الدمام – هند الأحمد الناصر: على مصلحة الإحصاءات أن تعزز الجانب التنفيذي في مسحها الاقتصادي المقبل. السويّد: المسوحات لن تساهم في قياس الوضع الاقتصادي للأسر لعدم دقته وعدم مطابقته للواقع. البوعينين: تأخير إصدار المؤشرات أو عدم تحديثها بصورة دورية يجعلها مفرغة من مضامينها. القحطاني: لم يتحقق نمو يذكر في دخل الفرد بالرغم من ارتفاع أسعار النفط. تستعد المصلحة العامة للإحصاءات لإجراء مسح ميداني اقتصادي هو السابع من نوعه الذي تنفذه المصلحة دورياً منذ 1970، والذي يتعلق ب››مسح إنفاق ودخل الأسر في المملكة››، لبناء الأرقام القياسية لتكلفة المعيشة، ولإعداد مكونات الناتج المحلي الإجمالي، علاوة على إنتاج المؤشرات الإحصائية اللازمة لإعداد الدراسات والاستراتيجيات المتعلقة بالتنمية الاجتماعية. ومبرر هذا أن التغيرات الاقتصادية العالمية المتسارعة خلال العقود الأخيرة جعلت الطلب على المعلومات الإحصائية يتزايد، فتوفر المعلومات الإحصائية وسرعة وسهولة الحصول عليها أحد الشروط الأساسية لإدارة المعرفة والتنمية بأشكالها كافة. غياب الخطة الوطنية لاحم الناصر وأشار المحلل الاقتصادي، لاحم الناصر، أن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تقوم كل خمس سنوات بمسح ميداني اقتصادي، بغرض تحسين دخل الأسر والوقوف على مستوى الرفاهية التي ينعم بها المجتمع، من خلال التعرف على أنماط إنفاق ودخل الأسر المعيشية؛ وإذا لم يرتبط هذا بخطة عمل، ووضع أهداف لها بمشاركة جميع الجهات المعنية، ستبقى مجرد دراسات نظرية، وهذا ما شاهدناه في الدراسات والإحصاءات السابقة. وأشار الناصر إلى عدم وجود خطة وطنية واضحة تحتوي على أهداف ونقاط مرحلية للتنفيذ، مؤكداً على أن مؤسسة النقد تقوم خلال الربع الأول من كل عام بإظهار تقرير عن التضخم داخل المملكة، وقد تؤثر مثل هذه الإحصاءات، إذا لم تكن دقيقة، في عمل الجهات الأخرى، كوزارة المالية، ومؤسسة النقد العربي السعودي. واعتبر الناصر أنه يمكن الاستغناء عن مثل هذه المسوحات، بملاحظة منافذ التجزئة التي توضح مدى حجم إنفاق الأسر السعودية بعيداً عن هذا النوع من المسوح الميدانية التي تستنزف في الغالب الوقت والمال، لطول فترة تنفيذها. 20448 أسرة وأضاف الناصر «نعرف في المملكة متوسط دخل الإنفاق على الإيجار، إضافة إلى الغذاء والتعليم والصحة، والتي تظهرها في الغالب مراجعة التأمينات الطبية». وأكد على أن مثل هذه المسوحات التي تقام لا تؤدي الدور المنوط بها، كما أنها ليست مبنية على طريقة عملية صحيحة إذا عرفنا أن المسح سيشتمل على قرابة 20448 أسرة، إذا ما قورن هذا بحجم الكثافة السكانية في المملكة. وأضاف أن عملية الإنفاق تتم حالياً عبر القنوات الإلكترونية، وبالتالي ستكون عملية الحصر، وإيضاح مستوى الإنفاق، واضحة من خلال بيانات مؤسسة النقد وأرقامها، إضافة إلى بيانات مؤسسة الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية التي تضم حجم الإنفاق ومجمل الدخل الشهري للأسر في المملكة، مشيراً إلى أن أي مسح ميداني لن يكون بالدقة التي ستشتمل عليها مرجعية بيانات هذه الجهات. وأكد الناصر أن مثل هذه المسوح لن تساهم إطلاقاً في تحسين دخل الأسر، وإنما هي دراسة نظرية فقط لحجم الإنفاق، سواء من ناحية الرواتب والأجور العينية، أو صافي الدخل من المشروعات. توقيت صدور النتائج فضل البوعينين ودعا الخبير الاقتصادي فضل البوعينين إلى أهمية الإعلان عن المؤشرات الدقيقة التي تساعد الحكومة؛ رجال المال والأعمال والمستثمرون، على اتخاذ قرارات متوافقة مع الحاجة والمتغيرات الاقتصادية الدقيقة، ودورها في تحقيق الأهداف الاقتصادية بدقة. مؤكداً على أن المؤشرات المتعلقة بالدخل والإنفاق من أهم المؤشرات التي تعتمد عليها كثير من الجهات، ولكن يجب أن تكون هذه المؤشرات متوافقة مع الواقع، وأن تحدث بصفة مستمرة، وبما يحقق الفائدة. وأضاف أن هنالك جانباً مهماً في المؤشرات، وهو وقت إصدارها، فتأخير إصدار المؤشرات، أو عدم تحديثها بصورة دورية، كما يحدث في الدول الصناعية، يجعلها ليست ذات أهمية، ومفرغة من مضامينها، لذا لا يمكن القبول بالمؤشرات غير المرتبطة بالواقع الزمني، أو تلك التي تغطي فترات ماضية، كما يحدث مع بعض المؤشرات الإحصائية المحلية التي تتناول بالشرح والتفصيل فترات ماضية، مشيراً إلى أن هذه الإحصاءات تمكِّن صانع القرار من رسم الاستراتيجية المتطابقة مع الاحتياجات الحالية والمستقبلية لتحقيق الإنماء الاجتماعي. السلع المعمِّرة وذكر البوعينين أن ما يميز هذا المسح عن غيره هو تصنيف بنود السلع والخدمات لاستمارات الإنفاق اليومي، والشهري، والسلع المعمّرة، التي ستقوم بها مصلحة الإحصاءات العامة، وهذا سيعطي وصفاً لمدى إنفاق الأسر، والمستوى المعيشي لها. وأضاف: على سبيل المثال، من أهم المؤشرات الأمريكية مؤشر (السلع المعمرة)؛ وهو مؤشر يعتمد عليه قطاع الإنتاج والاستثمار. مؤكداً على أن تصنيف السلع أمر ضروري؛ ولكن يجب أن يكون وفق معايير دقيقة، وبما يعكس حقيقتها على أرض الواقع، كما أن مؤشر السلع يعطي في الغالب صورة لحجم الإنفاق في المجتمع؛ إلا أنه في حاجة إلى مؤشرات داعمة لتحديد حجم الإنفاق الدقيق، لمواجهة الطلب على السلع والخدمات مستقبلاً، وأهمية معرفة حجم الإنفاق على السكن والطعام والكهرباء خلال فترة الإسناد الزمني للمسح. وذكر البوعينين أنه لا علاقة لهذا المؤشر بمعرفة حجم التحويلات الجارية الخاصة بالقطاع العائلي، سواء من داخل الدولة، أو خارجها. وقال إن هناك مؤشرات أخرى أكثر دقة لمعرفة حجم التحويلات الخارجية؛ أما ما يتعلق بالإنفاق الجاري المحلي، فإنه يفترض أن يكشف مؤشر الإنفاق المزمع إصداره عن جميع البيانات المرتبطة به. المسوحات السابقة وعلق مستشار الدراسات والحلول، صالح السويّد، أننا لا نملك الآلية الحديثة للإحصاء الدقيق، وكل الخوف أن يكون ذلك للاستهلاك وامتصاص الضائقة الاقتصادية. وأكد على ضرورة إظهار النتائج السابقة للمسوح الميدانية الاقتصادية لمعرفة مدى تطورها ونجاحها في عملية التنمية الاجتماعية. وأشار السويّد إلى أهمية تصنيف بنود السلع والخدمات في استمارات الإنفاق اليومي والشهري والسلع المعمّرة، ووجوب إعطائها وصفاً دقيقاً لمدى إنفاق الأسر، والمستوى المعيشي لها، حيث أن لها دورها في قياس مرونة الدخل للأسر، لكن في ظل غياب الرقابة وضعف هيئة متابعة الأسواق، فليس هناك تصنيف. وأكد السويد أن مثل تلك المسوحات لن تساهم في قياس الوضع الاقتصادي للأسر التي تحتاج لمساعدة الضمان الاجتماعي، لعدم دقتها، وعدم مطابقتها للواقع المجتمعي الذي يفتقر إلى المعلومة الدقيقة، معتبراً أن الضمان الاجتماعي «شكلي» فقط. نصيب الفرد مضلل د.عبدالوهاب القحطاني من جهة أخرى، ذكر أستاذ الإدارة الاستراتيجية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الدكتور عبدالوهاب القحطاني، أنه لم يتحقق نمو يذكر في دخل الفرد، بالرغم من ارتفاع أسعار النفط من أقل من أربعين دولاراً قبل حوالي ست سنوات، إلى أكثر من 147 دولاراً في 2007م. والحقيقة أن استخدام مؤشر نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي مضلل، لأن ما نسبته أكثر من 90% منه يعود لإيرادات النفط، لذلك يجب أن نتجنب هذه المعلومة، ونتوخى الحذر منها. وأشار إلى أن معدل دخل الفرد السعودي في تراجع قوي منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، بسبب تزايد معدل البطالة، إضافة إلى عدم التغير في الرواتب الحكومية بنسبة تعكس التضخم وغلاء المعيشة، وتزايد عدد السكان، مع عدم التقدم في توظيف المؤهلين منهم للعمل في القطاع الخاص، إضافةً إلى ضعف التخطيط الحكومي في تنمية الموارد البشرية، وعدم التقدم في توطين الوظائف. وأضاف القحطاني أن المعلومات الدولية تشير إلى نمو سلبي في إجمالي الناتج المحلي للمملكة يقدر بحوالي ( 0.02%) في نهاية 2010م، ونمو إيجابي ضعيف في نهاية 2005م يقدر بحوالي (0.12%). مساهمة القطاع الخاص وأشار القحطاني إلى أهمية مساهمة القطاع النفطي في ارتفاع دخل الفرد، ومحذراً من الاعتماد على هذه المعلومة، لأن السلة الاقتصادية التي تعتمد على النفط لا يعتمد عليها في القرارات الاقتصادية الأخرى، مثل قرارات التحول إلى الاعتماد على القطاع الخاص للمساهمة في توطين الوظائف، والمساهمة الفاعلة في إجمالي الناتج المحلي في المملكة، وبالتالي يتحسّن دخل الفرد. وأضاف «لم يرتفع دخل المواطن السعودي ليعكس القوة الحقيقية للاقتصاد السعودي، والمؤشرات تشير إلى تراجع مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي». وحذر من الاعتماد على إيرادات النفط في تحديد مسار نمو الاقتصاد السعودي، لأن المؤشر الحقيقي لنموه يكمن في قطاعات الصناعة والتجارة والسياحة والزراعة والبتروكيماويات، وغيرها من القطاعات الإنتاجية. والمتوقع أن يرتفع سعر النفط في السنوات المقبلة ليساهم في ارتفاع إجمالي الناتج المحلي، لأن الولاياتالمتحدة ستجد نفسها بحاجة متزايدة للنفط الأجنبي، ناهيك عن تراجع قيمة الدولار بسبب عدم معالجة الدين الأمريكي الذي يبلغ حوالي 15 تريليون دولار. توطين الوظائف وحول مساهمة القطاع الخاص في مواكبة المتغيرات الاقتصادية، ومدى تأثير ذلك على إنفاق الأسر من دخلها في المملكة، ذكر القحطاني «لا يساهم القطاع الخاص كما يجب في إجمالي الناتج المحلي، لأسباب عديدة، منها ضعف الثقافة المؤسسية والإنتاجية والإبداعية، والاعتماد على الاستيراد، وضعف القاعدة الصناعية، وعدم الاستثمار في البحث والتطوير، مضيفاً أن نسبة كبيرة من الشركات الصغيرة والمتوسطة تواجه تحديات كبيرة في التمويل والتسويق والتدريب والتخطيط والقيادة، وصناعة القرار، وغيرها من الوظائف ذات العلاقة بالإنتاج والتصنيع المحلي. والمأمول من القطاع الخاص المساهمة في توطين الوظائف للسعوديين، وبذلك تساهم الشركات الوطنية في زيادة دخل المواطنين، وإجمالي الناتج المحلي، مؤكداً على ضرورة الاهتمام بالعملية الرقابية على المشاريع الكبيرة، وعدم إسناد المشاريع لشركات سعودية مقصرة جداً في توطين الوظائف، ودعم الاقتصاد الوطني. وكثير من هذه الشركات تبلغ نسبة العمالة الأجنبية فيها حوالي 97%. وأضاف أن الحكومة السعودية قدمت التمويل السخي لمشاريع عملاقة، ولا تزال تقدم كثيراً، لكن عليها الرقابة والتحكم في التكاليف مع مراقبة جودة المشاريع، وأن وجود المملكة عضوا ضمن عشرين دولة عظمى يجعلنا نتوقع زيادة تأثيرها في صندوق النقد الدولي للمحافظة على مصالحها، وبما يحقق مزيداً من الدعم الداخلي للريال السعودي.