قبيل العيد أدلى الدكتور عبدالرحمن العناد، عضو مجلس الشورى، بتصريح إلى هذه الصحيفة، أفاد فيه أن نظام الجمعيات الأهلية، الذي أنجزه مجلس الشورى نهاية 2007 م، ورفع إلى مجلس الوزراء لإقراره في يناير 2008 م، سيتم إصداره قريبا، مبررا عدم منح وزارة الشؤون الاجتماعية تراخيص جديدة لمنظمات أهلية تقدمت بطلباتها في أوقات مختلفة، بمعرفة الوزارة بقرب صدور النظام، الذي سيلغي دروها الذي كانت تمارسه في السابق في تقرير مصير هذه التراخيص، حيث إن المادة السادسة من مشروع هذا النظام تعطي صلاحية إصدار التراخيص إلى “الهيئة الوطنية للجمعيات والمؤسسات الأهلية” التي سيتم الإعلان عن تشكيلها حين صدور النظام. وحين تتمعن في تفاصيل الخبر، تواجهك بعض الاستفسارات المرتبطة بالممارسات السابقة لوزارة الشؤون الاجتماعية، ذلك أن هناك طلبات للإشهار عن جمعيات مدنية أهلية قُدمت للوزارة قبل وبعد هذا التاريخ، ولم تبت فيها حتى الآن. لذا من غير الواضح إن كان هذا هو السبب، أم أن هناك أسباباً أخرى غير معروفة أعاقت البت في تلك الطلبات القديمة والحديثة؟ لذلك فقد لا تكون الوزارة على علم بقرب صدور النظام. أما معلومة الدكتور العناد التي اعتمد عليها فيما أفاد به، فهي ليست استنتاجا، وإنما استقاها من مصادر على دراية كبيرة بتفاصيل الخبر، وصدور النظام قريبا. لقد استبشر كثيرٌ من المهتمين بالشأن العام وناشطون في مجالاته المختلفة، خاصة الحقوقية منها بما قاله الدكتور العناد، وهو ما ظهر في عدد من التصريحات والمقالات الصحفية التي رحبت وأثنت على هذا الخبر، وعلى أهمية هذا النظام، الذي سيشكل حين صدوره خطوة هامة في مسيرة العمل المدني والأهلي في بلادنا، التي عرفت أشكالا مختلفة من النشاط المدني منذ بدايتها الأولى، خاصة في مدن الحجاز، التي تميزت بتقدمها عن بقية مناطق المملكة في هذا المجال. ولكن الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية – التي أخذت مسارا مختلفا – لم تتح لهذا النوع من النشاط أن يتقدم، ويحتل المكانة التي بلغها في دول أخرى، بما في ذلك بعض دول مجلس التعاون. وها نحن الآن أمسينا في أمسِّ الحاجة لوجود هذا النظام في تشريعاتنا الوطنية، حيث إن التطور الذي بلغه الوطن يقتضي توفر الشرعية والعلنية في جميع أنشطة منظمات المجتمع المدني، فبدونهما لا يستقيم لأي مجتمع عصري تحقيق التقدم، وبلوغ الشفافية المطلوبة للتخلص من الفساد، ومكافحة الفاسدين الذين يجدون في غياب مثل هذه التشريعات فرصتهم للعبث بحقوق الناس والالتفاف عنها. إن نجاح عمل منظمات المجتمع المدني يعتمد على مجموعة من الأسس، تأتي في مقدمتها حرية عملها واستقلاليتها عن الأجهزة الحكومية.