هاجم مسلحون متشددون أمس مقر مديرية أمن شمال سيناء بالصواريخ والأسلحة الآلية في أخطر هجوم من نوعه في سيناء منذ بداية العملية العسكرية التي تشنها القوات المسلحة المصرية لتطهير شبه الجزيرة من البؤر الإرهابية. وأعقب الهجوم اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمسلحين الذين سرعان ما انسحبوا، يأتي ذلك فيما أصيب ثلاثة رجال شرطة مصريين في قتال منفصل في بلدة قرب الشيخ زويد في سيناء، فيما عد الخبير العسكري، نبيل فؤاد، أن حوادث الأمس تكشف تعاظم شوكة الجماعات الجهادية بشكل كبير وتسلحها جيداً. واندلعت الاشتباكات حين هاجم رجال مسلحون مبنى مديرية أمن شمال سيناء في مدينة العريش باستخدام قذائف «آر بي جي» وأسلحة آلية، بحسب مسؤول مصري. وقال مسؤول أمني مصري، تحدث ل»الشرق» شريطة عدم ذكر اسمه، «تمركز المسلحون على أسطح بنايات مواجهة لمبنى مديرية الأمن وأطلقوا ال (آر بي جي) صوب مبنى المديرية لتندلع اشتباكات عنيفة معهم لساعة». وتابع المسؤول، «يبدو أنهم وضعوا جهاز تفجير عند مديرية الأمن قبل إطلاق الآر بي جي». وبدأ الجيش المصري حملة عسكرية لدحر الجماعات المسلحة في شبة جزيرة سيناء بعد هجوم قاتل استهدف نقطة حدودية مصرية وقُتِلَ فيه 16 جندياً مصرياً في 5 أغسطس. وفي حادثٍ منفصل، خلَّف قتال بين مسلحين ورجال أمن في بلدة الشيخ زويد ثلاثة رجال شرطة مصابين، وأوضح مسؤول أمني لوكالة الأنباء الرسمية أن المسلحين هاجموا قسم شرطة الشيخ زويد وأن امرأة وطفلاً أصيبا أيضا في المواجهات التي أعقبت الهجوم. واعتقلت السلطات الأمنية ثمانية مسلحين في بلدة جنوب الشيخ زويد، (12 كيلومتراً من الحدود مع قطاع غزة)، بعد اشتباكات عنيفة استمرت لساعة بين الطرفين. وأشار مسؤول أمني أن الثمانية لهم علاقة بالجماعات المسلحة لكن الأهالي نفوا تلك المزاعم. وقال الشيخ أبو فيصل، من أهالي الشيخ زويد، ل «الشرق» إن الاشتباكات حدثت في منطقة معهد أبو دراع الأزهري، حيث كان هناك انتشار أمني منذ الصباح عبر أرتال من الآليات العسكرية، وتابع، «أعتقد أن المسلحين لهم علاقة بالهجوم على معسكر القوات الدولية قرب الشيخ زويد الجمعة الماضية». وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الجيش المصري إنه قتل 32 من العناصر المسلحة في العملية الجارية في سيناء والتي انطلقت قبل شهر ونصف الشهر. وفي مؤتمر صحفي قبل أسبوعين، قال المتحدث باسم الجيش، أحمد محمد علي، «العملية العسكرية مستمرة حتى تحقيق أهدافها، وهي ليست أهدافاً عسكرية ولكن أيضا هي أهداف تنموية لسيناء». لكن كثيرين من أهالي سيناء يشككون في قدرة العملية العسكرية في ضبط الوضع الأمني في سيناء، وقال أبو فيصل، «العملية العسكرية مجرد عرض إعلامي والسلطات لم تتمكن من الوصول للمسلحين كما أن عدد المقتولين المعلن عنه مبالغ فيه».من جانبه، عد المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، اللواء نبيل فؤاد، أن القوات المسلحة المصرية تخوض حرب عصابات بما تحمله الكلمة من معنى في سيناء تفرضها عليها التنظيمات الجهادية، وأضاف، «هجمات الأمس تكشف أن الجماعات الجهادية تعاظمت شوكتها وأنها منظمة ومسلحة بشكل جيد».وأرجع اللواء فؤاد قوة التنظيمات الجهادية المسلحة إلى إهمال النظام السابق لسيناء ولجوئه إلى خيار التعامل الأمني مع البدو، والقيود الأمنية التي تفرضها اتفاقية السلام على الوجود الأمني في سيناء، وأخيرا انشغال القيادات العسكرية المصرية بالشأن الداخلي لفترة طويلة في أعقاب ثورة 25 يناير.واستفادت التنظيمات الجهادية بشكل كبير من حالة الفراغ الأمني التي أعقبت ثورة يناير عبر تنظيم صفوفها وتسليح نفسها جيداً مستغلة تفكك الجيش الليبي حيث تم تهريب كمية كبيرة من الأسلحة المتطورة من مستودعات أسلحته لسيناء. وتابع اللواء نبيل «الحل في سيناء يتم عبر أربعة محاور، أمني وفكري وتنموي ومجتمعي»، مشدداً، في حديثه ل «الشرق»، أن استخدام المحور الأمني فقط سيفاقم من الأزمة.