تحتفي مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بذكرى ملحمة توحيد المملكة العربية السعودية، واحتفالات اليوم الوطني هذا العام، بباقة من الأنشطة والفعاليات، التي تحكي مسيرة نهضة بلاد الحرمين الشريفين، التي أهلتها للصعود إلى مصاف القوى الفاعلة على الصعيد الدولي. وتتفيأ المكتبة في هذه المناسبة الغالية، مسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، التي بدأت منذ بواكير حياته العملية، التي انبثقت من نشأته الإسلامية في كنف الملك المؤسس، واكتسبت خصوصيتها من تأملاته ورؤاه، التي ترجمتها خبرات الأيام والسنين، ورعايته لأبنائه المواطنين، من خلال معرض صور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. استثمار في المواطن ويأتي في مقدمة هذه المسيرة التي تحكيها صور المعرض والكتاب التذكاري الذي يجمعها كما يؤكد مستشار خادم الحرمين الشريفين، المشرف العام على المكتبة، فيصل بن معمر، في تصديره للكتاب، الاستثمار في الإنسان السعودي، الذي رأى أنه أسمى ركيزة تستحق العناية والرعاية، وتبرز المشاهد هذه التطلعات ويحكي الواقع أبعاد نظرته تجاه أبنائه المواطنين، التي لم تكن وليدة توليه الحكم، بل كانت ملازمة له منذ سني حياته العملية الأولى، في جميع المناصب التي تقلدها، والمشروعات التي تبناها، والتي يتجلى فيها حرصه على وضع الأسس المتينة لتهيئة الأجيال الناشئة للمستقبل، وهو النهج الذي كان له أثر في غرس الانتماء الوطني في نفوس المواطنين، وتجسيد اللحمة الوطنية، لأنه جعل من أولويات اهتماماته الارتقاء بالإنسان، وتعزيز الثقة في نفسه وتهيئته للمستقبل بنظرة لا يقف مداها عند الأمور الحالية، ويوجز هذا النهج في عبارة دوماً ما يرددها خادم الحرمين الشريفين في مناسبات كثيرة، بقوله “خدمة الدين، ثم الوطن، بالصبر والعمل”. مبادرات يضيف بن معمر “وقد أسهم رعاه الله بالمبادرات الكريمة على الصعيدين العربي والإسلامي، إذ جعل نصب عينيه القضية الفلسطينية التي يراها القضية الأم، فدعمها مادياً ومعنوياً، كما دعم كثيراً من القضايا العربية والإسلامية، حرصاً منه على توطيد وحدة الصف، وحل الخلافات والنزاعات وتفعيل المشروعات العلمية والاقتصادية والتنموية التي تسعى إلى مواكبة مصاف الدول المتقدمة، كما وكان أيده الله ذا حضور دبلوماسي بارز في كثير من القضايا العالمية، والأحداث الدولية التي شارك فيها بآرائه السديدة ورؤاه البناءة ونظرته المستقبلية، مما جعلها تحظى بالإشادة والتأثير، فضلاً عن إسهاماته الوطنية، وإنجازاته العربية، ومبادراته العالمية التي تحتاج إلى دراسات مفصلة برؤى عميقة.
قصة الملك الإنسان يحكي كتاب “عبدالله”، الذي يضم لقطات نادرة لخادم الحرمين الشريفين، فصولاً من قصة الملك الإنسان الذي تولى قيادة المملكة بعد وفاة الملك المؤسس بنحو خمسين عاماً، شهدت البلاد أثنائها قفزات هائلة في مضمار التحضر والازدهار. وكيف أنه هيأ نفسه لمرحلة أخرى من العطاء تعد استثنائية في عمر الوطن، اتكاء على الطاقات الإنسانية التي تزخر بها، وثرواته التي تؤكد أن الخمسين عاماً التي سبقت تولي عبدالله مُلك البلاد كانت على المستوى الشخصي فترة تهيؤ جديرة بالتأمل لما تزخر به من حكايات ودلالات. انطلاقة الشاب وتبدأ قصة مسيرة الملك عبدالله في المدرسة التي أسسها الملك المؤسس في قصر المربع في ثلاثينيات القرن الماضي، والتحق بها الأمير عبد الله مع عدد من إخوانه وأقرانه، حيث تميزت بتعليم هو الأحدث في ذلك الوقت إذ تجاوز مرحلة الكتاتيب التقليدية ليتضمن عدداً من العلوم الحديثة إلى جانب التعليم الأساسي للقراءة والكتابة. فمن تلك المرحلة انطلق الشاب عبدالله بن عبدالعزيز في رحلة خصبة من النمو الشخصي التي اعتمدت على مجالسة والده العظيم، والاستفادة من تجاربه وحكمته، ثم التوسع في الإطلاع، والسفر، وممارسة رياضاته المفضلة، وفي طليعتها الفروسية، والقنص والسباحة. اهتمام بالفروسية من عرف عبدالله بن عبدالعزيز أميراً ثم ملكاً يدرك أن الاهتمامات المشار إليها استمرت جزءاً من شخصيته فاهتماماته بالفروسية مثلا هي من العلامات الفارقة التي لم تفارقه وقد تجسد ذلك في إنشائه عام 1387 ه/ 1967م أول ناد للفروسية في المملكة متطلعاً من خلاله إلى المحافظة على رياضة عربية أصيلة، وعلى أصالة الحصان العربي، ومن المعروف أنه كان لديه حصان مفضل أسمه “بغداد” لونه أبيض تعود امتطاءه منذ الستينيات الهجرية. أثر خبرة من يقرأ السجل الشخصي لعبدالله بن عبدالعزيز في المراحل المتأخرة، سيجد كثيراً من الإرهاصات الأخرى التي تبلورت في تلك المراحل المبكرة من حياته، وأسفرت فيما بعد عن مشروعات كثيرة بعضها أسفر عن تحولات كبرى في حياة الوطن، في ذلك السجل نجد ثلاثة أنواع من النشاط: مرافقة والده الملك عبدالعزيز في زيارات رسمية لبعض الدول العربية، والسفر الشخصي لدول عربية وأجنبية، والقنص ورحلات الصحراء. ولعل من الطبيعي أن يكون لكل من تلك الأنواع من النشاط أثره المختلف تبعاً لاختلافها، فالزيارات الرسمية كان لها أثرها في التعريف بالأبعاد السياسية والعلاقات الدولية، إلى جانب التعريف بالدول من زوايا تجمع المعرفة بالبلاد وتاريخها، وأهلها من ناحية، والمعرفة بالأشخاص من قادة وغيرهم من ناحية أخرى، وهو ما تجسده رحلة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر في أواسط الأربعينيات من القرن العشرين، وكان في العشرين من عمره تقريباً. أما الرحلات الشخصية، فتحتل موقعاً خاصاً في تاريخ عبدالله بن عبدالعزيز، وما يلفت النظر هو اتساع آفاقها منذ مرحلة مبكرة فقد شملت دولاً أوروبية وأخرى عربية. وكما يعرف الجميع أن الشهامة قيمة عالية في بيئة الجزيرة العربية، ولم يعدم عبدالله النماذج التي يمكن للإنسان أن يتعلم منها، وفي طليعة تلك النماذج، يأتي والده المؤسس طيب الله ثراه، والبيئة البدوية التي جاءت منها والدته رحمها الله، وكذلك كثرة ذهابه إلى الصحراء ومعايشته أهلها وأجوائها. اهتمام بمبادئ الإسلام لقد كان اهتمام الملك عبدالله بحوار الأديان والحضارات نابعاً من اهتمامه الأساسي والمبدئي بالإسلام، بوصفه الدين السماوي الأحق بالانتشار في كل مكان، والأجدر ببناء علاقات نابعة من رسالة الإسلام التي أتى بها محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم). من ذلك الاهتمام الأساسي جاءت عناية الملك عبدالله بالحرمين الشريفين وضيوفهما، فأمر بأكبر توسعة يشهدها المسجد الحرام في تاريخه، وكذلك باستكمال توسعة المسجد النبوي وما يصاحبه من خدمات، كما أمر بإنشاء الطرق وإعمار (عين زبيدة) لتوفير المياه بأوفر السبل للمعتمرين والحجاج والمقيمين في مكةالمكرمة، هذا إلى جانب تطوير مشاعر الحج مثل إنشاء الأدوار المتعددة لجسر الجمرات التي أدى إنشاؤها إلى تلافي كثير من المشكلات التي كانت تحصل نتيجة لتزاحم الحجيج. وتطورت هذه المبادئ والقناعات لتنغرس في الحراك الثقافي، وتتحول إلى مكتسب شائع بين مثقفي المملكة ومفكريها من مختلف المذاهب والتوجهات الفكرية دون الاقتصار على فئة أو توجه أو جنس واحد، وبالفعل فقد امتد الحوار عبر مشروع “الحوار الوطني” الذي أنشئ من أجله “مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ” وانطلق عام 1424ه/ 2003م ليشمل الوطن بأكمله، وليعقد في رحابة جلسات شملت المرأة محاورة للرجل، والفكر في حوار مع الفكر، والآراء أمام اختلافها وسعيها المشترك إلى ما هو انفع وأمكث في الأرض. وكان التأكيد على قيم الحوار والوسطية والاعتدال ركيزة أساسية لما عرف بمشروع الملك عبدالله الإصلاحي الذي هدف إلى نزع فتيل الفتن والدفع بالوطن والمنطقة ككل تجاه المزيد من حل المشكلات بالتفاهم ونبذ التشدد والإرهاب. الحس الإنساني من أبرز الصور في المعرض تلك التي ترصد ما نحتاج إلى استعادته لما يتضمنه من الحس الإنساني الرائع لخادم الحرمين الشريفين، ففي عام 1421ه /2000م انتشر مرض حمى الوادي المتصدع في منطقة جازان جنوبي غربي المملكة، وكان الأمير عبدالله آنذاك عائداً للتو من زيارة رسمية لفرنسا، وأصر أن ينتقل مباشرة إلى المنطقة المتضررة من الإصابات والوقوف على الاستعدادات التي اتخذتها الدولة هناك لمواجهة تلك المشكلة، وحين حذره الأطباء والمسؤولون خوفاً عليه، قال لهم كلمة شهيرة هي: “إذا كانت إرادة الله، فسأصاب بالعدوى على أية حال، وإن لم تكن، فلا داعي للخوف”. لقطات من المعرض يضم المعرض 192 صورة فوتوغرافية توثق لمسيرة خادم الحرمين الشريفين، منذ مراحل الصبا والشباب وفي جميع المناصب والمسؤوليات التي تولاها في حياته العلمية، كما تسجل لبعض من جهوده ومبادراته المحلية والعربية والعالمية. ومن اللقطات التي يتم عرضها في معرض صور خادم الحرمين الشريفين مجموعة من الصور تعود إلى حقبة الستينات من القرن العشرين، وأثناء رحلة صيد، وكذلك مجموعة لقطات أثناء أداء المليك لفريضة الحج عام 1967م. ويزدان المعرض بعدد كبير من صور خادم الحرمين الشريفين مع ملوك ورؤساء العالم، منها صورة مع رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية جيرالد فورد عام 1974م، وأخرى مع ملك أسبانيا خوان كارلوس تعود إلى حقبة السبعينيات من القرن العشرين، وصورة مع الرئيس الأمريكي نيكسون أثناء زيارته للملكة عام 1973م/ ولقائه بالملك فيصل يرحمه الله، وكذلك صورة جماعية مع الملكة اليزابيث، ملكة بريطانيا أثناء زيارتها لجدة أواخر عام 1979م. ومن اللقطات في المعرض صورة وهو يشاهد مجسماً لمقر الحرس الوطني مع إخوانه الملك خالد، والملك فهد، والأمراء سلطان وسلمان، وإبراهيم العنقري في أواخر السبعينات من القرن العشرين، بالإضافة إلى صورة مع الرئيس الأمريكي رونالد ريغان خلال حقبة الثمانينات، وأخرى مع رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر، ولقطات مع رئيس دولة الامارات العربية المتحدة زايد آل نهيان، وملك المغرب الحسن الثاني، وملك الأردن حسين بن طلال، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وتعود جميعها إلى حقبة الثمانينيات من القرن العشرين. ويضم المعرض صورة نادرة لخادم الحرمين الشريفين وهو يمارس رياضة “البولينج”، وأخرى مع ابنه الأمير محمد، وصورة وهو يبحث عن الكمأة “الفقع” في صحراء حفر الباطن عام 1997م، وكذلك صورة خاصة لغلاف مجلة تايم. ويسجل المعرض مدى عناية المليك وبابه المفتوح لكل أبناء الوطن من خلال مجموعة صور نادرة خلال استقباله لمواطن مسن في مكتبه بالحرس الوطني وهو يقدم الماء للمواطن بيده، وكذلك مجموعة وهو يستقبل أصحاب العرائض، ويتفقد الأحياء الفقيرة في مدينة الرياض ويتحدث مع سكانها. ويضم المعرض أيضا صور خادم الحرمين الشريفين أثناء افتتاحه لأعمال قمة أوبك بالرياض عام 2007م، وكلمته أمام منظمة المؤتمر الإسلامي في مكةالمكرمة عام 2008م، وكلمته في هيئة الأممالمتحدة في نوفمبر 2008م، وأثناء حضوره لقمة العشرين في لندن عام 2009م، وأثناء خطابه في المؤتمر العالمي في مدريد في يوليو عام 2008م. ويسجل المعرض في لقطة افتتاح المليك لجامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية” كاوست” عام 2009م بحضور عدد من الرؤساء والملوك، وكذلك صورة نادرة لخادم الحرمين الشريفين وهو يؤدي الصلاة في قصره المطل على البحر الأحمر في جدة. الكتاب تضمن صورة للملك عبدالله يمسك ببندقية صيد (واس)
لقطة لخادم الحرمين الشريفين مرتدياً الإحرام
صورة نادرة للملك عبدالله وهو يؤدي الصلاة في قصره المطل على البحر الأحمر بجدة
الاهتمام بالفروسية جزء من شخصية خادم الحرمين الشريفين الرياض | واس