قبل أشهر، قال جون سنونو، حاكم ولاية نيو هامبشير السابق ، خلال مؤتمر نظمته حملة المرشح الرئاسي رومني، منتقداً أوباما: «كنت أتمنى لو أن هذا الرئيس تعلم كيف يصبح أمريكياً». قامت الدنيا و لم تقعد قبل تقديم الاعتذارات. في كلام سنونو تهمة خطيرة ضد أوباما تشكك في انتمائه الوطني. لكنه أضطر صاغراً أن يعتذر من أوباما خوفاً من تبعات كلامه قانونياً. في البلدان التي تحتكم للقانون لا يمكن إطلاق التهم ضد الناس جزافا. ثمة قوانين تردع المتهورين و الحمقى وذوي المواقف العنصرية التي يرون فيها أنفسهم وحدهم حماة الوطن وغيرهم مجرد خونة و عملاء و دخلاء على الوطن. في عالمنا العربي، لو طبقنا القوانين المعتبرة عالمياً في حق من يتهم غيره بالخيانة و العمالة لرأينا العجب العجاب. فما أن تقول رأياً وطنياً أو فكرياً — أنت مقتنع به لكنك لا تفرضه على أحد – حتى يهب بعضهم لتخوينك و ربما إخراجك من الملة. من حقك أن تختلف معي. لكن ليس من حقك أن تتهمني بالخيانة لمجرد أن رأيي لم يتفق مع رأيك. لكننا في مرحلة انتهت فيها إمكانية إقناع محترفي الشتيمة و التخوين بالتعقل و محاسبة النفس. لقد تمادوا حتى أدمنوا تهم التخوين. هؤلاء لا تردعهم سوى قوانين صريحة و واضحة يُحتكم إليها. تعبنا و نحن نُذكّر أن من مصلحة الوطن أن تتنوع الآراء و المدارس الفكرية. و تلك أصلاً حقيقة إنسانية منذ قامت للبشرية حضارة. لا يمكنك أن تفرض نمطاً واحداً من التفكير أو القناعات على كل الناس، حتى داخل البيت الصغير. اختلف في الرأي مع غيرك. لكن من أنت حتى تُخوّن الناس في وطنيتها أو تكفرها في قناعاتها لمجرد الاختلاف معك؟ في الوطن الكبير فسحة لكل الآراء والتوجهات. و من مصلحته أن تتباين الأفكار و تختلف الرؤى. لكن ليس من مصلحته أن يطلق العنان لفريق لا يملك سوى تخوين غيره لمجرد أن لهم رأيا مختلفا أو منهجا «وطنيا» خارجا عن التقليدي المكرر!