إذا كانت ذاكرتي ستمارس معي وفاءها المعتاد، فإنني سأتذكر مشاهد الرجال الواقفين والمصطفين أمام مدخل فرع السيدات لإحدى الشركات المصرفية في صبيا، وهم ينتظرون زوجاتهم أو شقيقاتهم اللواتي يخرجن من الفرع وكأنهنّ كُنَّ في صراع أليم مع الموت من شدة الزحام والفوضى، إضافة إلى أن بعضهن يعدن من غير فائدة تذكر خصوصاً ذوات البنى الجسمانية الأقل، أي (الرشيقات) أي من ذلك النوع غنى فيه مطرب وفنان يمني قديم على تقسيمات صنعانية فاتنة قائلاً «من لمس بعض الأيادي أصبح الخصر ناحل» أعود لحشرة السيدات في ذلك المصرف وكيف تطلب الوضع يومها أن (يداكم) القوامون عليهن في فروع الرجال الثمانية أو التسعة المنتشرة في منطقة تضم حوالي أربعة آلاف مدينة وقرية. وكل واحد منهم يصطحب معه امرأته إلى البنك لتوقّع أو تبصم خلف الشيك ثم تنتظر في الخارج على إحدى الدكات أو في السيارة في عز القيظ. وأعجب العجاب يحدث حين أرى سيدة بكامل حجابها تجلس في ركن قصي في مكتب مدير فرع هذا البنك أو ذاك برفقة زوجها كما تقول الأوراق والسبب طلب تمويل أو قرض، ولهذا يحدث النصب كثيراً على النساء المسكينات، وحتى لو كانت لدى العميلة بطاقة مدنية تزينها صورتها الشخصية فمسؤول البنك لا يرى من صاحبة الهوية شيئاً كي يطابق الواقع على الورق أو العكس، كل ما يبصره في الغالب هو (سواد في سواد)، والهاتف المصرفي من الممكن لأي نصاب أن يحرض امرأة أخرى لتتقمص دور العميلة زوجته أو أخته أو أيّ واحدة ارتضت أن تكون تابعة له، بأمر المجتمع لا أمر الدين كما يصورون، لذا تبدو الحاجة ملحة، بخاصة في المنطقة الجنوبية وجيزان، إلى زيادة واستحداث أقسام خاصة بالنساء في كل فرع بنك لحماية حقوق المرأة وحفظ مالها من أولئك (الكثيرين) الذين أخبرنا القرآن عنهم مؤكدا أنهم يأكلون أموال الناس بالباطل. هناك خلل وهناك (لخبطة).. والسبب ليس في البنوك ولا في النساء، وإنما في الذهنية.. في العقلية التي يجب أن تتغير ليتغير كل شيء! نحن نصدق نبينا الكريم -عليه الصلاة والسلام – حين يقول «النساء شقائق الرجال»، لكننا لا نصدق واقعنا أبداً!.