شن مسؤولون دوليون هجوماً شرساً على وكالات التصنيف الائتماني في صحيفة فاينانشال تايمز وفي مقدمتها «ستاندرد أند بورز»، وبالتالي أصبحت تلك الوكالات في مأزق بعد أن جاء على رأس المنتقدين مجلس الشيوخ الأمريكي من خلال السيناتور كار ليفن، والمفوضية الأوروبية من خلال المفوض الأوروبي ميشال بارنييه، وذلك بعد إعلانها وضع 15 دولة من منطقة اليورو، التي تحظى بتصنيف ائتماني مميز بدرجة AAA تحت المراقبة السلبية. وقال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي كار ليفن «إن ستاندرد آند بورز دائماً ما تتخذ قرارات عاجلة، ولم تتعظ من موقفها الفاشل في 2008 بعد أن أعطت تصنيفات كاذبة لأوراق مالية عالية المخاطر، موضحاً أن «هذا التوقيت ليس مناسباً لتخفيض تصنيفات الدول، لأن ذلك هدفه ضرب أسواق المال».
صراعات حادة بين الوكالات واتهم ليفن وكالات التصنيف بخيانة المستثمرين، والإضرار بمصالحهم، خاصة الذين اعتمدوا على تقاريرها، فضلاً عن أن مؤسسات التصنيف اتسمت تعاملاتها بعدم الشفافية خلال الفترة الماضية، وكانت تتقاضى أموالاً من أصحاب الشركات، لمنحهم تصنيفات إيجابية، كما أنه من الممكن أن يكون تصنيف ألمانياوفرنسا ليس AAA، ولكن في الوقت نفسه لن يكون سلبياً»، موضحاً أنه «ستظل هناك مشكلات بين وكالات التصنيف الكبرى، وهي موديز، وفيتش، وستاندرد آند بورز، وكل من البنوك المركزية، وأسواق المال والمنظمين، ومن المتوقع أن تصل إلى صراعات حادة بينهما، خاصة بعد أن أصبحت تلك الوكالات هي المهيمنة على أسواق المال بتقاريرها وتقييماتها». وقال إن «قانون دود فرانك في وول ستريت يسعى حالياً إلى التخلص من تأثيرات تقييمات مؤسسات التصنيف العالمية، بعد أن بدأت بعض البنوك تستغل تقييماتها في أغراض تتعلق بالأصول، من أجل الحصول على تمويلات، وكسب ثقة العملاء».
زعماء أوروبا مستاؤون وأبدى المفوض الأوروبي المكلف بالسوق الداخلية والتعديل المالي ميشال بارنييه استياءه من تقارير وكالات التصنيف العالمية، وطالب بالتخلي عن تصنيفاتها في الظروف الاستثنائية، والأزمات الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي، للحد من سيطرتها على الحالة النفسية للمستثمرين». وطالب بأن «تصبح مؤسسسات التصنيف هيئات تنظيمية، ويفرض عليها رقابة مشددة، وتعيين باحثين ومحللين للتعاون معها، حتى لا يكون هناك صراع ومنافسة غير مشروعة بين تلك الوكالات وبعضها، كما يجب على الشركات أن تغير من المؤسسات التي تحصل على تصنيف منها من وقت إلى آخر»، مضيفاً أن «صندوق النقد الدولي ومجلس الاستقرار المالي الأوروبي والعديد من المنظمين والبنوك المركزية يطالبون بوقف التقييمات خلال الوقت الحالي، كما أن أزمة ديون منطقة اليورو، ليست مبرراً على خفض تصنيف الدول، لأن تلك الوكالات لم تخفض تصنيف سندات تلك الدول، إلا بعد الوقوع في الأزمة». وقالت صحيفة فاينانشال تايمز إن «هناك استياءً كبيراً من بعض المسؤولين في أوروبا وعلى رأسهم جان كلود جونكر رئيس وزراء لوكسمبورج، وكريستيان نوير رئيس بنك فرنسا، وأيوالد نوفوتني محافظ البنك المركزي في النمسا، واتفقوا على أن الإعلان عن تخفيض تصنيف بعض دول اليورو حالياً غير منطقي ويأتي لدوافع سياسية».
وجود فجوة زمنية كبيرة وأوضح رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر هاني توفيق في تصريحات ل»الشرق» أن الجدل واللغط مثار حول مؤسسات التصنيف العالمية منذ الأزمة المالية العالمية، وبالتحديد منذ التوقيت الذي كادت تفلس فيه مجموعة التأمين الأمريكية العملاقة «ايه آي جي»، وكذلك إفلاس بنك ليمان براذرز، فكان تقييمهم قبل أسبوع من الإفلاس إيجابيا، وهذا يعني وجود فجوة زمنية كبيرة جداً بين شركات التقييم العالمية، وبين التطورات السريعة، التي يبدو أنها غير قادرة على متابعتها»، مضيفاً أنه «يجب أن تكون تقييمات تلك الوكالات أكثر دقة وأسرع في الوقت حتى تسبق الأحداث وليس أن تكون تابعة للأحداث».