يبدو أن الطائفة العلوية في سوريا بدأت تظهر تململها مما يحدث من مواجهات في البلاد. فواقعة أمس التي تطورت إلى اشتباكات بين عائلات علوية مع شبيحة الأسد والموالين له، في مسقط رأسه مدينة القرداحة (التي ينظر لها كمعقل الأسد الذي لا يمس)، سيكون له بالتأكيد تداعيات على بقية الطائفة التي أبدت حتى الآن تماسكا خلف الرئيس على الرغم من أن كثيرا من المعارضين والناشطين البارزين من هذه الطائفة لمعت أسماؤهم ضمن صفوف الثورة السورية منذ بدايتها. ويأتي حدث أمس بعد أن أكدت مصادر عديدة خبر خروج شقيقة الأسد مع أبنائها من سوريا إلى دبي للإقامة هناك، وذلك مؤشر على تفكك العائلة بعد مقتل آصف شوكت، وهما مؤشران على بداية العد العكسي باتجاه سقوط الأسد، خاصة بعد تصاعد عمليات الجيش الحر والكتائب المقاتلة، والمعارك المفتوحة، على طول البلاد وعرضها، حيث تتوارد المعلومات عن خسائر فادحة في صفوف قوات النظام، وخروج مناطق واسعة من البلاد عن سيطرته، وذلك بالتزامن مع حدثين بارزين هما انتقال القيادات العسكرية للجيش الحر إلى الداخل السوري، والإعلان عن توحيد معظم قوات هذا الجيش تحت قيادة موحدة. وتململ الطائفة العلوية من سياسة الأسد سيكون له تأثير كبير على مجرى الأحداث، وصمود النظام، الذي اعتمد منذ عشرات السنين على الضباط والمسؤولين الكبار من أبناء هذه الطائفة، وبدأ بعد الثورة بتجنيد فقراء هذه الطائفة «الشبيحة» الذين أصبحوا وقود هذه الحرب التي يقودها الأسد ضد الشعب السوري مراهنا على حرب أهلية طائفية. وعلى الرغم من أن الطائفة العلوية شهدت منذ فترة مبكرة محاولات بعض العائلات النأي بنفسها عن الأسد، حيث أعلنت «عشيرة الحيدرية» أن صراع الأسد مع الشعب أمر لا يخصهم، إلا أن مواجهات القرداحة تحتل أهمية خاصة، حيث إن عائلات كبيرة وعريقة ضمن هذه الطائفة خرجت عن صمتها لتقول «كفى الأسد توريط الطائفة، ويجب أن يرحل». وهذا يعني أن شخصيات من هذه الطائفة بدأت تدرك أن الأسد يقود البلاد والطائفة نحو الكارثة من أجل الاستمرار في الحكم على حساب دم أبنائهم وأبناء الشعب السوري، وأن وجوده أصبح يهدد وحدة البلاد والسلم الأهلي، الذي لم يحصل أن هُدد عبر تاريخ هذا الشعب، ولعل من خرج عن صمته في القرداحة يتذكر الحقيقة التي غيبها النظام عنه طويلا، وهي أنه سوري قبل أن يكون علويا.