هزت جريمة قتل الطفلة تالا الشهري ذات الأربعة أعوام المجتمع السعودي، وسلطت الأضواء من جديد على جرائم الخدم داخل المنازل، فبعد سلسلة من جرائم القتل والتعذيب وهتك العرض التي نالت من أرواح بريئة أصبح من الضروري البحث عن حلول ناجعة لظاهرة الاعتماد الكلي على الخادمات في رعاية الأبناء مما يعرض حياة الكثير من الأطفال للخطر. بعض الأمهات وخاصة العاملات منهن تضطر مرغمة بسبب عدم وجود حضانة في العمل أو الأماكن التي تقصدها لترك الأطفال في عهدة الخادمة التي تتحول في كثير من المنازل إلى طاهية ومربية ومدرسة وهي مهام لم تستقدم من أجلها وتشكل هذه المهام عبئا كبيرا على الخادمة، مما قد يصيبها بالإرهاق وقد يدفعها للانتقام من العائلة، وهذه الحقيقة لم تدركها بعض العائلات إلا بعد فوات الأوان وبعد قيام الخادمة بتعذيب الطفل أو قتله. حوادث قتل أو تعذيب الأطفال على يد الخادمات قد تجعلنا نعيد التفكير في حقوق الأم العاملة والتأثير السلبي لابتعادها عن طفلها فتفكيرها الدائم بسلامة الطفل واحتمالية تعرضه للأذى على يد الخادمة يؤثر سلبا على أدائها لمهام عملها وإنتاجيتها مما يستوجب إنشاء حضانة في كل القطاعات الحكومية والأهلية التي يوجد فيها قسم نسائي ليكون الأطفال قريبين من أمهاتهم وتستطيع الأم الاطمئنان على أطفالها متى شاءت مما يشعرها بالراحة النفسية ويساهم في زيادة إنتاجيتها، وليست الأم العاملة فقط من هي بحاجة لخدمات الحضانة فبعض الأمهات من غير العاملات يعانين من تدبير مكان آمن لأطفالهن فبعض الأماكن تمنع اصطحاب الأطفال مما يجعل الأم في حيرة من أمرها فهي لاتستطيع ترك طفلها لوحده في المنزل أو تطلب من الأقارب رعايته في غيابها فتوفير مثل هذه الحضانات في كل حي قد يساهم في حماية الأطفال من جرائم الخادمات، وكذلك معالجة ظاهرة البطالة المنتشرة بين الفتيات السعوديات وتوفير فرص عمل شريفة لآلاف العاطلات، ولن تجد المواطنة أفضل من بنت بلدها لتستأمنها على فلذات كبدها. نحن بحاجة ماسة لحماية الأطفال من جرائم الخدم وتوفير بيئة آمنة لهم، فالأطفال أمانة في أعناق الوالدين والمجتمع، وفي ظل تكرار الجرائم البشعة التي نفجع بها بين فينة وأخرى وتزهق فيها أرواح بريئة كما حدث في مدينة ينبع أصبح من الضروري على وزارة العمل سن قوانين تحمي الأطفال والعائلات من جرائم العمالة «القاتلة» من خلال التدقيق في اختيار العمالة المنزلية، وضرورة إخضاعها للفحص الطبي النفسي قبل وبعد قدومها للسعودية فلانريد تكرار مأساة تالا وغيرها من الأطفال الذين ذهبوا ضحايا لجرائم الخادمات.