معهد الصين للدراسات الدولية في بكين يعدّ من «مطابخ» السياسة الخارجية الصينية. تأسس عام 1956 ويتبع وزارة الخارجية الصينية. في المعهد مائة باحث رئيس «متفرغ» مهمتهم مساعدة الخارجية الصينية في فهم القضايا الدولية ورسم سياسات الصين الخارجية. استمعت أمس لشرح مفصل عن المعهد من نائب رئيس المعهد، الذي أكد حرص المعهد على بناء علاقات تعاون مع مراكز الأبحاث المشابهة في دول مجلس التعاون. العلاقات الصينية الخليجية مهمة للصينيين لأسباب كثيرة من أهمها موضوع الطاقة. وما إن بدأنا نتناقش في السياسة حتى طغى الدعم الصيني لبشار الأسد على الحديث. رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في المعهد انبرى للدفاع عن الموقف الصيني. قال «إن بشار الأسد جزء من المشكلة ولابد أن يكون جزءاً من الحل». قلت إن بشار أساس المشكلة ولا حل دون رحيله. الذي أفهمه اليوم أن الصين تقف هذا الموقف المؤسف تجاه ثورة السوريين ليس لأن أحد مبادئ سياستها الخارجية –كما سمعت أمس في معهد الصين للدراسات الدولية– عدم التدخل في شؤون الآخرين. المسألة أكثر تعقيداً. الصين تغازل روسيا سياسياً واقتصادياً لأنها تشعر بحاجتها لحليف قوي في وجه ما تراه «لعبة» أمريكية في مناطق النفوذ الصيني. وخلاف الصين الحالي مع اليابان حول الجزر المختلف عليها، التي أممتها اليابان قبل أيام، أحد الأمثلة الحية على قلق الصين تجاه الموقف الأمريكي. يدرك السياسي الصيني اليوم أن الموقف الصيني من سوريا قد يربك صورة الصين الجديدة لدى أهل الخليج العربي. وسمعت أمس من خبراء السياسة الخارجية الصينية في بكين أنهم فعلاً قلقون على سمعتهم في العالم العربي. فالصين اليوم تنطلق مسرعة نحو بناء اقتصاد ضخم ونحو انفتاح جاد على العالم. وهم جادون في الانفتاح على العالم العربي لما يخدم اقتصادهم، والطاقة لاعب أساس في تشكيله. وفي المقابل، لديهم حساباتهم ومخاوفهم الإقليمية. كل هذا لا يمكن أن يُلغي أن الصين اليوم في «مأزق» أخلاقي وسياسي بسبب دعمها ديكتاتوراً لم يتوانَ في قتل الآلاف من الأبرياء في مدن سوريا وأريافها!