لن نتكلم عن مصائر الناس في اليوم الآخر، وهل يدخلون الجنة أو النار؟ فهذا من علم الله وحده سبحانه وتعالى، ولكن لنا الحق أن نتحدث عن الأمور الدنيوية المعيشة التي أمرت بها جميع الديانات السماوية وغير السماوية التي كانت من أهم أهداف نزولها أصلاً. وأهم هذه الأمور المهمة لتقويم البشر في هذه الحياة هو التمسك والعمل بموجب مبادئ وأخلاق حميدة تساعد على التعايش السلمي وتؤدي إلى تكوين مجتمع حضاري يرقى بالإنسانية إلى أعلى درجات التقدم العلمي. ومع الأسف الشديد، إن الدين الإسلامي، هذا الدين العظيم الذي شمل دستوره وهو كتاب الله المنزل القرآن الكريم آيات عديدة للحث على التمسك بالأخلاق، لم يتم التقيد بها كنبراس يضيء الطريق للتقدم والحضارة ومجاراة الأمم الأخرى. وأهملت آيات الأخلاق وكأنها آيات عرضية لا تدخل في صلب الدين وهي التي كان من الأولى أن تقدم على سواها مما ورد في الدين، لأنها هي الضروريات الملموسة التي تؤثر في حياة البشر بشكل واقعي وحقيقي لتسير الحياة بشكل أمثل. من أهم هذه الأخلاق المهملة هي صفات الصدق والأمانة في المجتمعات التي تدعي الإسلام. هذه الصفات التي كسب بها رسول صلى الله عليه وسلم قلوب قومه حتى اشتُهر بلقب الصادق الأمين قبل النبوة، إننا عندما نرى المسلمين يستشهدون بصدق الشعوب الأخرى كالشعب الإنجليزي مثلاً بدقة مواعيده، ما يدل على صدقه، يصيبنا ذلك بالصدمة من واقع المسلمين حقاً، فأين اتباعهم دينهم الذي يحث على هذه المبادئ بكل وسيلة قبل غيره؟ إن الدين قبل أن يكون عبادات كالصلاة والصوم هو دين أخلاق يحث على التعامل الطيب مع مختلف أجناس البشر بغض النظر عن دياناتهم، ولنا في رسول الله قدوة في ذلك عندما كان يتعامل بكل مودة وصدق مع جاره اليهودي، بخلاف بعض مسلمي اليوم الذين يكيلون الشتائم واللعنات لمعتنقي الديانات أو المذاهب الأخرى بسبب وبدون سبب (مرة واحدة على الأقل في الأسبوع)، ما يدل على فقدهم هذه الأخلاق النبيلة مع تأديتهم عباداتهم الأخرى. الهدف الأسمى للدين هو أن تكون الحياة الدنيا جسراً قوياً أو معبراً آمناً نحو حياة أخرى سعيدة، فكيف نعبث بهذه الحياة الدنيا ونهمل أعمدتها الأساسية وهي الأخلاق، ونكون مطمئنين أننا في الاتجاه الصحيح نحو جنات الخلد. إن الشعوب المتقدمة تنطلق من مبادئ أخلاقية راقية أصبحت في حكم المقدس، وقد يكون ذلك بسبب نظام معين اُحترم من الجميع حتى أصبح عادة، أدت هذه الأخلاق إلى أن يتعاملوا بكل جدية في شتى مجالات الحياة، وهذا سر تفوقهم العلمي. والعكس لدينا على الرغم من الحث على الأخلاق الحميدة، أتت بشكل تعليمات سماوية بآيات قرآنية واضحة وأحاديث صحيحة، وبمرور أكثر من ألف و400 سنة نكتشف أن نتيجتنا قد تصل إلى الصفر المكعب من ناحية اتباع الدين أخلاقياً. فهل نحن فعلاً أمة لا تقرأ وإذا قرأت لا تفهم، حتى دينها؟!