الحروق والقروح تترك على أجسادنا أثرا يبقى،عندما نمعن فيها النظر تذكرنا إما عثرة أو جمرة أو خدش آلة حادة، ولن تترك النسمات الهانئة، والغيمات المسافرة، وقطرات المطر ذلك الأثر الذي تركته الحروق والجروح، لن يبقى في خريطة أجسادنا ويسمها سوى بقايا من ألم. وهكذا الحياة لا تستدعي في الغالب مع من جمعنا بهم المصير وعركتنا معهم في رحاها الحياة من أزواج أو أقارب أو جيران أو زملاء عمل سوى ذكريات من وجع حلت ولم تغادر، أما تلك النسمات الحانية والنفحات الندية فتذهب، لامستنا وأسعدتنا، ثم غادرتنا سريعا بلا أثر. وعندما تتقدم السنون بزوجين عتيقين فإن مساحة الذكريات الجميلة تضيق وتضيق، لتحتفظ ببعض من كلمات جارحة قديمة أو شتائم تليدة أو إهانات لم تأب الذاكرة أن تنساها فتركت ندوبا أبت أن تمحى، عندها لا نجد غرابة أن هذين الزوجين يغلب على حياتهما الشجار وعدم الاستقرار، لا لشيء إلا أن ندوبا وآثار حروق بقيت على صفحة الذكريات، وكثيرا من الضحكات ولحظات السعادة وصخب المرح ولى دون أن يغرس على الأطلال رسما يستهل به قصيدة غزل. لماذا كل ما تطوينا عقود الزمن تزيد خيوط التجاعيد؟، وتحفر في وجوهنا مزيدا من دروب العبوس والتقطيب؟، إلا أننا نجحنا في أن ننظر بحسرة في الندوب وآثار الجروح العتيقة، وفشلنا في أن نغسلها بنسمات سعادة ولت، وتفاؤل على مشارف صباحات مقبلة، ما أجمل أن نصبغ حياتنا بالصفح الجميل ونسيان الاستياء.