البيتِ العتيقِ، حيثُ الطَّائفونَ والقائمونَ والرُّكَّعُ السُّجُود.. مِنْ هذه الأرضِ التي تتنَادَى جبالُهَا وشِعَابُها مع أصواتِ الحجيجِ، مملوءةً بالإيمانِ.. أُهَنِّئُكم وأُهَنِّئ الأمَّةَ الإسلاميَّةَ جَمْعَاءَ بِعِيدِ الأضحَى المبارَك، داعيًا اللهَ – تبارَك وتعالَى – أن يَتَقَبَّلَ حَجَّ مَنْ قَصَدَ بيتَهُ المحرَّمَ، وأن يغفرَ لهم ما تَقَدَّم مِنْ ذنوبهم وما تأخَّرَ، وأن يُعِيدَهُمْ إلى بلادهم، سالمينَ غانِمِينَ، بَعْدَ أنْ أكرمَهُمْ بأداءِ الرُّكْنِ الخامسِ مِنْ أركانِ الإسلامِ، وأنْعَمَ عليهمْ بِشَرَفِ الوقوفِ في هذه الأماكنِ الطَّاهرَةِ، مستمسكينَ بهدْيِ كتابِهِ الكريمِ، وسُنَّةِ نبيِّهِ المصطفَى – صلَّى الله عليه وسلَّم -. أيّها الإخوة والأخوات إنَّ الحجَّ إلى البيتِ الحرامِ، وتَأَمُّلَ حَرَكةِ الحجيجِ في غُدُوِّهِمْ ورَوَاحِهِمْ، لَيَبْعَثان في النَّفْسِ والعقْلِ مساحةً واسعةً لِتَدَبُّرِ طَرَفٍ مِنْ مقاصِدِ هذه الشَّعيرةِ ومعانيها. ففي هذه الأرضِ المبارَكَةِ، حيثُ لَبَّى الحجيجُ، وهَلَّلُوا وكَبَّرُوا، تَجَلَّتْ معاني التَّوحيدِ، وكأنَّ اللهَ – تَبَارَكَ وتعالَى – ادَّخَرَ هذه البُقْعَةَ الطَّاهرةَ لتجديدِ العهدِ بهِ، قرنًا بَعْدَ قَرْنٍ، وجِيلًا بَعْدَ جِيلٍ، وعامًا بَعْدَ عامٍ، وكلَّما حادَتِ البشَرِيَّةُ عنْ هَدْيِ ربِّها، تَجِدُ في هذه الأماكنِ الطَّاهرةِ ما يُعِيدُها إلى لَحْظَةٍ صافيَةٍ مِنَ الزَّمانِ، يَتَجَرَّدُ فيها الحاجُّ مِنْ عَرَضِ دُنْيَاهُ، ويَقِفُ في هذه الأرْضِ التي اخْتُصَّتْ لتوحيدِ اللهِ، مُسْتَجِيبًا لذلك النِّدَاءِ القُرآنِيِّ العظيمِ: ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) [الحجّ: 27]، وَسَرْعانَ ما أجابَ النِّدَاءَ، وقال: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْك لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْك إنَّ الحمدَ والنِّعْمةَ لَكَ والمُلْكَ لا شَرِيكَ لك وحِينَ يَجِيءُ إلى هذا الثَّرَى الطَّاهِرِ، وتُشاهد عيناه الكعبةَ المشرَّفَةَ، ويَطَّوَفُ بها، ويَسْعَى، بين الصفا والمروة في البيت الحرام ، ويَصْعَدُ إلى مِنًى، ويَقِفُ في عرفات، ويُفِيضُ منها إلى المَشْعَرِ الحرامِ، فإنَّه يُعَاهِدُ اللهَ – تبارك وتعالى – على توحيده والإخلاص له، وقدْ غادرَ الأهلَ والمالَ والوطنَ، وبارَحَ دُنْياهُ، وما اعتادَهُ مِنْ ألوانِ المَعَاشِ، في مَشْهَدٍ إيمانيٍّ لا يُشْبهه مَشْهَدٌ، يُلِحُّ في الدُّعَاءِ، ولا تَنْبسُ شَفَتَاهُ إلَّا بكلمةِ التَّوحيدِ، مُخْلِصًا النِّيَّةَ له – تَعَالَى – ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي ونُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ*لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ ) [الأنعام: 162- 163]. أيّها الإخوة والأخوات الحجُّ نَبْعٌ ثَرٌّ وفَيَّاضٌ بأسمَى معانِي الأُخُوَّةِ في الله. فيه تَظْهَرُ قِيَمُ التَّسَامُحِ ونبذ الأضْغانِ، فحياةُ المسلمِ أرادها اللهُ – تبارك وتعالى – أنْ تكونَ مِثَالًا للطُّهْرِ والصَّفاءِ، والحجُّ مَجْلًى لتلك الصُّوَر التي ينبغي للمسلمِ أن يكونَ عليها، امتثالًا لقولِ اللهِ – عَزَّ وجَلَّ -: ( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ ) [البقرة: 197] فكان العفوُ، وكان التَّسامُحُ، فَكُلُّ ما يُحِيطُ بالحاجِّ يُشْعِرُهُ بأنَّ رسالةَ المسلمِ الحقِّ هي بَثُّ الأمنِ والسَّلَامِ، ليس مع الإنسان، فَحَسْبُ، ولكنْ مع الطَّيْرِ والشَّجَرِ والحَجَرِ، فغايةُ المسلمِ التي نُدِبَ إليها أن يكونَ يدًا في إصلاحِ الأرضِ وإعمارِها. وفي هذا الصَّعيدِ المبارَكِ وقفَ مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ، نبيُّنا محمَّدٌ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يَخْطُبُ فيمنْ حضرَ الموسِمَ، وأبانَ – عليه سلام الله – حُرْماتِ الأنفُسِ والأموال، وأرسَى أسمَى معاني الأُخُوَّةِ بقوله صلى الله عليه وسلم : “أيُّها النَّاس: إنَّ دماءَكم وأموالكم عليكم حرام، كَحُرْمةِ يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ فاشهدْ. أيُّها النَّاس: إنَّ ربَّكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، كلّكمْ لآدَمَ، وآدَمُ مِنْ تراب، إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم. ليس لعربيٍّ فضْلٌ على أعجميّ إلَّا بالتَّقْوَى. أَلاَ هلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهمَّ فاشهدْ. أيّها الإخوة والأخوات ما أكثرَ عِظَاتِ الحجّ ومقاصِدَه، وإنَّ هذه البُقْعةَ الطَّاهرةَ تَبُوحُ للحاجِّ بأسرارها، وها هي الأيَّامُ المعدوداتُ تُرِينا الدُّرُوسَ التي انطوَى عليها الحجُّ، وتَقِفُنا على إنسانٍ جديدٍ، جاء مِنْ أرضٍ نائيةٍ لِيَسْفَحَ ها هنا العَبَرَاتِ، ويَلْجَأ إلى اللهِ – تبارك وتعالى – لِيَرْجِعَ، بِحَوْل الله ورحمته، كيومِ ولدتْهُ أُمُّهُ، مُبَرَّأً مِنَ الآثامِ، وُهِبَ فُرْصَةً جديدةً لإصلاح نفسه، وإعمار مجتمعه. وإنَّ في الحجّ ألوانًا من التَّعاطُف والتَّراحُم تَفِيضُ بها هذه الأرضُ على قاصديها، وحيثما أَدَرْتَ بَصَرَكَ فَثَمَّ نَسِيجٌ مِنَ الوحدةِ، لا يُفَرِّق بين لسانٍ ولسانٍ، ولا لونٍ ولونٍ، ولا عِرْقٍ وعِرْقٍ، يحنو القويُّ على الضَّعيف، ويَحْدِب الغنيّ على الفقير، وتَجُود النُّفوس بمعاني الخير، وتجتمع القلوبُ على غاية واحدة، وتلهج الألسن بنداء واحد، ويَلْتَئم شَمْل الأُمَّة الواحدة، ويتحقَّق أسمَى هدف اجتماعيّ سعى إليه الإسلام، وهو “التَّعارُف” امتثالًا لقول الله – تبارك وتعالى – : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) [الحُجُرات: 13]. أيّها الإخوة والأخوات إننا في أشد الحاجة إلى تضامنٍ حقيقي يحفظ وحدة الأمة ويحميها من التجزئة والانقسام ويصون الدماء التي حرمها الله ، وهي رسالة الحجّ الذي يدعو إلى اجتماع الكلمة، ولَمّ الشَّمْل، ونَبْذ الفُرْقة والتَّشرذم، وإنَّنا لندعو الباري – عزَّ وجَلَّ – أن يأخذ بأيدي قادة الدّول الإسلاميَّة إلى ما فيه صلاح أوطاننا ومجتمعاتنا، كما نُهِيبُ بولاة أمر المسلمين أن يتَّقوا الله في أوطانهم وشعوبهم، وأن يَسْتَشْعِروا ثِقَل المسؤوليَّة الملقاة على عواتقهم، فنحن مسؤولون أمام الله تجاه شعوبنا وأُمَّتنا، فلا نهضةَ ولا تَقَدُّمَ إلَّا بالرَّخاء والأمن. واليوم نحن أمة الإسلام بأمس الحاجة إلى الحوار مع الآخر وإلى حوار أمتنا مع نفسها ، لنبذ دواعي الفرقة والجهل والغلو والظلم التي تُشكل تبعات تُهدد آمال المسلمين . ومن هذا المنطلق دعت المملكة العربية السعودية ولا زالت تدعو إلى الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وهي ماضية في ذلك بإذن الله سعياً لما فيه خير الأمة الإسلامية والبشرية جمعاء. الإخوة والأخوات إنَّ المملكة العربيَّة السّعوديّة إذ شرفها الله -تبارك وتعالى- بخدمة الحرمين الشَّريفين، وخدمة مَنْ قَصَد هذه الأرض الطَّيِّبة من الحُجَّاج والعُمَّار والزُّوَّار، تَسْتَشْعِر في ذلك جلال المسؤوليَّة، وعِظَم الأمانة الملقاة على عاتقها، وشَرَف الرِّسالة، وتعمل كل ما في وسعها في سبيل ذلك مُحتسبة الأجر والثواب عند الله – سبحانه وتعالى – ونحن ماضون في ذلك، لا يَصْرِفنا عنْ شَرَف خدمة ضيوف الرَّحمن صارِف، نستمِدّ العون مِنَ الباري تعالَى، جاعلين خدمة الحاجّ وأمنه أَجَلَّ مسؤولياتنا، حتَّى يَرْجِعُوا – مَشْمُولِينَ برعاية الله – إلى أهلهم بحجّ مبرور، وذنب مغفور، وقدْ نَعِمُوا بالأمن والرَّاحة والطّمأنينة. أيّها الإخوة والأخوات أدعو اللهَ – تبارك وتعالى – أن يتقبَّل صالح أعمالكم، وأن يجعل حجَّكم مبرورًا، وسعيكم مشكورًا، وذنبكم مغفورًا، وأن يُعِيدكم إلى أهليكم وأوطانكم سالمين غانمين. وأُجَدِّد التَّهنئة بعيد الأضحى المبارك، كما أدعوه، سبحانه، أن يُعيده علينا، وأُمَّتُنا وأوطانُنا تنعم بالرَّخاء والأمن والاستقرار. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته . إثر ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي كلمة هنأ في مستهلها خادم الحرمين الشريفين ، وسمو ولي عهده الأمين ، وأصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب الفضيلة والمعالي ، وحجاج بيت الله الحرام بعيد الأضحى المبارك. وقال : يسر رابطة العالم الإسلامي أن تعرب عن إشادتها وضيوف خادم الحرمين الشريفين لديها ، بالجهود العظيمة التي تبذلها المملكة ، لتيسير الحج ومتطلباته في مختلف المجالات ، ومع التطوير المستمر للخطط والمشاريع في الحرمين الشريفين والمشاعر. وأوضح أن توجه خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – إلى المدينة النبوية مباشرة ، عند عودته الميمونة إلى المملكة ، لبدء توسعة ضخمة للمسجد النبوي ، بحيث يستوعب أكثر من ثلاثة ملايين مصل ، له عظيم الأثر في نفوس المسلمين ، سائلاً الله تعالى أن يجزل له المثوبة ولولي عهده الأمين ، وأن يبقي المملكة شامخة عزيزة الجانب ، قدوة للمسلمين في السير على الكتاب والسنة ، وتطبيق شرع الله ، وخدمة الحرمين الشريفين ، والدفاع عن الإسلام ، والحرص على جمع كلمة الأمة ، وحل مشكلات المسلمين ، والوقوف إلى جنبهم في محنهم : (( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور )) . (الحج – 41 ). وبين أن من تعظيم شعائر الله وحرماته ، أن يعمل كل ذي مسؤولية في الحج ، على إشاعة الأخوة والمحبة بين الحجاج ، والمحافظة على ربانية الموسم ، فلا يرفع فيه شعار إلا توحيد الله وعبادته ، ووحدة الأمة وتآلفها في ظل أخوة الإسلام وسمو رسالته الخالدة. وأفاد أن رابطة العالم الإسلامي تتابع بقلق واهتمام بالغين ما يجري في بعض البلدان الإسلامية ، وفي مقدمتها سوريا ، داعية إلى تكثيف الجهود الرسمية والشعبية في معالجة الأوضاع المأساوية فيها ، وإيقاف نزيف الدم الذي تمادى النظام السوري في إراقته. وقال : وإن الرابطة لتستنكر إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين ، والتذرع بها للتدخل في الشؤون الداخلية في بعض الدول الإٍسلامية ، مما يزيد الأمة تمزقاً وضعفًا . والأمل في خادم الحرمين الشريفين ، والمخلصين من قادة الأمة أن يضاعفوا الجهود في مواجهة ما يهدد الأمة ويستهدف وحدتها واستقرارها ، وينسقوا جهودهم من خلال المنظمات الجامعة للأمة ، وهيئاتها الثقافية والفقهية والقانونية. وأضاف قائلاً : إن الرابطة والهيئات والمراكز الإسلامية ، ليشيدون بمؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي الرابع ، الذي انعقد في مكةالمكرمة في أواخر شهر رمضان المبارك ، وميثاق مكةالمكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي ، الصادر عنه ، وتعتبره الرابطة قاعدة انطلاق نحو بناء قدرات الأمة ومؤسساتها ، وتحقيق نهضتها واستعادة تضامنها ، وإقامة الحكم الرشيد بما يعمق قيم الشورى والحوار والعدل. وأردف قائلا : إن الأمة المسلمة ، على الرغم مما تمر به من المحن ، تظل الحارس الأمين للحق الذي بعث الله به رسله الكرام إلى الأمم الغابرة ، ثم ورثه هذه الأمة واستحفظها عليه : (( ثم أورثنا الكتاب الذي اصطفينا من عبادنا )) (فاطر- 32 ) ، وبذلك جعلها شاهدة على الناس : (( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا )) (البقرة – 143). وفي أوطانها من الثروات وفي أبنائها من الطاقات المتخصصة ، ما يغنيها ويؤهلها للتعافي من ضعفها وتجاوز محنها ، والنهوض بمجتمعاتها ، إذا أخذت بأسباب التلاحم فيما بينها لأداء رسالتها وبناء نهضتها على أساس إعطاء الأهمية اللائقة به تعليماً وتطبيقاً ، وتعريفاً به في الآفاق العالمية ، ونفي الشبهات المنسوبة إليه جهلاً أو عمداً. ولفت النظر إلى أن رابطة العالم الإٍسلامي أنجزت إنجازات كبيرة في خدمة الدعوة والإغاثة والتعلم بين الشعوب والأقليات والجاليات المسلمة ، وأصبحت منبراً للحوار والوسطية والاعتدال في التعريف بالإسلام والدفاع عنه وعن أمته ، وملتقىً عالمياً للشخصيات الإٍسلامية البارزة وذلك بتوفيق الله ثم بدعم خادم الحرمين الشريفين ، وسمو ولي عهده الأمين ، والتعاون مع المسلمين حكومات وشعوباً ، فلله الحمد والشكر ، ونسأله المزيد من الفضل والنعم. بعد ذلك ألقيت كلمة بعثات الحج ألقاها نيابة عنهم معالي وزير الأوقاف والإرشاد بالجمهورية اليمنية حمود محمد عباد عبر فيها باسمه ونيابة عن رؤساء بعثات الحج لخادم الحرمين الشريفين ولشعب وحكومة المملكة العربية السعودية عن عظيم الشكر وجزيل التقدير على الجهود الكبيرة والعزائم المباركة في خدمة حجاج بيته الحرام والزائرين لمسجد رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وعلى الإنجازات العظيمة التي شملت الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. وقال : ياخادم الحرمين الشريفين لقد تجلى من ملامح بدايات عهدك وكوامن إرادتك وقوة عزمك أنك تحمل هم المسلمين لتيسير الصعوبات ، وإقالة العثرات لأداء عبادات الحج والعمرة والزيارة في سعة وراحة وسلامة واطمئنان خاصة وأن أعداد الحجيج والعمار تتزايد عاما بعد عام ، وفي كل عام نشهد إنجازاً وتوسعاً في المشاعر والحرمين تجاوزت قياسات الزمن “. وأضاف : فمنذ أن كتب الله في أزله غزير خيراته على هذا البلد ، وصدع نوره في واد غير ذي زرع بمقدم أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، وخط جل وعلا في لوحه المحفوظ وقدره المتحقق الملحوظ ، دعوة خالدة غيّرت مسار التاريخ بهذا البلد الذي ما جاءت قبل هذه الدعوة المباركة بزرع أو عطاء ضرع فهي دعوة قلبت الجفاء إلى وفاء ، والوعود إلى وجود ، دعوة مباركة أطلقها الخليل عليه السلام من قلبه وضميره إلى ربه الكريم وموالاه المانح العليم ، فكانت هذه الدعوة في لظى الصحراء القاحلة والمعاناة الهائلة خيراً وأمناً، مثلما جعل الله النار على إبراهيم برداً وسلاماً ، ولأن الله قد جعل مقاديره جارية فإنه جعل سننه سارية ، فأخذتم ياخادم الحرمين الشريفين بأسباب السنن وحققتم بإبداعاتكم نهضة الوطن ، وسرتم على منهج الرحمن في ترسيخ الأمان ، وسابقتم الزمان بما ابدعتموه من بناء نهضة الأوطان ، فعملتم بما وفقكم الله مالم يكن مع قصر المدة يخطر في بال أو مقدور أحد “. وأردف وزير الأوقاف والإرشاد اليمني قائلا : لكن توفيق الله لكم ، ومنته عليكم ، فما أعظمه من إنجاز ، وما أجله من إعجاز يستطيب به الرُكع السجود ، ويهنئ معه بال العباد بين يدي المعبود “. وأفاد أن عهد خادم الحرمين الشريفين شاهد الجميع أعظم نهضة في التاريخ التي لامست المشاعر المقدسة في منى والجمرات بما حصل فيها من توسعة واتقان لتمسح الأحزان وتوقف المصائب المتتالية والمعاناة المتوالية الناتجه من مخاطر التزاحم والتراكم وسيكتمل أعجاز إنجازات خادم الحرمين الشريفين المقدرة وتحقيق تطلعات الحجيج المعتبرة باستكمال يوم النفرة. وقال ” قد بدأتم – حفظكم الله – بالفعل بالمراحل الأولى للقطار ليتحقق تنفيذ خططكم في ذلك البناء والإعمار ، فيكتمل سعيكم لخدمة الحجيج ويتم بذلك على عبادة النعمة “. وأضاف : يا خادم الحرمين الشريفين يقول العارفون أنك ستلقى الله وعنقك مطوق برصيد من الأجر والدعوات والبر والبركات وسيرتسم في هذا الرصيد منارات سامية وصروح شامخة عالية ونهضة وافية وتوسعات للحرمين الشريفين ساطعة باهية تممت بها عمل الأولين ولم تبق مما عملت شيئا من بعدك للآخرين “. وأردف قائلا ” سيكون الأجر مضاعفا مع ذلك الوسع والجهد لخدمة الأمة ، وإطفاء الفتن وإزالة حبائل المحن بين الأخوة في أمتنا العربية والإسلامية ، ونصرة كل مظلوم وإغاثة كل ملهوف ، وفي الدفاع عن مقام وسيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأعتبار أن الدفاع عنه دفاع عن وجودنا وحياتنا وديننا ، وفي مواجهة أعداء الإسلام والأمة وتمكين ابنائها من تحقيق منهج الاستخلاف الإلهي على الأرض وفي استعادة أولى القبلتين وثالث الحرمين مسرى رسول الله وقدس الأنبياء والمرسلين “. وأكد وزير الأوقاف والإرشاد اليمني أن خدمة حجاج بيت الله الحرام ، وترسيخ عوامل الأمن والسلام ،وبناء نهضة الأوطان ،ومعالجة مخاطر التكفير ، ومواجهة شياطين التفجير منهجًا، سيثيب الله خادم الحرمين الشريفين على فعله ويسدده على تنفيذه . وقال : فكما أن الله قد أحاطك بفضل عنايته ونور هدايته ، فقد جبل روحك على نقاء الفطرة ،وعمق البصيرة ،وصفاء البادية، وقوة ومراس وإرادة أبنائها الأتقياء الأنقياء الأوفياء ، ليكن ذلك زادك في مسيرة خيرك وإنجازات سيرك . ونوه عباد بما قام به خادم الحرمين الشريفين من دور جليل ،وفعل جميل ، لم شمل الأخوة وربط أواصر الأحبة في ” يمن ” الحكمة والإيمان ، وفي علاقته -أيده الله – بأخيه الرئيس عبد ربه هادي منصور رئيس الجمهورية اليمنية الذي ما نسي في كل حين نبل مواقفه – رعاه الله – مع أهله وأحبائه اليمانيين . وسأل الله أن يجزي خادم الحرمين الشريفين ،وسمو ولي عهده الأمين ، وسمو وزير الداخلية رئيس اللجنة العليا للحج ورجال الأمن الأوفياء خير الجزاء . وقدم الشكر لمعالي وزير الحج ولجميع العاملين معه في الوزارة ،وفي جميع مرافق الدولة ،والأمن على الخدمات الجليلة والجهود العظيمة والأداء الرائع الذي جمع في عمقه بين القيم الإسلامية والتقنية الحديثة لخدمة حجاج بيت الله الحرام. إثر ذلك تشرف الجميع بالسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. ثم تناول الحضور طعام الغداء مع خادم الحرمين الشريفين. منى | واس