لا أنانية مماثلة لحال الشوق، فهوحين يجيء لايعرف الشراكة ولا يطرق الأبواب مقدماً الولاء، باحثاً عن قلب، ملتفعاً، لأن الأنانية سمته، ويلتفع برائحة خاصة لامثيل لها. هو اللحظة التي تبقى وإن دارت الأيام متطاولاً على تقلبات الطقس وإعمار الناس وتبدل أوضاعهم. كل شيء عرضة للتغيير سواه، فهو حبر سري لاتغتاله الأوراق ولا يطاله الإهمال؟ أتعلمين أن العشق ليس شرياناً تجتاحه الأمراض، ليس نظرة ترهقها الأيام، ليس حلماً تنتهكه الخيبات. هو الوجود الحقيقي حين تلتبس الأشكال، والهوية الثابتة إن أربك الإنسان الشتات. وفصيلة الدم غير القابلة للمنح، لأنه لايقبل القسمة ولايعيش مع التعدد؟ أتعلمين أن القلب حين يغير مسكنه يفقد هويته وطعمه ورائحته ويصبح قابلاً للزراعة، وماكينة ضخ بلهاء تناقلها الأجساد؟ أتعلمين أن الحب لايكون رخياً، ولايعيش في الأجواء الآمنة، كأنه مولود حرب لايدرك مدى صلابته إلا في حال كثرة الصدامات والصراعات؟ أتعلمين أن الحب لا يورق ولا يزهر، لأنه حال ثابتة فإن مر بمدارج النمو غدا كائناً قابلاً للموت فما يكبر لابد أن يصغر، وكل ما ينمو لابد أن يتبدل ويتغير وهي حال خيانة وانتقال؟ أتعلمين أن حيوية الحب هي في الخيبات والانتكاسات والإحباط والفشل كأنه يتغذى عليها امتحاناً لحقيقة وجوده ومعنى حقيقته؟ أتعلمين أن الحب إذ طاف القلوب أضحى جمعية خيرية أو نزعة شهوانية فهو الفرادة الأصيلة في الكون، وأنه إن مات فهو لم يوجد أصلاً وإنما مر طيفه عبورا؟ أتعلمين أن ما يكتسب عرضة للفقد، ومايأتي صدفة لايعرف الاستقرار، وأن عشق السنوات وتبدلاتها حالة بحث عن مفقود يغيب أكثر مما يحضر ويتلون دون أن يتحقق كما هو قوس قزح؟ أتعلمين أن الكتابة الأولى هي الأخيرة وأن حبك هو ذلك الوجود الذي أمر به ويسكنني؟