عبدالهادي الهمداني بعد أيام فقط من انفراد «الشرق» بنشر خبر انتهاء الرئيس عبد ربه منصور هادي من تغيير المنظومة الأمنية الخاصة بالمقرات الرئاسية وإبقاء شقيق صالح فقط مديرا لمكتبه كقائد أعلى للقوات المسلحة والأمن أقال هادي شقيق صالح من مكتبه وعينه سفيرا في وزارة الخارجية ضمن حزمة قرارات اجتث بها آخر مراكز القوى التي كانت مساندة لصالح طيلة فترة حكمه وتربعت على رأس أقوى المؤسسات الأمنية والاستخباراتية في البلاد. وجاءت قرارات الرئيس هادي الأخيرة بعد ساعات من محاولة اغتيال وزير الدفاع اللواء محمد ناجي أحمد بسيارة مفخخة أثناء خروجه من اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي وبالقرب من مقر الحكومة حيث قتل وأصيب 24 شخصا بينهم عدد من مرافقي الوزير، وهذه المحاولة هي السادسة التي تستهدفه ويعلن تنظيم القاعدة عن تبنيها. اجتثاث آخر معاقل صالح اللواء علي الأنسي واجتث الرئيس هادي بقراراته آخر معاقل صالح في مؤسسات الدولة الكبرى حيث أقال رئيس جهاز الاستخبارات «الأمن القومي» اللواء علي محمد الأنسي الذي يشغل أيضا منصب مدير مكتب الرئيس وعين خلفا له الدكتور علي حسن الأحمدي محافظ شبوه السابق وهو شخصية مدنية ليس له علاقة بالعمل الاستخباراتي وكان سفيراً في الكويت قبل أن يكون محافظا لشبوه. وفاجأ هادي الجميع بتعيين الصحفي المعروف نصر طه مصطفى مديرا لمكتبه خلفا للواء الأنسي الذي يملك نفوذا كبيرا في مؤسسة الجيش حيث كان يعين في عهد صالح عدداً من قادة الجيش والأمن من أقاربه وأبناء قبيلته، ونصر طه مصطفى هو نقيب الصحفيين اليمنيين السابق وينتمي لحزب الإصلاح «الإخوان المسلمون» لكنه معروف باعتداله وقبوله للآخر ووطنيته أيضا رغم أنه عمل مع صالح عشرة أعوام وكان الصحفي المدلل للرئيس السابق علي صالح قبل أن ينقلب عليه وينضم للثورة العام الماضي. كما عين هادي سفير اليمن في البحرين علي منصور بن سفاع أمينا عاما لرئاسة الجمهورية بدلا عن عبد الهادي الهمداني أحد أتباع الرئيس صالح الأوفياء وكان يشكل مع الأنسي مركز نفوذ واسع في مؤسسات الرئاسة. اللواء علي صالح الأحمر وأطاحت قرارات الرئيس أيضا برئيس جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء مجاهد غشيم أحد كبار أنصار صالح والذي كان عينه في السنوات الأخيرة لفترة حكمه بعد أن عمل في مكتبه الرئاسي سنوات طويلة. وكان الأنسي والهمداني وشقيق صالح «علي صالح الأحمر» ومجاهد غشيم عقبات رئيسية تقف في وجه هادي وتمنعه من السيطرة على مقاليد إدارة المؤسسات الرئاسية والأمنية والاستخباراتية لكنه بهذه القرارات أنهى وجود صالح بصورة كلية ولم يتبقى سوى نجل صالح في قيادة الحرس الجمهوري ونجل شقيقه في الأمن المركزي ليكون بذلك هادي تخلص من تركة صالح بصورة نهائية وكلية. تعيينات على أساس المحاصصة ولم يغفل هادي المحاصصة الحزبية في قراراته ولكنه حصرها على المناصب المدنية حيث عين الرئيس هادي خمسة محافظين جدد، كان الأول هو محمد حسن دماج محافظاً لمحافظة عمران وينتمي لحزب الإصلاح وجعله في مواجهة تمدد الحوثيين في عمران مسقط رأس زعماء قبيلة حاشد آل الأحمر. المحافظ الثاني هو أحمد علي سالم باحاج محافظاً لمحافظة شبوة بدلا عن الأحمدي الذي تم تعيينه رئيسا لجهاز الاستخبارات وباحاج محسوب على الرئيس هادي إضافة إلى تعيين محمد سالم بن عبود محافظاً لمحافظة الجوف التي يتمدد أيضا فيها الحوثيون والشريف من قيادات حزب الإصلاح وأمين عام تحالف قبائل اليمن وكان ناشطا في ساحة التغيير بصنعاء إبان الثورة. ومنح هادي الرئيس صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام محافظة صنعاء وهي ريف العاصمة صنعاء حيث عين عبد الغني حفظ الله جميل محافظاً لمحافظة صنعاء وهو من كبار المناصرين لصالح . ولم ينسى هادي اللواء علي محسن الأحمر ومنحه محافظة البيضاء التي عين فيها الظاهري أحمد الشدادي محافظاً لمحافظة البيضاء والشدادي من القادة العسكريين المحسوبين على اللواء علي محسن الأحمر وعمل قائداً لأحد ألوية الجيش التابعة لعلي محسن الأحمر. وعرج الرئيس هادي على وزارة النفط التي أطاح فيها أيضا بأنصار علي صالح حيث نقل وزير النفط المهندس هشام شرف إلى وزارة التعليم العالي وعين وزيرا جديدا للنفط ومديرا تنفيذياً لشركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج من خارج دائرة أنصار صالح. قرب الإخوان وحرم الحوثيين ووصف قيادي في المؤتمر الشعبي العام وأحد المقربين من الرئيس السابق علي صالح في تصريح ل»الشرق» القرارات بالمذبحة وقال إنها مرتبكة حيث تم إسناد جهاز الاستخبارات لشخصية لاتملك أي خلفية في العمل الأمني في الوقت الذي تعيش البلاد وضعا أمنيا معقدا يحتاج إلى إدارة مهنية للجهاز. وقال إن هادي أطاح بأنصار المؤتمر الشعبي العام المحسوبين على صالح وقرب منه الإخوان المسلمين وحرم الحوثيين من المناصب وهذا مؤشر على أن المرحلة القادمة ستشهد وقوف هادي إلى جانب الإخوان المسلمين ضد الحوثيين. وأضاف أن هادي بقراراته الأخيرة عزز المخاوف من سعيه إلى تشكيل مركز قوة بتعيين أقاربه ومحسوبين عليه في المناصب الأمنية والعسكرية الحساسة مدللا على ذلك بتعيين رئيس لجهاز المخابرات من المقربين منه وآخر للاستخبارات العسكرية من نفس الدائرة إضافة إلى قرارات في مناصب عسكرية مهمة أيضا لتعزيز قبضته على مفاصل السلطة وهذا حسب رأيه يدحض قول هادي أنه سيغادر السلطة بعد الفترة الانتقالية التي تبقى منها عام ونصف فقط. وقال القيادي في المؤتمر الشعبي العام إن هادي لم يبقي على أحد من كوادر المؤتمر الذين عملوا مع صالح في مؤسسات الرئاسة حتى المسؤول عن «السنترال» أقاله من منصبه وعرض عليه منصب دبلوماسي ليغادر موقعه مسؤولا عن «سنترال» الرئاسة رغم أنه عمل مع الرئيس البيض ومن بعده الرئيس صالح وجاء هادي ليقيله من منصبه مشيرا إلى أن مسؤول «سنترال» الرئاسة فضل العمل مع صالح في مكتبه الحزبي على العمل نائبا في سفارة يمنية بالخارج. ارتياح وسط اليمنيين بدوره قال وزير الأوقاف السابق القاضي حمود الهتار المحسوب على الإخوان المسلمين في تعليق له على القرارات «أتمنى أن يتجاوز تفكير رئيس الجمهورية خارطته الذهنية التي رسمت عقب أحداث13يناير 1986 المؤلمة لكي تشمل قراراته أبناء محافظات الضالع ولحج وعدن وحضرموت والمهرة تجسيدا للوحدة الوطنية في إشارة إلى حصر الرئيس تعييناته للمقربين منه الذين فروا من الجنوب إلى الشمال عام 86 أثناء الحرب بين فصيلي الحزب الاشتراكي بزعامة علي سالم البيض وعلي ناصر محمد وكان هادي من جماعة علي ناصر الذي غادر إلى صنعاء قبل الوحدة برفقة عدد كبير من أنصاره ليتولى قيادتهم بعده حينها هادي. وقوبلت قرارات هادي بارتياح واسع في أوساط اليمنيين مع بعض التحفظات البسيطة غير أن غالبية اليمنيين اعتبروا الإطاحة بأتباع صالح مكسبا جديدا مهما كانت توجهات المعينين خلفاء لهم. وسير شباب ساحة التغيير تظاهرة حاشدة صباح أمس لمساندة قرارات الرئيس هادي وتحركت المسيرة إلى جوار ومنزل الرئيس وردد المشاركون فيها هتافات مؤيدة للرئيس وقراراته الأخيرة. مسيرة مؤيدة لقرارات الرئيس هادي أمس في صنعاء (الشرق)