في نهاية العقد الماضي من القرن الحالي شهد العالم ثورة تكنولوجية هائلة غيّرت مجرى الاتصال بين البشر. ومع بداية العقد الثاني أضحت وسائل الاتصال منتشرة بشكل كبير بين أفراد المجتمعات كافة حول العالم، بل وأصبح الفرد يمتلك لديه أكثر من جهاز ذكي نقل له المعلومة والخبر في أقل من دقيقة. الحياة الرقمية وأقصد بها كل ما يتعلق باستخدام الأجهزة الذكية من هواتف محمولة ولوحية أو حاسوبية للتواصل أو العمل وغير ذلك، أصبحت أمراً حتمياً للإنسان اليوم، بل وأضحت حقاً من حقون الإنسان كما هو الحال في فيلندا التي جعلت للمواطن الفيلندي الحق في استخدام الإنترنت بسرعة (1) ميجابايت مع الحصول على سرعة تصل مائة ميجابايت بحلول عام 2015. إذاً نحن أمام ثورة معلوماتية في الأيام المقبلة تتطلب مرحلة توظيف هذه التقنية بما يتواكب مع متطلبات الحياة الحديثة وتسخيرها للتيسير على المواطنين في المجتمعات العربية بشكل عام والسعودي بشكل خاص. يعدّ الإنترنت من أكثر وسائل الاتصال الجماهيري استخداماً في المملكة العربية السعودية، حيث أصبح الاشتراك في الخدمة في تصاعد مستمر، إذ بلغ عدد المستخدمين أكثر من 14 مليون مستخدم في المملكة بحسب تقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الصادر في يونيو من العام الحالي. وتبرز الشبكات الاجتماعية كوجهة أولية للمستخدمين، إذ تشير دراسة قامت بها شركة «أومنيكوم جروب» المتخصّصة في التسويق إلى أن 86% ممن شملهم الاستطلاع في السعودية يمثل الفيسبوك الوجهة الأولى لهم على الإنترنت. بينما تحدث ديك كوستولو المدير التنفيذي لموقع تويتر، في حديث لصحيفة لوس أنجيلوس تايمز الأمريكية، إلى أن السعودية من أسرع المناطق نمواً في استخدام تويتر في الشرق الأوسط، وبمعدل تجاوز 3000%. وذكر ألفونسو دي جيتانو مدير شركة جوجل في منطقة الخليج، أن عدد مشاهدات اليوتيوب في المملكة العربية السعودية وصل إلى تسعين مليون مُشاهدة في اليوم الواحد، ولدى المستخدمين السعوديين عدد هائل من القنوات الشخصية على الموقع، لمشاركة المقاطع المتنوعة. لابد من الإشارة إلى أن كل هذه المؤثرات في التغير الاستهلاكي والمعرفي لاستخدامات الشبكات الاجتماعية أتت بوجود عوامل أخرى سهلت الاتجاه إلى الإنترنت كوسيلة إعلام مؤثرة. يتميز المجتمع السعودي بأنه مجتمع فتي وشاب، إذ تبلغ نسبة الفئة العمرية التي بين (15-18 سنة) 43% من إجمالي السكان قياساً بإحصاءات التعداد السكاني الأخير. إضافة إلى ذلك ابتكارات أجهزة التواصل من هواتف ذكية وأجهزة لوحية أسهمت بالفعل في تغيير السلوك الفردي للإنترنت بشكل عام والشبكات الاجتماعية بشكل خاص، لما توفره من خصوصية الاستخدام والوصول السريع للخدمة في أي مكان وزمان. علاوة على ذلك، وجدت هذه الابتكارات قبولاً ورواجاً بشكل كبير بين أفراد المجتمع داخل المملكة، إذ بلغت نسبة انتشار أجهزة الآيفون والبلاكبيري وغيرها من الهواتف الذكية نسبة 60% وهي نسبة تشبع لم تحدث مع تقنية سابقة. وكشفت دراسة حديثة أن السعوديين أكثر مستخدمي الهواتف النقالة على مستوى العالم، وأن ذلك منتشر بشكل كبير بين المراهقين والأطفال الذين تصل أعمارهم إلى تسع سنوات، والذين هم الأكثر ولعاً بهذه الأجهزة، حيث تمتلك غالبية هذه الفئات جهازي هاتف نقال: هاتف قديم وهاتف جديد يكون مواكباً للموضة. ستقود هذه الموجة من الحياة الرقمية داخل المجتمع إلى تحولات سواء في الجانب المعرفي أو الثقافي أو التربوي، على اعتبار أنها ستمثل ركيزة أساسية في عملية البحث وتبادل المعرفة والسلوكيات بين المستخدمين. إذاً يتطلب الوضع توظيف تقنية الإنترنت بما يساعد على تسهيل الأمور الحياتية من قِبل الأجهزة والإدارات الحكومية. إذ أصبحت المعرفة الرقمية في تزايد داخل المجتمع، ويتطلب الوضع الاهتمام بشكل أكبر لمواكبة الثورة التقنية والاستفادة منها بما يساعد على تيسير أمور الحياة للأفراد داخل المجتمع.