لاأعتقد أنه على مستوى الوطن العربي توجد شركة عملاقة مثل أرامكو.. هذه الشركة التي نعتبرها نموذجاً مشرفاً للإدارة والقيادة والإنتاجية بمهنية لدرجة أننا دائماً ما نضرب بها المثل في الحيادية والاحترافية، ولكن يبدو أن (عيناً) أصابتها عندما غزاها الفساد. فقد كشفت أرامكو السعودية أنها أوقفت التعامل مع شركة «تايكو» على خلفية ما ذكرته مزاعم بأن الشركة الأمريكية قدمت رشاوى لعاملين في أرامكو في وقت ما بين 2003م – 2006م ضمن عدة جهات وشركات في أنحاء العالم.. وأوضحت أرامكو في بيان لها نشر في معظم الصحف، بأنها بدأت تحقيقاً موسعاً ودقيقاً في الموضوع للتثبت مما ذكر حول تورط موظفين فيها، بعد أن تبين أن شركة «تايكو الشرق الأوسط» قدمت رشاوى لمسؤولين في «أرامكو» وذلك مقابل بيع معدات وأجهزة صناعية وذلك في مقابل الحصول على عقود من الشركة.. نحن نعلم أن الفساد لايخلو بعض المرافق الخدمية، وكان سبباً في وجود هيئة مكافحة الفساد والمباحث الإدارية، لكن نخشى أن يصل الفساد للشركة التي تعتبر نموذجاً مشرفاً، وسننتظر نتائج التحقيق. هذا الحدث يجعلنا نعيد في حساباتنا الشيء الكثير حول ما يقام في الخفاء وبات من الضروري تطبيق نظام التشهير بالمفسدين والمرتشين والراشين حتى يكونوا عبرة للآخرين. بقي أن نقول كلمة حق في أرامكو بأنها أعلنت بدء التحقيق وأنها أوقفت التعامل مع الشركة إلى حين ظهور نتائج التحقيق، وهذه شجاعة تضعها في مرتبة الشفافية.. وتبقى القضية الأهم: كيف مُرر الفساد إلى شركة احترافية كانت في ما مضى ترصد عن بُعد وتعاقب بصرامة عمّالها قبل خمسين عاما لأنهم سرقوا ثلجاً وبضعة لترات من البنزين في الربع الخالي!