يبدأ كتاب «500 يوم: أسرار وأكاذيب في حروب الإرهاب» للمؤلف كورت إيتشنوالد في مزرعة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في كروفورد، تكساس، قبل أكثر من سنة من هجمات 11 سبتمبر 2001. كان بوش قد فاز لتوه بترشيح الحزب الجمهوري لسباق الرئاسة، وكان عدد من الخبراء قد بدأوا بزيارته إلى كروفورد لتقديم معلومات له. نائب مدير مركز مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، بن بونك، وصل وقد قرر مسبقا أن يقدم لبوش مثالا حيا عن التهديد الإرهابي. قام بتهريب قنبلة في حقيبة إلى غرفة الاجتماع، ومع أنه أطلع الاستخبارات السرية على ما سيفعله، إلا أنه لم يطلع بوش على ذلك. لم تكن الحقيبة تحوي غازا ساما، لكن الجهاز كان حقيقيا بما فيه الكفاية. كان يستند إلى تصميم لطائفة دينية يابانية سرب أعضاؤها غاز السارين في مترو طوكيو في 1995. عندما حان دور بونك في الكلام، بدأ بالحديث عن مخاطر الأصولية الإسلامية، وحدد تنظيم القاعدة بشكل خاص قائلا إنه التنظيم الأكثر قدرة على الحصول على أسلحة دمار شامل، مؤكدا أن هذه الأسلحة لا تحتاج أن تكون كبيرة، لذلك فإن نقلها ليس صعبا. ثم أمسك بحقيبته ووقف ومشى باتجاه جورج بوش. وفيما هو يتقدم نحو الرئيس القادم للولايات المتحدة، تعمد أن يفتحها وهو يوقعها من يده، ثم أدار الحقيبة نحو بوش ليرى الأرقام الحمراء وهي في العد العكسي. عندها قال بونك «لا تقلق، هذه غير مؤذية. لكنها بالضبط من نوع القنابل الكيماوية التي يستطيع الناس أن يحضروها إلى غرفة ويقتلوا الجميع.» بهذه الطريقة يبدأ كورت إيتشنوالد كتاب «500 يوم» الذي يقول إن جميع الأسس التي استند إليها بوش في الحرب على الإرهاب كانت ناتجة عن قرارات تم اتخاذها خلال ال 500 يوم الأولى بعد هجمات 11 سبتمبر، ويشرح إيتشنوالد ظروف اتخاذ جميع هذه القرارات تقريبا. ومع أن معظم ما يغطيه الكتاب أحداث معروفة للقارئ، إلا أن الكاتب استطاع أن يقدمها بأسلوب شيق وممتع بسبب حرصه الصحفي على التفاصيل. ويعتمد الكاتب على نقل القارئ بسرعة من مكان إلى آخر، فيأخذه إلى غرفة الطعام في البيت الأبيض في لحظة ما ثم ينقله مباشرة إلى كنيسة في لونج آيلاند ومن ثم إلى تلال أفغانستان، كل ذلك في صفحات قليلة.