يسعدُ المواطنون بأخبار تتناقلها صحفُنا المحليَّة وبأحاديث مجتمعاتهم عن وقوع الفاسدين والمفسدين في قبضة النزاهة، وسعادتي تكون أكبر حينما يكون أولئك في محافظة عنيزة؛ لتخوُّفي من آثارهم السلبيَّة على محافظتي، ولتضرُّري المباشر منهم، كما يتَّسع أملي بالإصلاح في وطني عامَّة وفي مجتمعي الصغير خاصَّة باجتثاث أولئك الفاسدين والمفسدين، إلاَّ أنَّ سعادتي تلك وأملي ذاك يتأثَّران سلباً بحجب أسماء أولئك وأسماء مؤسَّساتهم، فلا تعكس أخبارُهم في المجتمع حيطةً منهم كمسؤولين حكوميِّين أو بمؤسَّساتهم الخاصَّة، فلماذا يُحْمَى أولئك من نظرات الاحتقار إليهم؟ وكيف يتاح للمجتمع التعاملُ الحَذِر معهم؟! تناقلت صحافتنا في هذا المجال عن محافظة عنيزة ثلاثة أخبار موثَّقة، أحدها: حالة فساد إداريٍّ، وثانيها: حالة غشٍّ تجاري، وثالثها: حالة تزوير واستغلال، أخبار موثَّقة؛ لذلك سأكتب مقالي عنها لأطرح تساؤلاتي وتساؤلات المجتمع التي ستأتي إجاباتها -إن جاءت- استكمالاً لسعادتنا ولآمالنا بالإصلاح الوطني بمكافحة الفساد الإداريِّ والمالي والغش التجاري والتزوير. أولها: فساد إداريٌّ في محافظة عنيزة: أثبتتْه تحقيقاتُ هيئة الرقابة والتحقيق مع رؤساء لأقسام في بلديتها اتُّهموا باستغلال وضعهم الوظيفي بتوظيف أقاربهم بطريقة مخالفة، وفي ضوئها عوقب أولئك الفاسدون بالحسم («الشرق» عددها 285)، قضيَّة أثارتها الصحيفة ذاتها في عددها 269 فتفاعل مجتمع عنيزة مع طرحها المتميِّز حول القضية الموصوفة آنذاك ومازالت بأنَّها «يلفُّها الكتمان لحساسيتها»؛ فلماذا تلفُّ بالكتمان؟! وما حساسيتها للتَّكتُم عليها؟! فلابدَّ من إعلان تاريخها بداية ونهاية لكي لا يخوض المجتمعُ في سير رؤساء البلديَّة السابقين والحالي، ولابدَّ من كشف أسماء الفاسدين لكي لا يخوض المجتمع أيضاً في سير آخرين من رؤساء أقسام البلديَّة، ثمَّ هل عقوبة الحسم ستردع أولئك وغيرهم؟!! وما الإجراء النظاميُّ حيال الموظَّفين بالمخالفة؟ وما حقوق مستبعدي التوظيف آنذاك؟ وما الفرق بين هذه المخالفة ومخالفات في الترقيات وفي الترشيحات لأدوار قياديَّة بتأثير القرابة والصداقة؟ ثمَّ أين التحرِّيات عن المتعاونين من موظَّفي البلديَّة مع أولئك الفاسدين في مخالفتهم؟ ذكَّرني هذا الفساد في محافظة عنيزة بمقالة كتبتُها فنشرتها صحيفةُ «الوطن» في عددها 1104 عمَّا انكشف من مخالفات في تعليم الطائف عام 1426ه، ودفاع مدير تعليمها ووكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لشؤون المعلِّمين آنذاك بإعلانهما ما نصُّه: «موافقة الوزارة على تقريب المسؤول قرابته وتجاوز المؤهَّلين»، تصريح شرَّع تلك المخالفات، فهذه وتلك من الفساد الإداريِّ؟ ومثلهما ما سبقهما إذْ كان مجتمع عنيزة يتندَّر بتسمية إحدى إداراتها الحكوميَّة باسم عائلة مديرها لكثرة مَنْ وظَّفهم من أقاربه مستخدمين وموظَّفين. ثانيها: غشٌّ تجاري في محافظة عنيزة: بكشف بلديَّتها مستودعاً غير مرخَّصٍ تابعاً لشركة مقرُّها الرياض يديره وافد عربي؛ لتخزين المواد الغذائية المنتهية الصلاحية أو تكاد والمخزنة بطريقة غير صحية، مستودع يسوِّق مناديبه بضاعته غير الآمنة على المطاعم والمحلات التجارية في عنيزة وفي غيرها، قدِّرت قيمة محتوياته ب: 1,200,00 ريال، فلماذا حُجب اسمُ الشركة صاحبة المستودع واسم مديره؟! ولماذا وقفت التحرياتُ عن التعرُّف على المطاعم والمحلات التجاريَّة المتعاملة معه لغشِّ المستهلك؟ مطاعم ومحلاَّت تجاريَّة ينبغي متابعتها وكشفها بأسمائها، ثمَّ منذ متى يسوِّق المستودع هذا بضاعته الفاسدة؟!! وأين مراقبو بلديَّة عنيزة عنه؟!! فالمواطنون مكتشفوه فبلَّغوا عنه، هذا وتساؤلات أخرى تطال البلديَّة ذاتها، فمراقبة المطاعم والمحلاَّت التجاريَّة ومستودعات المواد الغذائيَّة مهام بلديَّة لبلديَّةٍ قد أبدت سعادة كبيرة باكتشافها الذي جاء بالصدفة. ثالثها: تزوير واستغلال ونهب المال العام في محافظة عنيزة: ثغرة للتلاعب بالتوطين فتحها غياب التنسيق بين الجهات الحكومية، فعلى حين غفلة يجد 1700 عسكريٍّ من الحرس الوطنيِّ والجيش السعوديِّ والأمن العام أنفسهم موظفين في مؤسَّسة مقاولات خاصة في محافظة عنيزة، فبعملية غير قانونية تحايل صاحبها على نظام نطاقات لرفع مستوى السعودة في مؤسَّسته ولترجيح مكيالها بملفها لدى وزارة العمل بإدراج أسماء عسكريِّين بقائمة موظفيها؛ ما يؤكد بجلاء أنَّ تجارة التأشيرات أصابت نظام نطاقات في مقتل وقفزت عليه باستخراج آلاف التأشيرات واستقدام آلاف العمال بسعودة مزعومة. هذا في عنيزةالمدينة الصغيرة فماذا في المدن الكبرى؟! فعلٌ انتهكت به مؤسَّسةٌ خاصَّة للمقاولات المواطنةَ والأخلاق الشخصية بالتزوير وباستغلال أسماء وهويات وطنية لعسكرِّيين يلتزمون بالقوانين والأنظمة ويردعون متجاوزيها، فساد أضرَّ بالوطن وبالمواطنين، فكيف حصلت المؤسَّسةُ المزوِّرة على صور هوياتهم الوطنيَّة؟! لاستغلال أسمائهم لتزييف نسب توطين وظائفها والزج بآلاف الأجانب في بلادنا فيما أبناؤنا يعانون البطالة! جرأة غير مسبوقة على السطو على خصوصية المواطنين والتزوير في المعاملات وباستخدام هوياتهم دون علمهم لتحقيق مصالح خاصة، فهذه المؤسَّسة تعدُّ قانونيّاً مرتكبةً واقعة تزوير، ومخالفةً لنظام العمل والعمال بممارسة التوظيف الوهميِّ للسعوديِّين، ومضلِّلةً للجهات المسؤولة عن توطين وظائف القطاع الخاص، فهل سيبقى سجلُها التجاريُّ بعد تلك المخالفات؟! فهي مرتكبة أكثر من مخالفة في وقت واحد، وهل سيعوَّض المتضرِّرون بالتزوير؟! فذلك من تشويه السمعة، ومعرِّض لمساءلات جهات عملهم للاشتباه، قضيَّةٌ لها نتائج وخيمة على قيم المجتمع وعلى مصالح الوطن والمواطنين؛ فظروفها مشددة للعقوبة؛ ما يعني إيقاع الحدِّ الأعلى للعقوبات في هذا الشأن. ولا شكَّ في أنَّ تلك المؤسَّسة لم تحصل على وثائق المواطنين على ماأظن إلا بتواطؤ موظفين، وأنَّها تبعثُ ببياناتها للجهات المسؤولة عن السعودة لأجل الاستقدام، فكيف لم تُكْتًشَفْ بتنامي أعداد موظَّفيها؟! فإن كانت نسبة السعوديِّين فيها 10% فلديها 17,000 موظَّف وعامل، ولا شكَّ في أنَّه إن كان هذا الرقم لديها فقد تعاقدت مع أكثر من جهة حكوميَّة، ثمَّ أليس في عقودها معها إشارات لنسبة السعوديِّين؟ وهل ستستمرُّ بتنفيذ عقودها مع الجهات الحكوميَّة؟!! والسؤال الأخير: لماذا حجبت الأخبارُ اسم هذه المؤسَّسة الفاسدة واسم صاحبها ومديرها الذي أدار عمليَّة الفساد هذه؟!